الحكم على رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق (إيهود أولمرت) بالسجن لمدة ستة أعوام على خلفية فضيحة رشوة عقارية من قبل القضاء الإسرائيلي الصارم و المهني و العادل يمثل إنتصارا حقيقيا و مرعبا على العالم العربي، و يعبر عن شفافية مطلقة من العدالة و لو نظريا! خصوصا و إن وضع رئيس الحكومة الإسرائيلية في السجن و قبله دخل السجن أيضا لمدة عام كامل رئيس دولة إسرائيل (موشيه قصاب) بتهمة الإغتصاب الجنسي يمثل حالة غريبة و شاذة للغاية في الشرق الأوسط و حيث الحكام الآلهة الذين لا يخطأؤون و حتى إن إخطأوا فإن التبريرات موجودة لإظهارهم بمظهر الضحية الذي يتعرض للمؤامرة الكونية الهادفة لتشويه السمعة و الإساءة للأمة العربية و تاريخها المجيد في القتل بالجملة و المفرق؟ لقد حاسب القضاء و الشعب الإسرائيلي حكامهم بجدارة و إستحقاق و لم يعبأوا بكل ما قام به أولئك الحكام من عداء و أعمال قمعية و شراسة عدوانية ضد أعدائهم العرب بل و جعلوا القانون سيد الموقف وهو الذي يضع الأمور في نصابها، و بهذا فقد إنتصر الإسرائيليون من الناحية الأخلاقية و القانونية الصرفة و حققوا إنجازهم التاريخي بكسر و إهانة أكبر رأس يعتدي و ينتهك القانون و بذلك يستحقون التحية بصرف النظر عن أية إعتبارات أخرى!

و إنني أتساءل حول موقف الشعب الإسرائيلي فيما لو سرق وزير تجارته مثلا مليارا من الدولارات و هرب للندن لا يلوي على شيء؟ هل سيتركونه يعيش بهناء هناك دون أن يحركوا الإنتربول الدولي و الدبلوماسية الدولية من أجل إسترجاع المبالغ المسروقة و إعتقال الوزير الحرامي بشهادة القانون و سوقه للمحاكمة و زجه في السجن، كما فعل مثلا وزير تجارة حزب الدعوة &المؤمن جدا جدا و حتى الثمالة الرفيق المناضل عبد الفلاح السوداني قدس سره الباتع؟ وهل سيصمتون مثلا عن هروب وزير كهربائهم أو دفاعهم بملياراتهم المسروقة؟ و يكتفون باللطم و العويل و الندب على حائط المبكى؟ وهل كانوا سيعيدون إنتخاب رئيس حكومتهم (الضرورة) وهم يشاهدون الإنفجارات اليومية تقتل العشرات في الشوارع، و يتابعون مسلسلات الفشل التاريخية، و يتقصون أخبار الهجمات العسكرية لجيش دفاعهم على شعبهم و بالبراميل المتفجرة في كريات شمونة و كريات أربع و صحراء النقب و أشدود و يهودا و السامرة؟ وهل كانوا سيخرجون زرافات ووحدانا لإعادة إنتخابه و يتجاهلون كميات الدماء و الأموال التي سفكها أو شفطها أو أهدرها؟ وهل كان الشعب الإسرائيلي سيغض النظر عن حجم الأكاذيب الهائلة التي يطلقها رئيس حكومتهم و خصوصا حكاية و مهلة (المائة يوم فقط لاغير) لإحداث التغيير المطلوب فإذا بأعوام أربعة دموية عجاف تمر و لا (خبر و لا جفية و لا حامض حلو و لا شربت)!. بل أن الشعب قد أخذ إجازة طويلة و غاب عن الوعي في مهرجانات اللطم و العويل على حوائط المبكى و ما أكثرها في عالمنا العربي السعيد حتى الثمالة أيضا؟... لا يسعنا إلا أن نهنيء و نبارك للشعب الإسرائيلي الشقيق إنتصاره الكبير و إذلاله الرائع لرؤوس السلطة الذين تصوروا بأن منصبهم يحميهم من المسؤولية، و يعفيهم من المساءلة! و بهذا فمن الضروري لشعوبنا العربية التعلم و الإقتداء بما فعله الشعب الإسرائيلي إن اردنا فعلا مسك أولى خيوط الإنتصار على الذات... أما من يعبد الطواغيت فإن مصيره سيكون مصير الشعب العراقي و حيث الثروة و الإفلاس و العذاب على سطح واحد... تجربة حزب الدعوة الإيراني العميل تستحق الدراسة في مدرسة لصوص التاريخ، فتبا و سحقا للقوم المجرمين، و تعلموا من جيرانكم الإسرائيليين يا أمة ضحكت من ذلها الأمم.

&

[email protected]