النكبة الفلسطينية كما شاعت تسميتها أو اللجوء والنزوح الفلسطيني يبلغ عمره الآن 66 عاما، أي أنّه بعد سنوات قليلة لن يبق في الضفة الغربية وقطاع غزة وغالبية المنافي العربية والغربية التي لجأ أو نزح لها الفلسطينيون، أي فلسطيني ممن ولدوا على أرض فلسطين المحتلة منذ عام 1948 ، ورغم هذه الحالة إلا انّ كافة الأجيال التي ولدت خارج فلسطين كانت وما زالت تحلم بالعودة والتحرير و..و...وضمن الوضع والواقع الفلسطيني والعربي والدولي السائد طوال تلك الفترة أي حوالي سبعة عقود من الزمن، هل هناك خيار أو حلّ فلسطيني يبدو في الأفق القريب أو البعيد نسبيا؟. قراءتي لهذا الوضع والواقع تقول: لا..بمعنى أنّ هذا الحال الفلسطيني السائد منذ 66 عاما سوف يستمر إلى أجل طويل. لماذا؟

الخطوط الحمر نفسها لدى الفلسطينيين والإحتلال
من النقاط المهم الانتباه لها أنّ الفلسطينيين طالبوا بدولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود عام 1967 منذ عام 1988 ، أي ستة سنوات قبل توقيع إتفاقية أوسلو ، عندما أعلن الرئيس ياسر عرفات قيام تلك الدولة ضمن تلك الحدود في جلسة المجلس الوطني الفلسطيني quot;الدورة التاسعة عشرة بين الحادي عشر والخامس عشر من نوفمبر 1988 quot; المنعقد في الجزائر تحت اسم quot;دورة الشهيد أبو جهادquot; حيث انعقدت الدورة حوالي سبعة شهور بعد اغتيال الاحتلال الإسرائيلي للشهيد في تونس في أبريل من العام ذاته ،وبحضور كافة المنظمات الفلسطينية الممثلة في المجلس الوطني. وكان إعلان الدولة الفلسطينية ضمن حدود عام 1967 من خلال اعتراف المجلس الوطني الفلسطيني بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الصادر في الثاني والعشرين من نوفمبر 1967 عقب هزيمة يونيو ذلك العام حيث احتلت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية وبذلك أصبحت كامل فلسطين التاريخية تحت الاحتلال الإسرائيلي. وبلغ عدد الدول التي اعترفت نظريا بتلك الدولة الفلسطينية المعلنة ما يزيد على 127 دولة، ولكنه بقي حتى اليوم اعترافا نظريا حيث لا توجد دولة فلسطينية على أرض الواقع، لأنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي ترفض منذ ذلك العام وحتى اليوم الموافقة على قيام الدولة الفلسطينية ضمن حدود عام 1967 رغم أنّ مساحة تلك الحدود لا تزيد عن 22 % من مجموع مساحة فلسطين التاريخية، كما ترفض الاعتراف بحق العودة وازالة المستوطنات التي تأكل جزءا كبيرا من مساحة الضفة الغربية.

إذن ما الحلّ بعد تشرد 66 عاما؟
1 . خيار التحرير بالوسائل العسكرية مستحيل..مستحيل ضمن الوضع السائد منذ عام 1948 لأنّ موازين القوى العسكرية فلسطينيا وعربيا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي مائلة بنسبة عالية لصالح دولة الاحتلال مقابل كافة القوى العسكرية العربية مجتمعة. وخيار المقاومة العسكرية الفلسطينية من الضفة والقطاع أيضا مستحيل لعدم وجود أية نسبة متوازية من موازين القوى العسكرية وعدم وجدود حدود مجاورة تمدّ بالسلاح والعتاد العسكري لأنّ الدولتين الحدودتين المجاورتين الأردن ومصر بينهما و بين دولة الاحتلال الإسرائيلي اتفاقيتي سلام لم يتم خرقها منذ عام 1979 .

