في واحدة من عجائب الزمن العجيب الذي نعيش، و في فلتة من فلتات التصرفات السياسية غير المسؤولة و لا المعقولة، وفي ظروف داخلية و إقليمية و دولية هي الغاية و القمة في الدقة و التعقيد، تقدم النائب البرلماني الكويتي و الزميل السيد نبيل نوري الفضل بإقتراح غريب و مثير لكل عوامل الدهشة و التعجب داعيا الحكومة الكويتية من خلاله لتخصيص معسكر صحراوي معزول يتم إختياره في المناطق الحدودية الكويتية وعلى غرار معسكر رفحاء السعودي الذي كان مخصصا للاجئين العراقيين عام 1991 ليكون مكانا و مستودعا لجماعات غير محددي الجنسية ( البدون ) من المخالفين و الخارجين على القانون و الذين يدخلون في مواجهات و إشتباكات مع رجال الشرطة و الأمن في الكويت و بعض هؤلاء الشرطة و يالسخرية الأقدار من ( البدون ) أيضا...!!؟ طبعا إقتراح النائب نبيل الفضل الذي لايمكن وصفه في ظل المعايير الكونية السائدة إلا بالعنصري بل و المتطرف في عنصريته لايعني أبدا بأن الحكومة الكويتية المعروفة بعقلانيتها و المتمسكة تأكيدا بالرؤية الأميرية الإنسانية الراقية و بتوجهات أمير دولة الكويت و القطب الكبير اللامع في الدبلوماسية الدولية الشيخ صباح الأحمد تتبنى ذلك الإقتراح أو أنها ستعمل على تنفيذه و إخراجه لنور الحياة!!، فذلك من رابع المستحيلات لأن السيادة الوطنية لا تعني أبدا عدم الإلتزام بالمواثيق و المعاهدات الدولية أو اللجوء للتطرف في الأحكام و المعاملات في زمن العولمة و القرية الكونية، الكويت و عبر تاريخها القديم و الحديث لم تلجأ ابدا لإجراءات إنتقامية وعنصرية كما فعل الغرب ذاته في الحرب العالمية الثانية عبر معسكرات الإعتقال و الموت النازية التي كانت مخصصة لليهود و معسكرات العمل و الإعتقال الشيوعية في زمن ستالين أو لجوء الولايات المتحدة لإحتجاز المواطنين من أصل ياباني خلال الحرب الكونية الثانية!!، فذلك أبعد مايكون عن رؤية و منهج القيادة الكويتية الحكيمة المسؤولة و التي تقود الكويت بتؤدة و تبصر و حكمة و بعيدا عن العقلية الإنتقامية، و إقتراح نبيل الفضل فيما لو تم تنفيذه و أخذه بنظر الإعتبار و هذا امر بعيد بعد ( الوفرة عن خط عبدلي ) كما يقول الفنان عبد الحسين عبد الرضا سيؤدي لكاؤثة حقوقية و إنسانية شنيعة لن تتحمل الكويت تبعاتها و أوزارها و مشاكلها مطلقا و ستكون لها نتائج وخيمة على سمعة الدولة و الشعب الكويتي الحريص كل الحرص على إيمانه و توحيده و المعروف بعطائه السخي و تواصله مع المظلومين في العالم، و الساعي بجد مع المنظومة الكونية لإيجاد عالم أفضل و أنقى بعيدا عن الحروب و المحاور العنصرية، مشكلة البدون الجنسية لايمكن حلها أبدا وفقا للأسلوب ( المكارثي ) الكارثي، ولا إستنادا لعقلية أمنية متطرفة، و لا إستجابة لإقتراحات عنصرية فاشلة معيبة، بل وفقا لمقاربات إنسانية و حضارية و سياسية مسؤولة بعيدا عن الظلم و العشوائية في تنفيذ العقوبات و فرض المظالم، و فشل الحكومات الكويتية السابقة في التعامل الحقيقي و الفاعل مع ملفات قضية ( البدون ) يظل هو المسؤول ألأول عن النتائج المتراكمة التي آل إليها الوضع و تحول لقنبلة موقوتة كان الجميع يعرف تداعياتها و كان العالم و لا زال يراقب تطورات فصولها التي وصلت لحدود الإعتصامات و الإشتباكات مع رجال الأمن بعد أن تعقد ذلك الملف و ساهمت حالة الهرجلة الإدارية في تعقيده و إدخاله في متاهات مزعجة، صحيح إن مسألة تجنيس الناس هي مسألة سيادية بحتة فلكل دولة مقاييسها و أحكامها و سياستها و منهجها الخاص في هذا المجال و لكن وضع البدون اليوم قد مس مسا خطيرا بالأمن الوطني الكويتي و بالسمعة الدولية الراقية التي تحظى بها الكويت، و إقتراح نبيل الفضل سيصيب الكويت في مقتل أمام الرأي العام العالمي و ستتطاير شظاياه الإرتدادية في كل مكان.. و الغريب أن الزميل النائب نبيل الفضل هو من منتسبي مهنة الصحافة و من العاملين في بلاط ( صاحبة الجلالة )! و يعرف تماما النتائج الميدانية لإقتراحه الذي سيربطه البعض على الفور بفكرة ( المعسكرات النازية )!! و لمن؟ لشباب ولدوا و تعلموا و عاشوا في الكويت و لا يعرفون وطنا بديلا غيرها!! نعم لقد كان الإقتراح صدمة حقيقية في زمن الحرية الكونية... هل يعلم السيد نبيل الفضل بسياسة التجنيس و الإحتواء في الدول الإسكندنافية التي جعلتها تجنس مئات الآلاف من الشعوب التي لا تشترك معها في دين و لا عقيدة و لا حتى عنصر عرقي لتمتزج جميعها و تعمل في خدمة الوطن الجديد بعيدا عن العقد العنصرية و السلوكية، مسألة الجنسية لم تعد مسألة ترف ووجاهة بل أنها ضرورة إنسانية و مطلب حقوقي دولي فلايوجد إنسان بدون هوية ولا جنسية وهذا مطلب مركزي و مبدأ متميز من مباديء حقوق الإنسان.. و شرعة حقوق الإنسان الدولية التي وقعت على ميثاقها دولة الكويت أسوة بدول العالم المتحضر... معسكرات الإعتقال و الموت الصحراوية لا وجود لها و لن يكون لها وجود في الكويت وذلك الإقتراح البرلماني العجيب هو القمة في العنصرية.. فعلا.. عجيب أمور غريب قضية..!