سقطت الوحدة العربيه الوهمية، سقط الحلم العربي و بقي اللحن فقط في اذان العرب و استباح الغرب الاوطان اقتصاديا و سياسيا امنيا و عقديا في اكبر حالة اذلال و امتهان للعرب.

باتت بلا قيمة و بلا حقيقة كلمات الشاعر المصري فخري البارودي ldquo;بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدانِ ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ فـلا حـدٌّ يباعدُنا ولا ديـنٌ يفـرّقنا لسان الضَّادِ يجمعُنا بغـسَّانٍ وعـدنانِrdquo;.

لن اتحدث عن الثورات الربيعية و التدخل الخارجي الذي قسم و فرق، عن احتلال دولة عربيه لاخري بمباركة غربية، عن احتلال اسرائيل لفلسطين، عن دخول الجيوش الامريكية للمنطقه باموال العرب و موافقة جماعيه، عن الاموال العربيه في المصارف الامريكية و البريطانية، عن السيطره علي دويلات و بناء قواعد عسكريه، عن تعاون مخابراتي و تسليم معلومات كامله عن العرب سواء بصفقات الكترونية او شراء شركات، عن قتل العربي للعربي، عن تاشيرات الخمس سنوات تمنح للامريكي والاقامة المجانية للبريطاني في مقابل عدم منح تاشيره للعربي لدخول دولة عربيه اخري الا بطلوع الروح..و غيرها حيث يبدو ان هذا يقع في نطاق ldquo;الكلام المحرم ldquo;.

لن اخوض في هذا و لكن اقصد من خلال المشاريع الهندسية العملاقة بمئات المليارات وتريليونات الدولارات التي نفذت و انشئت في المنطقة العربية باسعار مضاعفه و رواتب خيالية و مميزات و امتيازات لا تعد و لا تحصي كلها بالاحالة و التلزيم للغرب و مكاتبه الهندسية و شركاته للمقاولات التي امتلئت خزائنها بالمال و سيرتها بالاعمال.

اين هم وزراء التخطيط، وزراء الاشغال العامة،مستشاري الروؤساء و الملوك الاقتصاديون و الهندسيون، اين وزراء المالية و اين نقابات المقاوليين و المهندسيين و اتحاد المهندسيين و المقاوليين العرب و غيرهم من كل هذا؟

لماذا لم تقم الدول العربية بدعم ابنائها و شركاتهم؟

السوق تؤكد ان شركات اجنبيه خاسره و ضعيفه او صغيره حجما اجنبية جائت و كبرت و امتلئت بطونها و كبرت علي حساب العرب و شركات عربية قوية لم تمنح الفرصة فاغلقت و افلست و خرجت من الاسواق.

الماشريع احيلت علي الشركة الاجنبية و من الباطن نفذت الشركات العربيه المحلية باسعار غاية في التفاهة في الوقت ان اسعار الشركات الاجنبية كانت غاية في الغلو و المبالغة.

المهندس الامريكي او البريطاني راتبه الشهري مائه و عشرين الف و قد يصل الي مائتين الف في الخليج ( ليس مهما العملة و لكن الرقم صحيح ) و العربي يتراوح بين الثلاثين و الخمسين (اي الثلث)، الاجنبي له تذاكر سفر عائلية و اجازات اربعين يوما سنوية و العربي بلا تذاكر و ثلاثون يوما و عقد محلي، الاجنبي له مكتب و سكرتير و العربي بلا مكتب، الاجنبي لا يقاطع في الحديث و ينصت له و العربي ممنوع من الحديث، الاجنبي له سياره تاخذه يوميا و يجلس بحانب السائق في المقدمة و العربي يجلس في الخلف ان سمح له، الاجنبي يرفع صوته و يبرطع في المشاريع و لا يحاسب عن خطاء و العربي يتحمل كل الاخطاء، الاجنبي له بطاقه علاجية درجة اولي و يغادر الي الخارج للمعالجة و العربي يصطف في الدور في مستشفيات حكومية محلية، الاجنبي له بوليصة تآمين علي الحياة بمليون و العربي ldquo;رحمه الله عليه فقطrdquo;، الاجنبي لا يسآل متي حضر و متي انصرف و العربي تحدد له ساعات عمله و يعمل بلا عمل اضافي ساعات متاخرة، و غيرها من امتيازات السكن و الرحلات و اماكن الاقامة و المدارس الامريكية لابنائه.

هل يعقل مثلا ان يستلم جندي امريكي كانت رتبته العسكريه اقل من رتبه وكيل في الجيش الامريكي مشروعا بالمليارات و ان يتولي اداره فريق هندسي عربي وهو ليس مهندسا و يكون راتبه مليون و اربعمائه الف سنويا و مهندسون عرب لا تتجاوز رواتبهم مطالبات قروض بنكية لاجل الحياه او قسط سيارة.

