من هم الحريصون على العدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها الذين لا يريدون تجمع وتحالف كل القوى الفلسطينية المناضلة الواعية للعمل معا من أجل الدولة المستقلة والحياة الحرة الكريمة؟؟!!
لقد عاني الشعب الفلسطيني كثيرا وطويلا، وقد آن له أن ينجح في تخطي العقبات الكبرى ليحقق أخيرا حلمه الوطني النبيل، الذي يقر به ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ حق الشعوب في تقرير المصير..
ولقد تاجرت أنظمة عربية وإسلامية بالقضية الفلسطينية على مدى عقود وعقود لحساباتها السياسية الانتهازية المحضة، زارعة الشقاق وعوامل الانقسام بين الفلسطينيين. نتذكر النظام السوري و واستغلاله منظمات متطرفة، ومنها حماس؛ ومثله نظام الفقيه، ونظام صدام. زرعوا ومولوا وسلحوا منظمات وتشكيلات متخاصمة تزايد باسم القضية بينما هواها الحقيقي في مكان آخر. وأما الجامعة فقد أثبتت عجزها وبرهنت على التخبط في هذا المجال، ولم تسلك الوضوح والمصارحة في تقديم النصح عند اللزوم. ولم تكن القيادات الفلسطينية الوطنية معصومة من الأخطاء، فقد رفضت قيادة المفتي أمين الحسيني مشروع الكتاب الأبيض عن قيام دولة فلسطينية عربية مستقلة على ان يكون ربع السكان يهودا لهم حكم ذاتي. وبدلا، انحاز المفتي ومن معه إلى ألمانيا وإيطاليا الفاشيتين. وتاجرت الناصرية باسم القضية في كارثة 5 حزيران ليخسر الفلسطينيون والعرب مزيدا من الأراضي. ورفض أبو عمار مشروع بيل كلينتون لعام 2000 والذي كان سيعيد 90 بالمائة من الأراضي المطالب بها على أن تتم تسوية ما تبقى باستبدال متبادل للأرض. واختار أبو عمار تفجير انتفاضة مسلحة أضرت كثيرا بالشعب الفلسطيني. وحين بدأ اوباما يتحدث عن وجوب وقف الاستيطان عام 2009، بدلا من مطالبة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني بالتفاوض من حيث انتهيا في 2007 واتفاقهما على خارطة طريق، أوقف أبو مازن التفاوض، مما حدا بالكاتب عبد الرحمن الراشد إلى الحث على التفاوض بلا شروط وإلا فلن يكون الرابح غير إسرائيل. وهذا ما حدث بالفعل حيث ان غلاة المتطرفين في إسرائيل استطاعوا بناء المزيد والمزيد من المستوطنات ولحد يومنا
إن حكومة نتنياهو تتربص وغلاتها يناورون ويتلاعبون . كما أن الظروف المحلية والإقليمية والدولية معقدة جدا والعقبات كثيرة أمام نضال الشعب الفلسطيني، والسياسة فن الممكن حسب موازين القوى. فاتفاقية أوسلو قابلها المزايدون والمتشنجون، ومنهم حماس بالغضب والرفض مع أنها هي من مكن عرفات من الانتقال إلى أراض فلسطينية وإقامة السلطة الفلسطينية. وفي حينه قال الشاعر الفقيد محمود درويش عن أوسلو quot; لا يرضيني ولكن لا أرفضهquot;.. وأن نربح مزيدا من الأراض المحتلة دفعة فدفعة خير من الخطب الحماسية والمكاسب الدبلوماسية الرمزية التي لن تسترد شبرا واحدا من الأرض المغتصبة..والسياسة الحكيمة لا تنطلق من منطلق الفعل ورد الفعل ومن هوس إزعاج الآخر، بل من الخطوات المدروسة التي تساعد على عزل التطرف الإسرائيلي دوليا، كما تساعد على تقوية تيار السلام داخل إسرائيل.
لقد أعلن محمود عباس عن المصالحة مع حماس مع أن كل التجارب السابقة تدل على أن حركة حماس لا تؤتمن ولا تلتزم بما تتعهد به، وأنها مسيرة، وميثاقها ينص على quot;تدميرquot; إسرائيل. ومع التطورات المصرية وضعت يدها مع الإرهابيين في سيناء ضد القوات والمصالح المصرية انتصارا لمرسي ومجموعته واستجابة لدولية الإخوان المسلمين. قال أبو مازن عن الاتفاق إنه لا يتعارض مع العودة للتفاوض مع إسرائيل، وإن الحكومة المشتركة سوف تعترف بدولة اسرائيل وتلنزم بالاتفاقيات السابقة، ولكن ها هو قيادي حماس محمود الزهار ينفي ذلك جهارا نهارا في تصريحاته لرويترز، قائلا ان الاتفاق لا يعني اعتراف حماس بحق إسرائيل في الوجود. وقال إن الوزراء في الحكومة الجديدة سيكونون أكاديميين ليست لهم صلاحيات سياسية.
لقد سبقت quot; المصالحة الحاليةquot; مصالحات سابقة نقضتها حركة حماس، التي كانت تتبع أوامر النظام الإيراني ونظام الأسد، وأممية الإخوان. وسبق لحماس ان انقلبت على السلطة الشرعية وأقامت في غزة نظاما طالبانيا. وإذا كانت إسرائيل قد ردت بغضب على الاتفاق الجديد، فليس هذا الموقف الإسرائيلي معيارا لتقييم الخطوة؛. فلإسرائيل حيثياتها ومقاصدهان ورفضها لا يعني- بحد ذاته- صحة وسلامة موقف قيادة السلطة الفلسطينية الشرعية. والدليل يأتينا به السيد الزهار بلا رتوش....