(2ـ..)

خلف نظارات سوداء يخفي حاليا عيون سوداء کدجى الليل الذي يخفي في ثنايا سدفه العشاق الابرياء من مجتمعات الثأر للذکورة الهمجية! تلك العيون التي طالما تيمت العديد من الصبايا اللائي تمنين لو أنهن نلن شرف نظرة منها، لکنه کان يبحث عن واحدة شبيهة بجيني(زوجة و رفيقة کارل مارکس)، او مثل روزا لوکسمبرغ او جان دارك، کان يرى فتاة أحلامه ضمن هکذا دائرة، وماعدا ذلك فإنهن لم يکن سوى وجوه تشبه بعضها کأوراق شجرة ما لاتفرق بين واحدى و اخرى!

لم يکن هذا الشاعر مجردا من الحب و العاطفة، بل کان رقيقا و حساسا جدا، تلقائي التعبير و وجداني التعاطي لکن مشکلته الوحيدة انه يحتاج دائما الى من يشعره بحالة خاصة، وهو کان يريد خصوصية في کل شئ ولاسيما في الحب، حتى تلك الموظفة التي تولهت به توسلت إليه أن لايغادر العراق قبل أکثر من ثلاثة عقود، بيد انه لم يلفت او يأبه لنداء روحها و وجدانها وانما مضى على أمل أن يجد تلك الحبيبة الاسطورية، ولکن، إنتهى فجأة في أحضان أنثى اوربية لم يطل به الوقت حتى شعر بأن وجهها لايختلف عن وجه أية أنثى أخرى، فهي إذن ليست اسطورية ولذا فقد کتب عليها الخروج من مملکته المحرمة إلا تلك التي يؤمن بأنها مليکته و صاحبة أمره.

هذا الشاعر، يغرد الان خارج الزمن و يروي مآثر توله الصبايا به أيام کانت عيونه السوداء تلمع في حلکة الليل و يهز سمار بشرته وجد و أفئدة و أحاسيس کل أنثى تراه، ويکاد أن يشبه المجترات لکثرة مايجتر من أحداث و مآثر ماضيه، وهو يحاول أن يخبئ إخفاقاته خلف سواد نظاراته و يسعى لملء الفراغ الکبير الذي يعيشه بنشر قصائد کان قد کتبها فيquot;أيام مجدهquot;، وقصته هذه ذکرتني بذلك الممثل و الشاعر الذي قتل على يد القوات الامنية في مدينة السليمانية بالعراق، حيث قال ذات ليلة وهو يشکو لي حبه المفرط لفتاة لاتأبه به إطلاقا: الحب يصبح اسطورة کلما تناثر عليه غبار الزمن!

الحب، لأنه کعب اخيل الانسانية و الربيع المنتظر في عمق بيداء قاحلة لاحياة فيها حتى للافاعي و العقارب، لايجد الانسان مناصا من البقاء متسمرا على بواباته ينتظر مجئ غودو ذات يوم، غير ان المشکلة تکمن في ان مضي الزمن ليس في صالح سابر الاغوار بحثا عن حالة حب لأن التفاؤل بما هو آت لاينجم إلا عن حالة حنين لما قد فاته، والحب کلما کان محالا کانت الرغبة الانسانية فيه أشد و اقوى، وان شاعرا قيل أن الاطفال يستهزؤون به الان في ازقات مدينته، قد همس في أذني ذات ليلة: أنا أحب فتاة لو قلت من هي و ماعلاقتها بي لرجمني الناس بالحجارة، وعندما طلبت منه أن يفضفض و يوضح المزيد، قال جملة غريبة

دونتها في وقتها لأنها لفتت إنتباهي کثيرا حيث قال: الحب يعني اللاحدود و اللاشئ و المطلق بالمعنى الحرفي للکلمة، وللموضوع صلة.