هل يعقل ان يكون راتب راسب توجيهي امريكي اكثر من مليون سنويا لاداره فريق من المهندسيين العرب في دوله اخري و هو اصلا يهودي امريكي في الوقت ان العربي يمنع من العمل بالمشروع لاسباب مختلفة؟

هل يعقل ان يكون سعر متر الخرسانه سته الاف و ينفذها المقاول العربي من الباطن بثمانمئه ؟ اين يذهب فرق الربح و المصنعية؟

هل يعقل ان يكون متر دهان الحوائط في المناقصات بالف و ينفذها المقاول العربي بمائه ؟ هل يعقل ان ساعة الاجنبي بخمسمائه دولار و اقامته في فنادق درجة اولي بكامل الاقامه و العربي لا ساعه له؟. هل يعقل ان الشركات الاجنبية تحصل علي عقد يحدد ارقاما فلكية لموظفيها و تمليء شواغر الوظائف بمهندسيين عرب بربع القيمة و تلهف الباقي؟

هل يعقل ان لا احد يسآل عن شهادات و تراخيص مهنة الاجنبي في الوقت ان المهندس العربي المسجل في نقابه بلده عليه ان يقدم اوراقا لا حصر لها و شهادات خبرة و تجرى له مقابلات عده للتوظيف و شهادات سحن سيرة و سلوك من الامن في الوقت الاجنبي بلا شهادة يدخل فورا سليما معافي.

الامثلة كثيرة، شهدتها في حياتي الهندسية الممتدة اكثر من ثلاثين عاما و واوثقها في كتاب، حيث لا يوجد مشروعا استراتيجيا كبيرا و الا ساهمت فيه، في اغلب الدول العربية و الحال واحد، محزن و مؤلم و لم يتحرك احد. جسدا عربيا ميت، نهبا منتظما لثروات العرب.

و اقصد هنا ان المهندس العربي راتبه نصف الاجنبي، و هو اكثر علما من الغرب و اكثر مقدره و اكثر خبرة واكثر كفائه و الا لم تقم الشركات الاجنبية بتعيينه لديها.

لقد تحولت شركات المقاولات الاجنبية و الشركات الهندسية الاجنبية الي شركات جبايه و توريد عمالة. تاخذ المشروع بارقام فلكية، تدفع هنا، تدفع هناك للكفيل العربي او المسؤول و تحيل كافه الاعمال من الباطن علي ابناء العرب باسعار زهيدة.

و اقصد هنا الاهتمام بكرامة المهندس العربي و المقاول العربي و الانسان العربي مفقودة، علي الاقل في وطنه، في بلده، امام اسرته و عائلته و لكن للاسف غير واردhellip;لم تعد بلد او بلاد ldquo;العرب اوطانيrdquo; بل تم تجييرها للغرب.

اين التدقيق و اين المحاسبة و اين القرار العربي في مشاريع فاقت خلال السنوات العشرين الماضية في العالم العربي اكثر من خمس عشر تيريلون دولار احيلت الي شركات اجنبية باسعار مضاعفة و غير حقيقية ثم عهد من الباطن الي شركات محلية في مجال المقاولات بربع او ثلث السعر؟

اين هو دور المجالس الاقتصادية و الجامعه العربية بفرعيها السياسي و الاقتصادي لدعم و تطوير شركات المقاولات و الاستشارات الهندسية و الادارية العربية؟

لم يحصد الغرب، وهوالمستعمر الاقتصادي الجديد للمنطقه العربيه و ناهب خيراته، ذلك بتفكيره او حروبه وجهده و انما قدم له علي طبق من ذهب بتقصير و بغباء وخنوع و جهل و مشاركة من مجموعات غررت بالسلطة و شاركت في بعض دول مؤسسات الحكم، و كان الضحية المواطن العربي و الموظف العربي و المهندس العربي و المحاسب العربي و العامل العربي و غيرهم من طبقات العمل و المهن، الذي لم يعد لهم وطنا و لم يعد لهم حقوقا و بات الغربي ذو العيون الزرقاء و الشعر الاشقر من الجنسيات الامريكية و البريطانية هم اصحاب الوطن وهم يتمتعون بالخيرات وهم اصحاب القرار.

هل نري مستقبلا مستشارا هندسيا لملك او رئيس عربي يدرس و يقيم المشاريع بصدق و امانة و علم و درايه واسعار حقيقية و يقف ضد هذا الهدر من المال ويعيد العزة و الكرامة العربيه.

يدق في مسامعي خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى عيد الثورة الرابع من الإسكندرية quot; خطاب تأميم قناة ldquo; قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقنال السويس البحريةrdquo;.

[email protected]