اعتاد بعض أفراد طاقم دعاية كتلة القانون والمقربين من إدارتها إشاعة معلومات مشوشة غير دقيقة بل في اغلبها مناف للحقائق إلى حد التجني والادعاء، وليس أدل على تلك الظاهرة المستشرية بين طواقم معظم من حكم بغداد عبر تاريخها كعاصمة للدولة العراقية ربما باستثناءات قليلة لا تخضع للقياس العام، إلا تصريحات وادعاءات وتدليس تلك الطواقم الملحقة بدفة الحكم.

ومنذ أن بدأت الحملات الانتخابية شرعت تلك المجاميع بتصريحات من شأنها توسيع رقعة الخلافات وإشاعة الكراهية والأحقاد بين المذاهب والأديان والأعراق، فقد شاهدنا وسمعنا تصريحات لبعض نايبات البرلمان العراقي ممن رفعت عنهن نون النسوة وما يترتب عن ذلك الحرف من صفات ومواصفات، وهن يصبن جام عقدهن على الآخرين المختلفين معهن رأيا وفكرا وسلوكا، حتى وصلت السفاهة بالبعض إلى المطالبة بقتل سبعة من السنة كلما قتل سبعة من الشيعة، أو كما قالت واحدة أخرى من الشفاطات بضرورة معاقبة إقليم كوردستان ومحاصرته!؟

ثم ينبري آخر تخصص بالكراهية والحقد على كل شيء جميل في بلادنا، ويتفق كل العراقيين باستثناء طاقم الدعاية والتنظير حول السيد رئيس الحكومة الاتحادية بان أجمل ما بقى من بلاد اسمها العراق هو إقليم كوردستان وربما لهذا السبب ينبري هؤلاء الفاشلون في كل مرة لكي ينفثوا بسمومهم بتصريحات لا يصدقها إلا من شاكلهم في العقلية والعقد ومركبات النقص، حيث يقول سامي العسكري في واحدة من بهلوانياته الدعائية إن:

( إقليم كوردستان تحول إلى مشكلة في الجسم العراقي لأنه يتدخل بشؤون الإدارة في العراق ولا يقبل احد بالتدخل في شؤونه! ) وان ( إقليم كوردستان يعد الإقليم الوحيد في الكرة الأرضية (!) الذي يمتلك جيشا أقوى من جيش الحكومة المركزية )!؟

وماذا بعد !؟ هل من اكتشاف جديد؟

لقد نسي العسكري إن قوة إقليم كوردستان ليست بقواته المسلحة فقط، مع ما يشهد لها عبر التاريخ من قوة وارداة وصلابة كونها تمتلك قضية تؤمن بها وتعتنقها، ورغم ذلك فان القوة الحقيقية في الإقليم تكمن في نجاحاته وإيمانه وإرادته على الانتقال إلى مصاف الدول المتقدمة بأخلاقيات متحضرة ومدنية تواكب العصر، وهذا ما حصل ويحصل منذ اقل من عقد واحد من السنين، حيث أنجز الكوردستانيون ما عجزتم عنه خلال ذات الفترة وبما يقرب من سبعمائة مليار دولار، بل إن ما حصل في الإقليم فاق كل ما أنجزته حكومات بغداد منذ تأسيس كيان الدولة وحتى يومنا هذا بإمكانيات محدودة ومنقوصة كما يعلم الجميع، إلا إن الإرادة الصلبة والإيمان الكبير لشعب كوردستان وقياداته ومؤسساته الدستورية هي التي جعلت هذا الإقليم الأجمل والأقوى والأجدر بالديمومة والبقاء، فهو ملاذ العراقيون جميعا وحضنهم الدافئ بعيدا عن المذهبية المقيتة والتخلف والفساد واللصوصية.

إن القوة لم تعد تحسب بنوع السلاح وعدده في الجيوش ولا بعدد أفراده، فقد امتلك صدام حسين جيوشا جرارة واخطر أنواع الأسلحة وأكثرها تطورا وملايين من المكسورين، لكن إرادة البيشمه ركه وإيمانها بقضيتها هي التي حطمت تلك الأسطورة وتلك الأسلحة التي أذلتها الإرادة الصلبة المؤمنة، وأحالت فيالق جرارة من العساكر إلى أسرى!

لقد كان أهم أسباب ضعف الجيش العراقي هو انه لم يمثل الشعب ومكوناته بشكل حقيقي، ولم تنجح كل الأنظمة المتعاقبة على حكم العراق في إشاعة مفهوم راق للمواطنة تجعل منه جيشا يتشرف كل العراقيون بالانتماء إليه، بل استخدمته كوسيلة قمعية طاغية بيد تلك الأنظمة ولهذا كان ضعيفا متهرئا مكسورا، وهو اليوم أيضا وضع في ذات الدائرة التي تسببت في ضعفه وتهرئه، وقد نبهت قيادة الإقليم منذ البداية إلى إن الوقوع في تلك الدائرة ستحول الجيش إلى مجرد ميليشيا تابعة لرئيس النظام وينحصر تمثيله بفئة وحزب ومكون على حساب الآخرين، وتلك ستكون سببا لفشله وضعفه وإسقاط تسميته بالجيش الوطني، إلا أنهم أصروا على الوقوع في ذات النهج الذي تسبب في ما حصل للعراق من دمار وتفكك وانهيار.

[email protected]