احتفل أطفال فلسطين منذ مدة ليست بالبعيدة بما يسمى يوم الطفل العالمي، يوم قد يذكر العالم بما يعانيه أطفال فلسطين من دون غيرهم من الأطفال حول العالم من قهر وتضييق وحصار، فهم محرومون من أبسط حقوقهم الإنسانية بالتمتع بطفولتهم البريئة وحقهم في الحياة كبقية أطفال العالم ويواجهون بأجسادهم الصغيرة التجويع والحصار ويحرمون الفرح والمرح واللعب.
الألاف من أطفال غزة يعانون نقص في التغذية ونقص الرعاية الصحية السليمة وقلة الأدوية نتيجة الحصار المفروض عليهم، ومن حق أطفال غزة العيش بكرامة وحرية كنظرائهم في كافة أنحاء العالم. الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أفادت في بيان لها بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني الذي يصادف أن عدد الأطفال الذين ارتقوا برصاص قوات الاحتلال الاسرائيلي العام الماضي (2013) بلغ (5) أطفال. ومنذ بداية العام الجاري استشهد طفلان برصاص الاحتلال، آخرهم هو الطفل يوسف الشوامرة من قرية دير العسل بمحافظة الخليل، الذي استشهد وهو يحاول تأمين لقمة العيش. وأشار البيان الى ان حوالي (700) طفل بين (12-17 سنة)، يتعرضون سنويا للاستجواب والاحتجاز والمحاكمة من جانب جيش وشرطة وأجهزة أمن الاحتلال.
وبلغ متوسط الأطفال المعتقلين خلال عام 2013 (199) طفلا دون سن الـ18 عاما حسب إحصائيات الحركة العالمية، في حين بلغ عدد الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي حتى نهاية شهر شباط 230 طفلا. وأكد البيان أن الاحتلال ما يزال بأدواته المختلفة يصادر حقوق الأطفال في العيش بأمان من خلال هدم البيوت وإخطارات بالهدم، وممارسة سياسة التطهير العرقي للمجموعات البدوية بمختلف المناطق، بالإضافة إلى القدس المحتلة، والتهديد المستمر لهم بإعاقة حياتهم اليومية.
أكثر من (2451) طفلا تم توقيفهم في مراكز اﻻصلاح والتأهيل، بالإضافة إلى سجون الشرطة بمختلف محافظات الضفة الغربية، بحسب إحصائيات الشرطة الفلسطينية بالإضافة إلى أربع طفلات. وبحسب إحصائيات دائرة الإحصاء المركزية لعام 2012 فان 20% من الأطفال ما بين (12-17 سنة) يتعرضون للعنف على مقاعد الدراسة في حين أن (51 %) من الأطفال يتعرضون للعنف الأسري. وبحسب الإحصائيات أيضا، هناك (65) ألف عامل من الفئة العمرية (7 -14 سنة) يعملون في الأرض الفلسطينية المحتلة، وأكثر من ( 102) ألف طفل يعملون دون سن (18 سنة).
هذه الأرقام التي بلغت درجة من الفظاعة قد يتجاوز ما يقوم به أي احتلال في العالم لم تحرك المجتمع الدولي الذي يصر على التغاضي عن جرائم الاحتلال في حق الفلسطينيين وأطفالهم تحديداً، ويكتفي بإصدار البيانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا ترد أي حقوق ولا تنفع في مواجهة احتلال يعامل الطفل كالبالغ في الحبس والحصار والتضييق.
حال أطفال غزة يكاد يفوق سوءاً حال أطفال الضفة الغربية، إذ ذكر تقرير لجهاز الإحصاء الفلسطيني أن معدل الفقر بين الأسر الفلسطينية وفقاَ لأنماط الاستهلاك بلغ 20.7% في عام 2011 بواقع (14.5% في الضفة الغربية و32.6% في قطاع غزة)، وشكل الأطفال الذين يعانون من حالة الفقر ما نسبته 27.2% من مجموع الأطفال؛ بواقع 18.5% في الـضفة الغربية و39.3% في قطاع غزة كما لوحظ ارتفاع الفقر بين أسر قطاع غزة التي لديها أطفال؛ بواقع 56.5% من إجمالي الأسر الفقيرة لديها أطفال، مقابل 43.5% في الضفة الغربية، كل ذلك يتحمل مسؤوليته الاحتلال بوصفه المسؤول الأول عن حصار غزة.
3.5% من إجمالي عدد الأطفال في الفئة العمرية 10-17 سنة هم أطفال عاملين سواء بأجر أو بدون أجر بحسب آخر التقارير لعام 2013 يتوزعون بواقع 4.9% في الضفة الغربية و1.4% في قطاع غزة، ومن الواضح أن نسبة الأطفال الذكور المنخرطين في العمل أعلى من الاناث؛(6.5% أطفال ذكور مقارنة بـ 0.3% من الأطفال إناث). كما بلغت نسبة الأطفال الملتحقين بالمدرسة ويعملون 1.6% بواقع 2.5% في الضفة الغربية و0.3% في قطاع غزة، وبلغت 3.1% بين الاطفال الذكور الملتحقين بالمدرسة مقابل 0.2% بين الإناث.
هو وضع مزر بكل المقاييس يعيشه الطفل الفلسطيني وكل الأسرة الفلسطينية وهو يحتاج إلى وقفة مطولة وجادة من قبل كل الجهات المعنية بالعناية بمستقبل الشعب الفلسطيني الذي يتمثل في الطفل الفلسطيني وأسرته المحرومة من أبسط حقوقها.

هشام منوّر.. كاتب وباحث