الشعب الكردي من أكثر الشعوب التي أجحفت بحقه المجتمعات والأنظمة الحاكمة والمنظمات الدولية والأقليمية، فهو شعبٌ عريق ذو حضارة غارقة في القدم وهو من أقدم الشعوب التي سكنت منطقة ميزبوتاميا، ولكن مع الأسف أن هذا الشعب حُرم من حقوقه ومُنعت عنه حُرياته، حيث أنقسمت أرضه بين أربعة دول نتيجة إتفاقيات إستعمارية والتي وزعت تركة الدولة العثمانية ( إتفاقية سايكس وبيكو بعد الحرب العالمية الأولى )، حيث كان الشعب الكردي مثل بقية شعوب المنطقة محتلة من قبل الدولة العثمانية حوالي 600 سنة بأسم الدين والتي أرتكبت الكثير من المجازر بحق شعوب هذه المناطق، فكان الأنقسام والذي وضع الشعب الكردي تحت رحمة أربعة دول وهي ( سوريا - العراق - إيران وتركيا )، وهذه الدول أجحفت بحق الشعب الكردي وحرمته من كل حقوقه المدنية والسياسية والثقافية وحتى كان محروم عليه التحدث بلغته فأجبر على التحدث والتعلم وحتى التفكير بلغة الغير وزُج به في السجن بدون محاكمة وأعتقل حتى وصل الأمر بالحكومات في هذه الدول بإعدام الكثير من الكرد المناضلين من أجل القضية الكردية.

لقد ناضل وعمل الكرد في كل قسم من أجل نيل حرياته المهضومة و حقوقه المهدورة، وبعد فترة حصل الكرد على قسم من هذه الحقوق في القسم العراقي بعد نضال طويل وقدموا الكثير من الشهداء، وكان لهم الحكم الذاتي، في الحين مازال أخوانهم في الأقسام الأخرى يترنحون تحت الإحتلال.

بعد أن أجتاحت المناطق العربية مايسمى بالربيع العربي والذي يُسميه الكثيرون الشتاء العربي، لأنه جلب الدمار والخراب والويل وتدمير البنية التحتية للمجتمعات التي أجتاحته، وخير مثال على ذلك مايحصل في ليبيا واليمن ومصر، والدولة السورية من هذه الدول التي أجتاحتها هذه الموجة، ومضى على ذلك ثلاث السنوات وهي تدخل عامها الرابع، ومنذ البداية تدخلت الدول الأقليمية والقوى العالمية في الشأن السوري، فمنهم من بدأ ومازال يدعم المعارضة بكل أصنافها بالسلاح والمال، والأخر يساند الحكومة، فالقتال دائر على الساحة السورية، حيث أصبح الصراع في سوريا صراع المصالح وصراع الإيديولوجيات وصراع القوى الكبرى على الأرض السورية والنتيجة كان إضعاف الدولة السورية وتدمير مؤسساتها وعلى رأسها العسكرية، وتسببت هذه الحرب في قتل أكثر من 150 ألف شخص، وليس هذا فقط فلم يبقى لص ولاقاطع طريق وخريج السجون وخارج عن القانون إلا وقد أتى إلى سوريا بهدف الجهاد، ( ولاأدري، هل يكون الجهاد بنحر السوري ونهب ماله وحلاله وتدمير منزله؟)، وبتحريض وبتمويل بأموال البعض من الدول وللأسف أغلبها عربية، والغريب في الأمر أن هذه المجاميع وما أكثرها، فمنها جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام والجبهة الإسلامية ولواء الأحرار والجيش الحر و....و... إلخ من تلك الجماعات المرتزقة، هذه المجاميع ومنذ فترة توجهمدافعها ورصاصها نحو الشعب الكردي وكأن القيادة السورية تجلس في المناطق الكردية، هذه المجاميع تهدد الكرد وتنهب ماله وتحلل دمه وتنعت الكرد بالكفروالألحاد، فما كان من الشعب الكردي في سوريا وبتعاون مع الشعوب الأخرى في المنطقة من العرب والسريان والأشور إلا أن ينظموا أنفسهم فشكلوا قوات الحماية الشعبية من أجل حماية أنفسهم وممتلكاتهم من هؤلاء الدخلاء.

