من المسؤول عن هذا القتل والموت والدمار المستمر في فلسطين طوال 65 عاما مرت ومضت دون توقف لشلال الدم هذا؟. انتفضت غالبية دول العالم لمقتل الصبية الإسرائيليين الثلاثة الذين تمّ خطفهم& من قبل فلسطينيين مجهولي الهوية حتى الآن، ثم عثروا على جثثهم مقتولين بعد ساعات قليلة من خطفهم. إنّ قتل المدنيين الأبرياء مرفوض مهما كانت تصرفات حكوماتهم وحشية وهمجية، ولكن أين هذا العالم الذي يدّعي الحرية والديمقراطية ودعم إرادة الشعوب من رد فعل حكومة الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيها الذي تمثل في خطف الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير وقتله، وأعمال قوات الاحتلال الإسرائيلي الهمجية التي لم تتوقف منذ ما يزيد على شهر حيث مئات المعتقلين وعشرات الغارات الجوية على قطاع غزة حيث التدمير البشع الهمجي الذي لا ينمّ إلا عن روح احتلالية تسعى للبقاء وسط بحار من الدماء وأشلاء القتلى وخراب البيوت والمؤسسات، مما جعل الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة يعيش من سنوات في سجن كبير باعتراف العديد من المؤسسات الدولية المراقبة للوضع هناك، حيث لا كهرباء ولا ماء ولا أي مستوى من الرعاية الصحية لما يزيد عن مليون ونصف من الشعب الفلسطيني في القطاع.

من المسؤول عن هذا الموت والقتل والخطف؟
سواء اعترفت دولة الاحتلال وغالبية دول العالم أو لم تعترف، فإنّ شلال الدم المستمر يقع على مسؤولية دولة الاحتلال الإسرائيلي التي ترفض بعنجهية ووحشية الاستجابة لأبسط حقوق ومطالب الشعب الفلسطيني الذي قامت الحركة الصهيونية بالاستيلاء على وطنه عبر مقولات صهيونية أقرب للأساطير باعتراف العديد من المؤرخين اليهود أنفسهم خاصة من يطلق عليهم (المؤرخون الجدد)، وأيضا الفيلسوف الفرنسي "روجية جارودي" صاحب الكتاب المشهور ( الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية ) الذي تمت محاكمته بسبب الحقائق التي كشفها من خلال أساطير وهمية مثل (شعب الله المختار) و ( الأرض الموعودة)و ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)، رغم أن أي عقل محايد لا يمكن أن يقتنع بإله أو رب يختار شعبا من شعوبه ليعتبره هو المفضّل والمختار من بين كل الشعوب، و أي عقل يقبل أنّ هناك أرض بلا شعب ليتمّ تجميع وتهجير شعوب مختلفة الهوية والنشأة لاحتلال أرض شعب آخر يعيش في أرضه التاريخية منذ ألاف السنين. وتكفي الحقائق الإسرائيلية نفسها التي تعترف بأنّ ما يزيد على ربع مليون ممن تمّت هجرتهم لدولة الاحتلال بعد انهيار دول الاتحاد السوفييتي لم يكونوا يهودا بل ادّعوا ذلك هروبا من فقر تلك الدولة والبطالة السائدة فيها.

ورغم ذلك فالشعب الفلسطيني يريد دولة ضمن حدود عام 1967 ،
وهذا ليس منذ اتفاقية أوسلو الموقعة في سبتمبر 1993 فقط بل سبق ذلك في اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني ، دورته الثامنة عشر المنعقدة في العاصمة الجزائرية بتاريخ أبريل 1987 حيث أعلن الرئيس ياسر عرفات قيام تلك الدولة وعاصمتها القدس الشرقية باجماع كافة الفصائل والشخصيات الحاضرة في اجتماعات تلك الدورة. ورغم ذلك& وبعد توقيع اتفاقية أوسلو المعترفة رسميا وعلنيا ب " دولة إسرائيل "، إلا أنّ دولة الاحتلال مستمرة منذ 21 عاما أعقبت تلك الاتقاقية والاعتراف في ممارسات لا يمكن وصفها إلا بأنّها استفزازية لا تريد السلام مع الفلسطينيين بأي شكل وضمن أية حدود، ويكفي ذكر الممارسات الاحتلالية الوحشية التالية:
1 . استمرار الاستيطان الذي بلع واستولى فعلا على ما يزيد عن 25 % من مساحة الضفة الغربية.
2 . استمرا رالحصار على قطاع غزة بشكل يحرّم شعب القطاع من أبسط الحقوق والحياة الكريمة.
3 . استمرار الضفة الغربية مساحة محتله ميدانيا رغم وجود السلطة الفلسطينية، كديكور شكلي فقط فالجيش الإسرائيلي يتجول ليلا ونهارا في أي وقت بالضفة، يقتل ويعتقل ويسجن ويدمر دون أية ردود فعل من السلطة الفلسطينية بل تنسحب قوات شرطتها مسبقا من أية منطقة سيدخلها جيش الاحتلال.
4 . الاستمرار في عمليات الاعتقال العشوائي حيث ما يزال في سجون الاحتلال ما يزيد على ثمانية ألاف سجين فلسطيني بينهم مئات النساء والأطفال، والعديد منهم قضى وما يزال في سجون الاحتلال ما يزيد على عشرين عاما.
5 . استمرار الانتهاكات الصهيونية للمقدسات الإسلامية حيث تسعى دولى الاحتلال لتهويد القدس تماما بعد أن تمكنت في فبراير 1994 من اقتسام الحرم الابراهيمي بمدينة الخليل وتحويل أغلب مساحته لكنيس يهودي، عقب مذبحة الصهيوني باروخ جولد شتاين الذي اقتحم الحرم وقت صلاة الفجر وقتل بدم بارد 29 فلسطينيا وهم يؤدون الصلاة، ثم أعقب ذلك مواجهات مع جيش الاحتلال سقط فيها 30 قتيلا فلسطينيا.
6 . إصرار دولة الاحتلال على اعتبار "دولة إسرائيل" دولة يهودية مما يعني طرد ما لايقلّ عن مليون وربع فلسطيني ما زالوا في وطنهم التاريخي منذ عام 1948 .
لذلك..لا سلام..ولا أمن..ولا استقرار،
إزاء هذه الممارسات الاحتلالية البشعة التي ترفض الاعتراف بأبسط حقوق الشعب الفلسطيني الذي يريد دويلة على ما لا يزيد عن عشرين بالمائة من مساحة فلسطين التاريخية. نزيف الدم والقتل والدمار والتفجير سيستمر والمسؤول عن ذلك هو دولة الاحتلال التي عليها أن تعرف أنّ الدم لا يجلب إلا الدم، والقتل لا يتبعه إلا القتل، وهي دولة لم تتعظ من دم يسيل وقتل يرتكب طوال 65 عاما..فهل تصحو تلك الدولة؟. أشكّ في ذلك فمن لم يتعظ طوال 65 عاما لن يصحو فجأة، ولا أظنّ أنّ صبر الشعب الفلسطيني سيستمر طويلا، فهو شعب ما عاد يخاف من أية احتمالات، فلن يجيء ما هو أبشع مما عاشه طوال 65 عاما..فالمستقبل مفتوح على كل الاحتمالات التي لن يخلو منها مسلسل الدم والقتل أبدا.
www.drabumatar.com
&