منذ أحد عشر عاما والارهاب يضرب اينما يريد، ومن المفروض سنة بعد سنة تتغير الاحوال نحو الافضل بفعل التجارب واكتساب الخبرة والتطور والثقة بالنفس، ولكن للاسف لم يحدث مثل هذا، والارهاب الذي كان يضرب (الكرادة) وسط بغداد ما زال يضربها متى شاء وكأن لا استخبارات ولا كاميرات ولا عيون ولا جهود امنية تبذل، الكرادة نفسها تتعرض على الدوام الى سيارات مفخخة وعبوات ناسفة، وهي مدينة من السهل احتواءها ومن غير الممكن ان تكون فيها خلايا نائمة تستيقظ متى ما شاءت وتظل عيون الاجهزة الامنية مغمضة عنها وافئدتها غافية.

الكرادة.. ما زالت تحترق بالعشرات من الانفجارات التي تحصد ارواح الابرياء،ولا احد يعرف كيف؟، ولا احد يستطيع ان يجيب عن الاسئلة التي تتطاير من افواه الناس،وهي منطقة مليئة بالسيطرات واجهزة كشف المتفجرات والكلاب البوليسية والاجهزة الامنية الكثيرة حتى ان اي شارع من شوارعها لا يخلو من جندي او شرطي او مدرعات وفيها الكثير من بيوت السياسيين والوزارات، ولا يمكن النظر اليها دون الشعور بأن من الصعب اختراقها، فهي محاطة بالجنود والشرطة من كل شارع ويحدها من غربها من اولها الى نهايتها نهر دجلة، وجنوبها منطقة الجادرية التي فيها الحرس الرئاسي وسواه، وإذن.. من اين تمر المفخخات وكيف تنقل العبوات؟ الجواب،كما يقوله الناس، خلايا نائمة، تتحرك بسهولة وسط الناس، ولا ادري لماذا لا تتمكن الاجهزة الامنية من اكتشاف هذه الخلايا، او تعقب عناصرها التي تتحرك على مدى سنوات،فمن ان اين تأتي المتفجرات وأين يتم تصنيعها؟

الكرادة.. قلب بغداد النابض ووجها الساهر الجميل وساحتها الممتعة وطولها الفارع وابو نؤاسها الساحر، لم تلتفت اليها الحكومة العراقية التفاتة جادة،بل انها تنظر اليها بعيون نائمة تماما ولا يهمها ما يحدث فيها ولا تتأسى بل انها لا تعترف بها انموذجا بغداديا للانشطة التجارية والترفيهية والفنية، الحكومة تنام جفونها بعيدا عن شوارد ما يجري في الكرادة والخلايا النائمة تستيقظ لتفتك بالناس فتتثائب لتتهم اطرافا هنا وهناك من انها السبب في الانفجارات متناسية ان المسؤولية تقع على عاتقها لوحدها فقط في حماية الناس، وناسية ان الذي لا يستطيع ان يحمي مدينة مثل الكرادة لا يمكنه ان يحمي بغداد ولا اية محافظة عراقية.