عندما كنت في المدرسة، وتحديدا في المتوسطة والثانوية، كان أكثر ما كرهته فيها ثلاثة زملاء او أربعة. حقدت عليهم. وأحسست بصواب ما أحمله من مشاعر عندما وجدت ان ثلاثة ارباع الفصل هم مثلي تجاههم. لم يكن سبب الكره هو سوء أخلاقهم، ولا سيء منبتهم، ولا كسلهم. بل العكس تماما. كرهناهم، فقط،لأنهمالمتفوقون علينا. هم في المراتب الأولى دوما. ونحن في المراتب الأخيرة.
كرهنا هو حسد وغيرة وضعف. فنحن أضعف من أن نجتهد مثلهم. ان نتعلم مثلهم. أن نرتقي بفكرنا مثلهم. نريد ان ننجح دون عناء. وان نصبح القادة دون عناء. وأن نكون في المراكز الأولى دون عناء.
هو الوضع ذاته يتكرر اليوم بيننا نحن العالم العربي وإيران. لسنا نكرهها من أجل تشيعها، فقد كانت كذلك منذ مئات السنين. لم نكرهها أيام الشاه وقد كانت في ذروة التشيع. لكننا اليوم نفعل لأنها بكل بساطة تتفوق علينا في كل شيء، من الطب، إلى علوم الفضاء والتكنولوجيا والاقتصاد. نحن نكرهها لأنها كشفت لنا، وأمام انفسنا، كم نحن ضعفاء وعجزة.
وعوضا عن ان تدب فينا حماسة الإرتقاء.. نعاديها، نكرهها، كما هو حالي عندما كرهت زملائي المتفوقين. غذى كرهنا لإيران ان الغرب يكرهها أيضا. فقط لأنها شقت عصا الطاعة على هذا الغرب الذي هو اليوم يحتضر، فيما نحن ما نزال نراه القادر على كل قادر.
التجأنا الى الغرب الضعيف. اعتقدنا انه حامينا. وأنه قدوتنا. لكننا مخطئون. فما يحمينا هو اعتمادنا على أنفسنا، وعقلنا وتاريخنا، لا أمريكا ولا روسيا ولا العالم كله. وهذا ما فعلته إيران، وما لم نفعله نحن.
حقدنا أعمانا عن رؤية الدرك الأسفل الذي بلغناه. فيما هي تتقدم كل يوم.
في الأبحاث العلمية هي من العشرة الأول على مستوى العالم. في مجال الفضاء، هي على المستوى ذاته. في الفيزياء والذرة، هي من الخمسة الأوائل لا العشرة. حتى في الطب، والإقتصاد والتقنية. مضت سنوات على حصارها الاقتصادي، وما تزال صامدة. أما نحن، فلو منع عنا القمح الأمريكي، والرز البسمتي الهندي، لشهر واحد فقط، لمتنا جوعا.
لست أقول ان سياسة إيران الخارجية نبيلة. لكن من قال إننا بالنبل ذاته؟
هي تسعى لمصالحها، وهكذا نفعل نحن، وأمريكا، وإسرائيل، وكل العالم.
الحكمة تكمن في ان نتعلم من تفوقها. ان تحرك فينا دماء المنافسة، وغيرة النجاح، لا دماء الحقد والحسد.
نقول عن أهلها هم الفرس الخونة وعملاء الملالي. حسن، كلمة فرس ليست عيبا، ولا صفة سيئة على أية حال. فالصحابي الجليل سلمان رضي الله عنه، كان يلقب بالفارسي ومات كذلك، ولم يعب عليه الرسول عليه السلام ولا الصحابة. أماالملالي فقد وجدتهم أكثر تعقلا، سيما في مسألة الطائفية، مقارنة بالكثير من شيوخنا نحن.
مرة ثانية أقول، ليست ايران بريئة مما يصيب المنطقة. ولها نوايا سيئة وحسنة، كما هو حال كل الدول بما فيها نحن. وإن كنا قد جعلناها اليوم عدوتنا الأولى، فالأولى ان نكون المنافسين لها فيما تفوقت به علينا، أن نكون من يحاول منافستها فيما بلغته. ذلك أفضل من أن نشتمها ونلعنها، إرضاء للغرب وأمريكا، وإرضاء لسذاجة عجزناوقلة حيلتنا.

[email protected]