بعد غيبوبة طويلة و مستمرة طيلة أيام وسنوات الثورة السورية التي دخلت عامها الدموي الرابع، تحركت فجأة جثة ما يسمى ب ( حزب البعث العربي الإشتراكي السوري ) ضمن إطار حفلة الزار الرئاسية المضحكة و عرس ( الواويه ) لإنتخاب رئيس سوري جديد لن يكون سوى الرئيس القديم و الذي لن يسلمها إلا لولده حافظ الثاني بن بشار الأول! في المشمش طبعا!

فكعادة أحزاب السلطة الهرمة أصدر الحزب السوري بيانا بالمناسبة أشاد فيه بمناقب و محاسن و مزايا الرئيس ( الفول أوبشن ) و أعتبره ظاهرة تاريخية في الصمود و التصدي و العروبة بل ظاهرة كونية لم يكررها القدر!! كما أعتبره صاحب مشروع حضاري ضخم لم يأخذ فرصته الحقيقية بعد!! إذ من المؤمل أن نرى إنجازاته الشاخصة خلال القرون القادمة!

مشكلة أهل الإستبداد و الدكتاتورية أنهم يصدقون و بسذاجة أكاذيب إعلامهم المريض، و يتناغمون مع الدعايات التهويلية و التلميعية الضخمة، بل و يعتبرون أنفسهم و لفرط سذاجتهم نصف آلهة أو عناصر بشرية بقدرات خاصة! رغم أنهم إن جردتهم من قلاعهم الإستخبارية و المافيوزية الحصينة أجبن من الجبن ذاته!! هل تتذكرون ملك الملوك الإفريقي الأخضر في لحظاته الأخيرة وهو يتوسل بالذين أسروه قائلا لهم بأنه أبوهم!! بعد أن وصفهم قبل ذلك بكونهم حشاشين ورعاع و خونة و سينظف ليبيا منهم ( زنقة زنقة ) فلما جاءت ساعة الزنقة لم يصدق الدكتاتور نفسه بعد أن هربت لجانه الثورية و تلاشت ( نسوانه ) اللواتي كن يحمينه و كان من الأشرف له لو كان يمتلك ذرة من الشعور الإنساني ان يقدم على الإنتحار كما فعل باشا العراق السابق الشهيد نوري السعيد عندما أحاط السفلة به لينهشوه فشهر مسدسه و اطلق الرصاص على نفسه ولم ينل منه الجبناء و الأوغاد الذين سحلوه إلا جثة هامدة في مشهد تاريخي مؤلم!

نفس الحالة القذافية حصلت مع الدكتاتور البعثي الآخر صدام حسين الذي كان يحلم بأن يذكره التاريخ بعد 500 عام كما قال، وكان يتفاخر جذلا بالشوارب التي لا تهتز للأخطار و الرزايا، فلما دخل الأمريكان بغداد و بدلا من المواجهة و السقوط في ساحة المعركة أو الإنتحار دفاعا عن الوطن كما فعل الشهيد يوسف العظمة في ميسلون، فإنه نسى و تناسى حكاية الشوارب الصامدة التي لا تهزها ريح، وهرب لايلوي على شيء وهو القائد العام و جنرال الجنرالات و عبقري المواجهات الفاشلة ليلقى القبض عليه لاحقا بشكل ذليل في منظر المتشرد و يخرج من تلك الحفرة متورما بكدمات المارينز و فاتحا فاه لطبيب المارينز لكي يأخذ له كشف الهيئة!! في منظر مهين لن ينساه التاريخ بعد ألف عام!!، ثم ليشنق على يد أعدائه في مشهد درامي زاعق لن يتكرر كثيرا!!

يبدو أن الطغاة لا يتعظون أبدا و لا يتعلمون من أسلافهم شيئا!، بل غالبا ما تأخذهم العزة بالإثم و يتصورون أنفسهم فوق البشر و ينسون يوما سيكون عذابه قمطريرا، و كذلك يفعلون، و رئيس النظام السوري المهزوم بشار أسد وهو يخوض معركته الأخيرة في دمشق الشام نفسها التي أضحت عرضة لقذائف المعارضة اليومية لا زال يتصور بأن بإمكانه السير في الإتجاه المعاكس للتاريخ، وخداع الناس و الجماهير رغم كونه يعلم تماما بأنه لايخدع سوى نفسه و بأن حزب البعث ليس سوى جثة متحلله قادمة من العصر الجوراسي، فقد إختفت أخبار الرفيق عبد الله الأحمر منذ سنوات طويلة، وغاب للأبد ذكر الرفيق فاروق الشرع؟ وهربت القيادة القومية لخارج سوريا، وبات الرفاق حائرون يفكرون فيما هو كائن أو سيكون، و تهاوت كل قلاع الكذب و الدجل و الذي بات هو الرسالة الخالدة و الأمة المجيدة بعد أن تمكن الرفيق المناضل آية الله علي خامنئي من أن يتحول ليكون أمين سر القيادتين القومية و القطرية لحزب البعث السوري وحامي الديار، و أن يكون الحرس الثوري الصفوي الإيراني هو البديل الثوري لجيوش الشعب و الطلائع و سرايا الدفاع و الصراع..إلخ، لقد إنهارت بالكامل و تحت أقدام وقبضات الشعب السوري كل الدعايات التدجيلية الرخيصة للنظام البعثي الفاشي بنسخته الطائفية في الشام، وبات البعثيون بعد أن تحولوا في العراق لدمعة في التاريخ ليكونوا في دمشق مجرد مهرجين بائسين يستعين بهم الطاغية في حفلات الزار التي يقيمها بين الفينة و الأخرى، البعثيون السوريون وهم يتغزلون بمزايا وصفات القائد الوارث باتوا يأكلون من لحوم قياداتهم السابقة، فقبل ثلاثة أعوام إختطفت عصابات قائدهم أحد أبرز قياديي حزب البعث التاريخيين من عاليه اللبنانية وقد بلغ من الكبر عتيا وهو شبلي العيسمي!

وهكذا يكون التلاحم التضالي فعلا، وبهذه الصورة الرثة يتم التعبير عن الرسالة الخالدة!!... فتبا و سحقا للقوم المجرمين الذين تمكنوا من تحويل البعث السوري لمزبلة التاريخ بالبريد المضمون، أما الرمز الظاهرة بشار أسد، فإن أحرار الشام هم الذين سيقررون حجم و طبيعة رمزيته... و الأيام حبلى بالكثير!.

[email protected]