نتيجة الإنتخابات العراقية القادمة ستكون أكثر من حاسمة على صعيد تقرير خارطة الطريق المستقبلية للعراق، وهي خارطة معقدة تتداخل فيها عناصر و ملفات كثيرة و تتداخل في طياتها أجندات واسعة و متصارعة، فتحالف الصدريين مع جماعة عمار الحكيم المجلسيين مع تغيير المزاج الإيراني وهو أمر بات حقيقيا، سيجعل من رحيل نوري المالكي عن سدة السلطة أمرا حتميا، بل أن نهاية المالكي السياسية قد لاحت مؤشراتها في الأفق وسيغيب بالتالي و للأبد عن مسرح السلطة، ففي العراق لامجال أبدا لأي متخلٍ عن السلطة بأن يعود! لأن صندوق العفاريت و الشياطن سيفتح عليه من كل إتجاه!، و ستثار قضايا جنائية و إنتقامية عديدة ستجعل الرجل في نهاية المطاف يهرب بجلده للخارج و ليس هنالك أفضل من بريطانيا كملجأ حصين للمغضوب عليهم و الحرامية من السياسيين!!خصوصا في ظل و حماية الأموال الطائلة التي نهبها حزب الدعوة و أستثمرها في بريطانيا الأم الحنون!، و لكن مع التحالف الصدري الحكيمي التكتيكي ستنتج مشكلة تحديد شخص و هوية رئيس الحكومة القادم ومن يكون؟ خصوصا و إن الرفاق المؤلفة قلوبهم في أركان التحالف العراقي الطائفي حائرون.. يفكرون.. يتساءلون في جنون عن البديل و من يكون؟ و كيف يكون؟ و ماهي مواصفاته القيادية و الجينية و السلوكية؟!.
إقتراح الصدريين بترشيح (علي دواي ) لرئاسة الحكومة العراقية القادمة ليس أكثر من نكتة عابرة، فالرجل وهو محافظ مدينة العمارة الصغيرة في جنوب العراق لايمتلك من المؤهلات و الخبرة السياسية ما يجعله مناسبا لذلك المنصب السيادي و الستراتيجي و إرتداء بدلة العمال لا يعني أبد أن ذلك سيكون بمثابة جواز سفر لمنصب رئيس الحكومة! فالأمر أعقد من ذلك بكثير، و عدم وجود كفاءات لدى التيار الصدري هو مسألة جوهرية في تسليط الأضواء من جديد على القيادي في المجلس الإيراني الأعلى باقر جبر صولاغ الذي يصفه ( الحبربش ) الملتفين حوله بكونه ( بوابة بغداد الخامسة )!! أو ذو الرئاستين!! و يلقبه خصومه بالرجل ( الدريل ) أو المثقب الكهربائي الذي كان مستعملا في تعذيب الخصوم أيام وزارته لوزارة الداخلية في حكومة إبراهيم الجعفري عام 2005 و ما بعدها، فصولاغ من قيادات و رموز الحرس القديم في المجلس الإيراني ( العراقي ) الأعلى وقد لعب أدوارا مهمة و حساسة خلال مرحلة المعارضة العراقية السابقة كما كان له إسمه ووزنه في قيادة و تخطيط عمليات في الشرق الأوسط في ثمانينيات القرن الماضي و خصوصا في بيروت و بغداد و الكويت أيام كان عنصرا في تنظيم المجاهدين العراقيين في بيت ( أبو بلال ) بحي الأمين الدمشقي، وكانت أدواره مشهودة لتنفيذ عمليات عسكرية في العراق كما حصل عام 1982 في تفجير وزارة التخطيط وعام 1983 في تفجير الإذاعة و التلفزيون! وهي عمليات و خدمات ( جليلة ) يعتز بها السيد صولاغ، ثم تحول ليكون مديرا لمكتب مجلس الحكيم الأعلى في سوريا و لبنان حتى إحتلال العراق عام 2003 ليعود مع قوافل العائدين و يشغل منصب وزير الإسكان ثم الداخلية أيام الفتنة الطائفية الكبرى التي جرت في أعوام 2005 و 2006! فأبو محمد وهذا هو إسمه أيام المعارضة هو المرشح الأكثر إحتمالا و الأوفر حظا لخلافة المالكي فيما يمكن وصفه دون مواربة بكونه ( أسوأ خلف لأسوا سلف )!!، و سنة العراق متخوفين بالكامل من طائفيته الشديدة و عدوانيته وولائه الكبير و الأعمى لأولياء الأمر في إيران، و أن يكون صولاغ رئيسا للوزراء فهذا يعني في المحصلة بأن النظام الإيراني قد إستكمل سطوته وهيمنته المطلقة على العراق؟ و الرجل أي صولاغ كما هو معروف و موثق يكن عداءً شديداً للمملكة العربية السعودية و لدولة قطر أيضا، وهو يتصرف بمنطق طائفي هجومي يلقى صدى و إستجابة من قطاعات طائفية عراقية واسعة و متنوعة! ولها حضورها في المشهد السياسي الكئيب القائم في العراق، رحيل المالكي بات حقيقة و ليس مجرد تهويمات خيالية، و المشكلة لعموم العراقيين باتت تتمحور بين القبول بالرمضاء أو العيش تحت النيران!، فالبديل ليس بأفضل بأي حال من الأحوال بالسلف الذي كان! لأن عناصر الأزمة تظل قائمة في ظل إستمرار السياسات الطائفية المريضة التي تختلف فيما بينها على المناصب و الإستحواذ و لكن مرجعيتها واحدة يعرفها الجميع... في النهاية ( شهاب الدين ألعن من أخيه )!... تلك هي الحقيقة بلا مواربة و لا نفاق.