2. خيار ما قبل هزيمة 1967 أي عودة قطاع غزة تحت حكم الإدارة العسكرية المصرية مرفوض كما أعتقد من الجانب المصري خاصة في السنوات الأخيرة حيث توتر العلاقات واتهام حماس بتشغيل الإرهاب في سيناء المصرية وحكم مبدئي لمحكمة مصرية باعتبار حماس حركة إرهابية واقفال مكاتبها ووقف نشاطاتها في مصر. وكذلك عودة الضفة الغربية جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية مرفوض أردنيا بعد إقرار فك الارتباط بين الضفتين الذي اتخذه الملك حسين عام 1988 بناءا على طلب وإلحاح من ياسر عرفات بعد إعلانه الشكلي قيام الدولة الفلسطينية في المجلس الوطني المشار إليه سابقا. والدليل على الرفض الأردني العودة لوحدة الضفتين أنّه توجد حالة سياسية أردنية تطالب بإقرار فكّ الارتباط دستوريا بدلا من أن يبقى مجرد قرار سياسي.

3 . خيار عودة الاحتلال الإسرائيلي الميداني المباشر للقطاع والضفة الذي استمر منذ هزيمة 1967 حتى عودة قيادة منظمة التحرير في العام 1996 بعد توقيع اتفاقية أوسلو ، هو خيار أعتقد ndash; وربما أكون مخطئا ndash; .أنّه أمنية ورغبة نسبة عالية من الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة، إلا أنّه خيار مرفوض من الاحتلال لأنّه لا يريد أن يتحمل هذه المسؤولية التي لها تبعات دولية، كما أنّ الوضع الفلسطيني خاصة السائد بعد سيطرة حماس المنفردة على القطاع في يونيو 2007 ، وما تبعه من تطهير تنظيمي بين حماس و فتح هو أفضل وضع يخدم الاحتلال، خاصة أن التنظيمين وقّعا العديد من اتفاقيات المصالحة في أكثر من أربعة عواصم عربية ويتم التنكر لها فور مغادرة تلك العواصم، وبالتالي هاهو الانقسام الفلسطيني على أبواب دخول عامه الثامن دون أمل بدليل تصريح قيادي حماس محمود الزهار ( سأقطع يدي إن تمت المصالحة ). وبالتالي فالإنقسام قائم لزمن طويل لأنّه من المستحيل تنازل أي طرف عن امتيازاته التي نمت بعد الانقسام والشخصيات التي أثرت ماليا بشكل أسطوري.

إذن ما هو الخيار المتوقع سيادته واستمراره؟
إنّه خيار الواقع الحالي الذي أهم سماته استمرار الانقسام والصراع الحمساوي الفتحاوي، وأيضا الصراع داخل حركة فتح خاصة بعد خطاب محمود عباس الأخير الذي وزّع اتهامات الخيانة والعمالة مشهدا على ذلك قيادات فتحاوية ظلت ساكتة لا نفيا ولا إيجابا، وتلهي محمود عباس وقيادته بانتصارات شكلية مثل الانضمام لمعاهدات دولية والتلميح بحلّ السلطة الفلسطينية وإعلان رئاسة جديدة للدولة الفلسطينية أيضا ستكون لمحمود عباس، وكلها انتصارات ديكورية لا تقدّم خطوة ميدانية على طريق الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة، بدليل أنّ جيش الاحتلال يسرح ويقتل ويعتقل ويدمّر كما يشاء في الضفة الغربية دون أي تدخل من الشرطة والأمن الفلسطيني الذي يختفي ويغادر أي شارع أو حارة يدخلها جيش الاحتلال، بينما يمارس شجاعة وبطولة متناهية في مواجهة أي تحرك من شعبه الفلسطيني حيث يعتقل ويسجن ويضرب بدون رحمة أي مناهض أو متظاهر ضد ممارسات السلطة الفلسطينية التي هي سلطة ضد الشعب الفلسطيني وليست في مواجهة الاحتلال الذي لا يواجه إلا ببيانات خطابية انشائية.
وهذا الوضع مرشح للإستمرار لزمن لا يعرف أحد أجله لا يعاني منه إلا الشعب الفلسطيني ، أما قيادات الطرفين حماس وفتح فهي تعيش مع عائلاتها في راحة وبذخ لا ينقصهما أية كمالية من كماليات الحياة، ومن يسمع شهادات وأقوال أبناء شعبنا في القطاع والضفة عن ممارسات ومستوى حياة هذه القيادات لا يتمنى إلا عودة الاحتلال المباشر، هذا الاحتلال الذي يرفض هذه العودة لأنّ الوضع الذي أوجدته حماس وفتح يخدمه بشكل لو خطّط له عشرات السنين لما أنجزه...وبالتالي فالخلاصة هي ( مصائب غالبية الشعب الفلسطيني فوائد لقيادات فتح وحماس).
www.drabumatar.com