خلال اقل من عشرة ايام ستجري الانتخابات العراقية في ظروف امنية غاية في التدهور وخلافات سياسية حادة وانقسام عميق في بنية الشارع العراقي المغلوب على امره وتصعيد خطير في التوجهات الطائفية المقيتة وسيكون التزوير دون أدنى شك الحاضر الاكبر فيها فقد اصبح التزوير وللأسف جزء لا يتجزأ من لعبة الانتخابات العراقية وأصبحت احزاب السلطة والكتل المحسوبة عليها خبراء في هذا المجال هذا بالإضافة الى التهديد والوعيد من جهة و تقديم الوعود والمغريات وشراء الاصوات والذمم من جهة اخرى.
رغم ما سبق فانه من المتوقع تغيرا ملحوظا فيما ستحققه القوى السياسية من نتائج قياسا بما لديها حاليا سيما كتلة السلطة الحاكمة في المنطقة الخضراء اذ انها وان كانت ستبقى كتلة مؤثرة في البرلمان القادم ولكنها ستخسر الكثير من قوتها بسبب فشل السلطة التي قادتها على مدى ثمان سنوات في تحقيق أي تقدم ايجابي على أي من المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تهم المواطن ودخلت في صراعات اصطنعتها مع اغلبية القوى السياسية العراقية بهدف الانفراد بالحكم وإلغاء وجود الاخرين وقد ادى كل هذا الى وقوعها في مطب مواجهة الشارع العراقي الذي يغلي برفض ان لم يكن بالحقد الشديد على هذه السلطة التي اخذت ثمان سنوات من عمره دون ان تقدم له أي شيء يذكر ناهيك عن الحرب الاهلية غير المعلنة التي تشهدها مناطق عدة في العراق بسبب نهج السلطة وطريقة ادارتها للازمة السياسية في البلاد.
في جانب اخر من المتوقع ان تحصد كل من كتلة المواطن برئاسة السيد الحكيم وكتلة الاحرار بتوجيه السيد مقتدى الصدر العديد من المقاعد النيابية و تحقق النجاح الذي سبق وان حققته في انتخاب المجالس البلدية على حساب كتلة دولة القانون التي لم تعد تحظى بأي شعبية عدا تأثير وحجم حزب الدعوة المعروف ووجودها الفعلي في السلطة بكل ما يعنيه هذا الوجود من تأثير.
كتلة العراقية الموحدة سابقا والتي تحولت الى عدة كتل فالمتوقع ان تحصل القائمة الوطنية برئاسة الدكتور اياد علاوي على اكثرية اصوات القائمة بسبب دفاعها عن المواطن العراقي والهوية الوطنية العراقية وتمسكها بمواقفها المبدئية من القضايا التي تهم المواطن العراقي اضافة الى علاقاتها المتميزة مع اقليم كوردستان وأغلبية الطيف السياسي العراقي وواقعية الحلول التي تطرحها للمشاكل المزمنة في ادارة الدولة هذا في مقابل خسارة كل من السيد نائب رئيس الوزراء صالح المطلك والسيد رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي العديد من المقاعد النيابية بسبب مواقف الاول المتهم من قبل الشارع العراقي بالتعاون مع السلطة والثاني بسبب مواقفه المناطقية والطائفية المتعارضة مع كونه رئيسا لبرلمان كل العراقيين هذا بالإضافة الى امكانية حصول الليبراليين والكتل الديمقراطية الجديدة على عدد اكبر من المقاعد وفق النظام الانتخابي المقرر.
في كوردستان سيكون الفائز الاكبر هو الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة السيد البارزاني محققا نتائج قريبة من النتائج التي حققها في انتخابات برلمان كوردستان ولن يحقق حليفه الاستراتيجي السابق الاتحاد الوطني الكوردستاني اية نتائج تذكر خاصة مع وجود حركة التغيير وتأثيرها على الشارع الكوردي خصوصا المناطق المحسوبة تاريخيا لصالح الاتحاد الوطني الذي كان ثالث الفائزين في الانتخابات الاخيرة لبرلمان كوردستان هذا بالإضافة الى عدد محدود من المقاعد للأحزاب الدينية.
لما سبق فان اقرب تحالف ناجح ممكن تصوره بعد الانتخابات لإعادة الحياة الى العملية السياسية والمضي قدما بالمشروع الديمقراطي وتحقيق وحدة وطنية حقيقية تعالج ما خلفه النظام الحالي من كوارث وماسي وفساد منقطع النظير وتفرد بالسلطة واحتراب غير معلن بين مكونات الشعب العراقي هو التحالف بين الكتل الفائزة الاربعه والقريبة جدا من بعضها البعض الوطنية والكوردستاني والمواطن والأحرار دون الافراط ببقية القوى الوطنية والليبرالية وتمثيلها وفق استحقاقها الانتخابي.
مثل هكذا تحالف سيكون بالتأكيد قادرا على مواجهة استحقاقات المستقبل ومعالجة المشاكل والتعقيدات التي سيخلفها النظام الحالي الذي لا يخجل من التبشير بولاية ثالثة للسيد رئيس الوزراء رغم صدور تشريع برلماني بمنع هذه الولاية الثالثة التي ان تحققت فأقرأ على العراق ووحدته وبقائه السلام.