أن الشعب الكردي في سوريا قد تأمل من أخوتهم في كردستان العراق أن يؤازروهم ويساندوهم ولو معنوياً في محنتهم، ولكن مع الأسف نرى بأن حكومة أقليم كردستان تغلق الحدود بوجه الكرد في سوريا وليس هذا فقط ففي الأيام الأخيرة بدأت بحفر خندق على طول الحدود وبناء الساتر الترابي بين الكرد في سوريا وبين أخوانهم في كردستان العراق، فما كان من الشعب الكردي إلا أن يستنكر هذا العمل من قبل حكومة أقليم معبراً عن رفضهم لهذا الخندق من خلال المظاهرات الإحتجاجية ولكن قابلت القوات الكردية هذه المظاهرات بأن وجهت إليهم أفواه بنادقهم حتى أن البعض منهم مدوا أياديهم وصفعوا النساء والأطفال، هذا ليس بالعمل الأول الذي تبرهن فيه حكومة الأقليم عن عدم أهتمامها بالحق الكردي في سوريا، حيث أن الكثير من قيادات الأحزاب الكردية السورية وبمجرد ظهور بوادر المشاكل في المناطق الكردية بدؤوا بالهروب إلى كردستان العراق مع عوائلهم وسكنوا فنادق الخمس نجوم تاركين الشعب الكردي لوحده في مواجهة تلك المجاميع الظلامية ومن هناك يدلون بتصريحات ضد بعض القوى الكردية التي لم تبارح مكانها وتدافع عن الكرد وأرضه وتقدم الشهداء، هؤلاء الذين تركوا الشعب لوحده يعتبرون أنفسهم ممثلين عن الكرد فنقول لهم ليس القائد الذي يهرب ويترك الشعب في وجه الإرهابيين، وممثل الشعب يكون في المقدمة وهو أول من يضحي وأخر من يستفيد ياسادة، وليس هو الذي يهرب مع عائلته ويسكن الفنادق ويعيش في النعيم في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الحرمان وعدم الأمان وعدم الإستقرار.

ومايحز في النفس أن القيادة في أقليم كردستان العراق تحضن هؤلاء وقد نست وبالأحرى قد تناست بأنهم قد ناضلوا ولم يفروا من وطنهم حتى نالوا حقوقهم وحرياتهم، فالحكومة في كردستان العراق تلعب الدور الأساسي في أحداث الشرخ في الصف الكردي في سوريا وتحرض بعضهم على البعض، وهناك الكثير من المحلليين السياسين يعتقدون بأن العمل الأخير الذي أقدمت عليه حكومة الأقليم في حفر الفندق كان نتيجة الإتفاقيات والزيارات التي قام بها رئيس الأقليم ويقوم بها رئيس حكومته نجيرفان البرزاني إلى الدولة التركية، هذه الدولة المعروفة بعدائها للشعب الكردي وبهضمها للحقوق الكردية وبوقوفها ضد أي حقوق للشعب الكردي وفي أي منطقة من العالم، وسجنت القائد الكردي أوجلان في السجن الإنفرادي في جزيرة إمرالي فكان الأحرى بالسيد برزاني أن يطلب من القيادة التركية أن تمنح الشعب الكردي في تركيا حقوقه وحرياته وتطلق سراح القائد أوجلان.

فنقول الكرد شعب جار عليه الزمان والإنسان معاً، فتلقى الظلم والإضطهاد من قبل الأخرين في جميع الأماكن التي يقطنها، هذا الشعب الذي يتجاوزعدده ال 35 مليوم نسمة والذي يجمعه العوامل التي تأهله إلى أن تُقام له دولته المستقلة، ويمارس حقوقه وحرياته على أرضه التاريخية، إلا إن الدول التي تحتل أرضه لاتعترف بهذا الحق، وتحارب وتزج بالسجون كل من يطالب بهذا الحق، ويمارس ضد هذا الشعب كل الوسائل القمعية واللإنسانية ليس لشئ وإنما لأنه يطالب أن يعيش وينعم بحريته في ظل الدولة الخاصة به على أرضه التاريخية التي تم تقسيمها بين عدة الدول كما يعيش غيره من أبناء جلدته من البشر.

[email protected]