خلال الدورتين الماضيتين كان عادل عبد المهدي واياد علاوي المنافسين التقليديين لنوري المالكي وقبله ابراهيم الجعفري، على رئاسة الحكومة، بينما، لن تكون الدورة المقبلة كذلك، هناك اسماء أخرى ومرشحون جدد.
سوف يحاول علاوي العودة لمشهد التنافس مجددا، هو يتحرك باتجاهات متعددة لكسب ثقة إيران، وبات على علاقة ايجابية ووثيقة بخصومه الشيعة السابقين وتحديدا التيار الصدري، فعلاقته مع مقتدى الصدر انتقلت من عداء الى صداقة. الا أن ذلك لا يكفي، لا يوجد أي مؤشر على ان المجلس الاعلى والتيار سيدعمانه، العلاقة الايجابية لا تعني الموافقة على الترشيح، خصوصا ان تحالفه مع السعودية يقلل من فرصة مقبوليته شيعيا، كما ان وضعه الانتخابي هو الاسوأ منذ أول انتخابات.
عادل عبد المهدي غائب تماما عن المشهد، نائب رئيس جمهورية مستقيل، وحتى داخل المجلس الاعلى لا يملك ذات المكانة التي كان عليها قبل سنوات. صحيح ان الترشيح لرئاسة الوزارة قد يحصل في فترة قياسية، وأن عبد المهدي ربما اختار الابتعاد عن الاضواء تمهيدا للعودة اليها، لكن المؤشرات لا تنم عن ذات المنافس القوي الذي عرفته اجواء الائتلاف الشيعي سابقا.
في خضم التنافس الراهن، واستعراض الاسماء المتوقع ان تكون حاضرة بقوة في سباق رئاسة الحكومة بعد ان تضع الانتخابات النيابية اوزارها، تتداول الاوساط الاعلامية والسياسية من هم أوفر حظاً. وفي المقدمة يبرز باقر جبر الزبيدي كورقة بديلة عن عادل المهدي داخل كتلة المواطن والمجلس الاعلى، ويتحدث البعض عنه باعتباره رجلا قويا نجح في وزارة المالية. الا ان امام الزبيدي ثلاث مشكلات، الاولى ان علاقاته ببقية القوى ليست عميقة بما يكفي لان يكون خيارا لها، والثانية ان فترته في وزارة الداخلية تثير تحفظ أو رفض الكثير من السياسيين السنة، أما الثالثة فهي ان عمار الحكيم لا يبدو راغبا بدعم أحد رموز الحرس القديم في تكتله السياسي، وتقول بعض المعلومات بانه يريد ان يبرز الوجوه الشابة الموالية له.
ويعود أحمد الجلبي هذه المرة للواجهة، سياسيون يتحدثون عنه كأحد مرشحي التسوية، فهو ضمن قائمة الحكيم الانتخابية، وقريب منذ بدايات العملية السياسية على الصدريين، ولا يتوقع ان يواجه رفضا من قبل الكردستاني. علاقاته المتوترة بالإدارة الامريكية بسبب تقاربه سابقا مع إيران، لم تعد كذلك. العقبة الرئيسية والحقيقية امام الجلبي هي انه برغم كونه أحد رعاة الطائفية فهو ليس ضمن تيار الاسلام السياسي، وإذا نجح بالحصول على منصب رئاسة الحكومة فمن المرجح ان يغير اتجاهاتها عندما يشعر بالقوة الكافية للقيام بذلك، وهذا خط احمر بالنسبة للتيار الديني.
كما يتداول البعض اسم جعفر الصدر، الشخصية العراقية الوحيدة التي استقالت من مجلس النواب بعد تظاهرات الخامس والعشرين من شباط. الحديث عنه حتى الان، مجرد تمنيات، تمنيات من قبل مثقفين عراقيين كحل وسط بين العلمانية والاسلام السياسي ويمتاز بانه ابن محمد باقر الصدر ما يجعل منه قبولا في مجتمع يقوم على quot;المواريثquot; القبلية. لكن من غير المتوقع ان يحظى بدعم القوى الشيعية عدا التيار الصدري، فضلا عن الشكوك في قدرته على ادارة منصب رئاسة الوزراء.
أطراف دولة القانون ترفض الحديث عن بديل للمالكي من داخل القائمة، الا ان حسين الشهرستاني اسم يطرح في حال أخفق المالكي بالحصول على دورة ثالثة، لأنه الزعيم الثاني لائتلاف دولة القانون، والشخصية الثانية في الحكومة... العلاقة السيئة بإقليم كردستان العقبة الرئيسية امامه، ما يجعل حظوظه محدودة، فالفيتو الكردي مؤثر جدا. ورغم ما يقال عن كفاءة الشهرستاني في ادارة ملف النفط وادارة منصب نائب رئيس الوزراء، الا انه يواجه علامات استفهام حول قدرته على كسب الحلفاء السياسيين.
علي الاديب، وهو أهم شخصيات حزب الدعوة الى وقت قريب، ويعد المنافس الرئيسي للمالكي داخل تنظيمات الحزب في الوقت الراهن، اسم اخر. لكن هل سيحظى بما فشل في الحصول عليه قبل ثمانية أعوام عندما طرح الى جانب المالكي كمرشح تسوية وتحفظت عليه اطراف عدة؟ لا يبدو الامر كذلك، خصوصا وان علاقاته بالآخرين باردة او متوترة، وادارته لوزارة التعليم العالي اتهمت بالطائفية.
اسم ثالث من داخل الدعوة يقدم كمرشح تسوية يملك حظوة لدى المالكي وخصومه، طارق نجم عبد الله، القيادي في حزب الدعوة، ومدير مكتب رئيس مجلس الوزراء في الدورة الماضية، وذو علاقات جيدة بالإيرانيين والاتراك والغرب بل وحتى ببعض البلدان الخليجية، لا يبدو اسمه رقما على مستوى المعادلة الداخلية، لكنه يمثل خيارا بالنسبة للباحثين عن تسوية ترضي الجميع... ما يعاني منه طارق نجم انه يشبه رجال المخابرات، شخص بلا حضور اعلامي، واسم لا يتداول كثيرا، وغير مرشح للانتخابات النيابية.
هذه الشخصيات حتى الان أهم ما يطرح في الوقت الراهن، الجلبي الاوفر حظاً من خارج دولة القانون، وطارق نجم الاكثر قربا للتسوية من داخلها. بالطبع ان الوقت ما يزال مبكرا على الحديث القاطع عن كونهم المرشحين الوحيدين، فمنصب رئاسة الوزراء قد يشهد ظهور مرشح مفاجئ. غير ان المعطيات الراهنة تقتصر على هؤلاء، وكل شيء رهن بنتائج الانتخابات واتجاهات التحالفات والمواقف الخارجية، وبخلق فضاء يقنع المالكي بان الحصول على رئاسة الوزراء ضرب من المستحيل.