كأنما لم تكفنا كوارث المنطقة وفوضاها لكي تجازف حركة حماس يخطف ثلاثة صبية إسرائيليين وقتلهم، ومن ثم، إعطاء الحجج لإسرائيل لشن رد دموي& لا يزال مستمرا. خطف صبية وقتلهم لا يردان شبرا من الأراضي المحتلة، ولا حتى صواريخ حماس الإيرانية، ولكن هذه الممارسات& تعني اندلاع نار جديدة تضاف لبقية نيران المنطقة، فضلا عن تزويد غلاة المتطرفين الإسرائيليين بذرائع جديدة للتعنت والتشدد والعنف.
حركة حماس وجماعة الجهاد لا تبادران بمحض قرار مستقل منهما لمجازفة خطيرة كهذه لا تدخل في أية مصلحة فلسطينية. ومعروف حديدا ارتباط الجماعتين بإيران وذهاب مشعل مرارا لطهران ومبايعته& لخامنئي لا لمحمود عباس. وحماس شاركت القاعدة وغيرها في تنفيذ عمليات إرهابية متتالية في سيناء ومدن مصر لصالح سلطة الإخوان المسلمين المصريين، وهو ما لا علاقة له بمصالح القضية الفلسطينية.
في رأينا، أن إيران، لا الشعب الفلسطيني، هي صاحبة المصلحة في إشعال النيران في هذه البقعة من المنطقة[ كما في غيرها] وفقا لحساباتها التوسعية الساعية للهيمنة، وبأمل فرض تنازلات نووية كبيرة على أميركا والمجتمع الدولي تمكنها في نهاية الأمر من تصنيع القنبلة. نظام الفقيه يمد مخالبه في كل مكان، ويتعمد أن يظهر نفسه كالقادر على إطفاء النيران التي يشعلها. وربما في الغرب، ولاسيما إدارة أوباما، من سيصدقون [ أو يتعمدون تصديق]ويتركون لإيران أن تفعل ما تشاء.
ها هي إيران تدير الحرب في العراق بقوات الحرس والطائرات والطيارين، وتوجه الإنذارات للأكراد العراقيين لتقوية موقف المالكي، الذي يتشجع فيوجه لكردستان ما يشبه إنذارا بالحرب بعد اتهام أربيل باحتضان البعث وداعشن. وهي تهمة واضحة التهافت والاصطناع. الغرب لا يحتج على التدخل العسكري الإيراني في العراق، كما لا يحتج على تدخل إيران في سوريا. ولإيران مصلحة في حرب جديدة في غزة لصرف النظر عن تدخلاتها وعن تعنتها في المفاوضات النووية، وبأمل أن يطلب اوباما وساطتها لإطفاء النار هناك.
إيران تتاجر بالقضية الفلسطينية، كما تاجر ويتاجر حكام عرب، سابقا ولاحقا. وقد سمت فيلقها الإرهابي بفيلق القدس فيما هو يعيث تخريبا في أرجاء المنطقة. ومن يتوهم& أن إيران صادقة فلسطينيا، فليذكر فضيحة إيران غيت، حيث لم تجد إيران ما يمنعها من الاستعانة بإسرائيل للتزود بالسلاح في الحرب مع العراق. وفيما بعد، لم تجد ماتعا من استخدام القاعدة لتخريب الوضع العراقي بعد سقوط النظام العراقي السابق. وحين تتظاهر بأنها تدافع عن شيعة العراق والمنطقة، فلا يجب نسيان تعاملها العنصري مع مئات الآلاف من شيعة العراق الذين هجرهم صدام لإيران، ولم& تتعامل برفق إلا مع الساسة الذين ساروا في ركابها ومع المليشيات العراقية التي صنعتها وسلحتها، ولا تزال. وإيران لا تزال تحتل جزرا عربية، وتطالب بالبحرين. وباسم الدفاع عن المراقد الشيعية في العراق وسوريا ترسل القوات والسلاح لحماية جلاد الشعب السوري، فهي تعتبر كلا من العراق وسوريا ولايتين تابعتين، وما يحدث فيهما هو كما لو حدث في إيران نفسها. ولا نتحدث عن تبعية لبنان!!
أجل، لم تكن المنطقة في حاجة لنزاع دموي جديد. وعلى عقلاء العرب والفلسطينيين ألا يكتفوا بإدانة العمليات الإسرائيلية، بل أن ينتقدوا أيضا وبقوة مجازفات حماس والجهاد ويدعوا لعدم توريط القيادة الفلسطينية الشرعية. وحين عقدت صفقة المصالحة، كتبنا أنها صفقة ملغومة لأن حماس لا تحترم الالتزامات مع فتح والحكومة الشرعية ولأن أمرها بيد الولي الفقيه.
إن إدانة الغارات والعمليات الإسرائيلية الدموية واجب قومي، كما هو واجب وقف مجازفات حماس عند حدها. وبدون ذلك سيسقط الضحايا الفلسطينيون بعد الضحايا، ولن نسترد شبرا جديدا من الأراضي المحتلة. وأما الذين راحوا يجاملون إيران حتى بين الخليجيين، ربما نكاية بسياسات اوباما في التخلي عن الحلفاء، فإنهم& سائرون في طريق يشجع ايران على المزيد من التخريب ونشر الفوضى وتهديد الآخرين.
&