وصل الى بريدي رسالتان الأولى: من الأستاذ البرفسور هاني عبيد من جامعة عمان بالأردن تعلق على مقالتي الخامسة، من امريكا مع التحية 5.. المسيحيون العرب. وقد ارفق الاستاذ هاني مع رسالته الخاصة دراسة مطولة أضع رابطها هنا لمن اراد الاطلاع عليها لأهميتها مع موفور الشكر للأستاذ الكريم.
يقول الاستاذ هاني:
أخي الأستاذ سالم حفظك الله
تحية طيبة وبعد،
فقد قرأت مقالك المنشور في ايلاف "من امريكا مع التحية (5) المسيحيون العرب"، وبداية أحي فيك هذا الشعور القومي بامتياز في فهم واقع ومكونات امتنا التي تسعى جهات عديدة الى تفتيتها وتغريبها عن تاريخها ومكونات مجتمعها التي طالما كانت من عناوين تقدمها ومجدها.
عظمة هذه الأمة تكمن في انها كانت الحاضنة والبوتفة لكل مكونات الأمة التي نفخر فيها، فهذا التنوع الديني والطائفي والعرقي والثقافي كان مصدر القوة، ولكن القوى البغيضة لهذه الأمة وجدت بيننا من يسعى معها لتفتيت المفتت وتجزئة المجزئ علها تستطيع أن تجمد حركة هذه الأمة ومساهمتها في الحضارة.
أخي سالم.
أود فقط أن أشير الى أن استخدام مصطلح "المسيحيون العرب" غير دقيق، حيث أن المصطلح الدقيق في هذا المجال هو "العرب المسيحيون"، فنحن عرب قبل أن نكون مسحيين أو مسلمين، ويسعدني أن أرفق دراسة لي بهذا العنوان علها توصح بعض الاشكالات في استخدام مفاهيم ومصطلحات يتم استخدامها وتداولها بحسن نية.
وأقبل مني فائق الاحترام.
&رابط الدراسة www.jordanianvoice.com

أما الرسالة الثانية فهي مداخلة من الأستاذ المحامي والكاتب محمد جرار من اتلانتا جورجيا في الولايات المتحدة الامريكية حول مقالتي الرابعة، من امريكا مع التحية 4.. هل العرب صناع حضارة ؟
&أنشرها كما وردت الي.. شاكرا الأستاذين الكريمين على متابعتهما وتفاعلهما مع ما أكتبه في إيلاف. وهذا نص الرسالة الثانية:
&&
بعادتي ما أن أفرغ من قراءة نص أدبي أو عمل فني، حتى أستند بظهري إلى الوراء متأملاً متفكراً بالسحب الشاردة في كل إتجاه، شرود الأفكار في شرقنا البائس.
إلا أني ما كدت أفرغ من المقال الرابع للأستاذ سالم اليامي في سلسلته "من أمريكا مع التحية" المنشور في إيلاف وتحت عنوان (هل العرب صناع حضارة؟)، حتى خالجني شعور بأني أريد أن أهرول حافياً عارياً إلى أقرب ورقة وقلم، لأدون إعتراضاتي المتناطحة تناطح العنز والتيس، وأسجل موقفي من الأفكار التي تطحن عقلي. حملت قلمي كالميكروفون، ووقفت أمام منضدتي داقاً يداً بيد، كخطيب مفوه وجد ضالته لتوه في الهايد بارك. كيف لا وأنا استمع إلى صرخة دفينة تبعث من بين الحروف، وكأنها صرخة أمة تموت وتدري ألّا بعث لها يوم النشور.
أمسكت بالورقة والقلم وكأني أريد أن أخط ثورة من كلمات، واكتب حروفا من نار لأنفض عني لهب الحريق الذي اشعلته تلك السطور.
ووضعت نقطة من أول السطر... وتجمد عقلي كتجمد ضفاف البحيرات في برد الكوانين، فبعدما إنبريت كفارس مغوار لأقول له هاك الأدلة وإليك البراهين، لم أجد في داخلي إلا إنعكاساً لصورة فارس الطواحين، فأدلتنا واهية وتاريخنا نحن أول من يطعنه ويطعن فيه، وعظماؤنا نحن أول من يتخلى عنهم، وكتبنا نحن من نحرقها، وأفكارنا نحن من ينبري ليشن عليها الحرب الضروس.
نحن لا نقيم لحضارتنا وزناً، فكيف نرجوا بقاءها؟ نحن لا نعترف بتاريخنا إلا ما كتب في الصحف الصفراء منه، ولا نقيم وزنا إلا لما يضرم النار في ماضينا، حتى تشتعل كمد النار في الهشيم وتحرق حاضرنا بأيدينا.
نحن أمة لا تألوا جهدا، ولا توفر عرقاً في سبيل تسميم كل بذرة أمل، وحرق كل غرسة حب، أو بادرة نحو إشراقة شمس. حتى باتت ظلمتنا ألعن من أن ننير لها الشموع، وظلامنا أحلك من أن يمر عبره بصيص الأمل، تماما كالثقوب السوداء، التي تمتص كل نور أو تنوير، ومثل ديمونترات هاري بوتر التي تقتنص السعاده من القلوب.
وبعد الطوارق والكواسر والجوارح والنواصر وكل أعمال الفانتازيا، التي لم نجد عبر العقود الماضية ما نلق به الضوء على تاريخنا التليد إلاّها، لم تتفتق أقرحتنا إلا على تطوير الفانتازيا إلى واقع إسمه داعش.
وبعد قرن من الزمان كل ما نجحنا بتطويره، وجل إستفادتنا من ثورة الحضارة والتكنولوجيا والإعلام، هو برامج الديوك المتناقرة والتيوس المتناطحة، والتحريض الطائفي.
أما السياسة الدولية أصبحنا نتعامل معها بمنطق الضرة حينا ومنطق الزواج الكاثوليكي أحياناً أخر، أو كما قال الأستاذ سالم اليامي في مقال سبق.
وفي حقوقنا ننظر للدول الكبرى على أنها جمعيات خيرية، ولماضينا وثقافتنا وحاضرنا ننظر إليها كجمعيات ثقافية، ولمستقبلنا نتعامل معها كدور حضانة ورعاية، ثم ما نلبث بعد كل هذا وذاك نتشدق بالماضي التليد والحضارة الخارقة، ونستدعي بكل ما أوتينا من قوة أننا أمة ذات خصوصية تاريخا وحاضرا ومستقبلاً.
لذا، طويت الورقة جانباً، ووضعت القلم، وطاطأت رأسي، عذراً سيدي ما إنبريت إلا كما إنبريت، ولم أجد في نهاية المطاف شيئاً أقول أننا قدمناه للحضارة والتاريخ غير البكاء على الأطلال، والسباحة في الأوهام، وخلافة داعش. ولم أجد شيئا أصنعه بكلماتي إلا أن أجدل سياطا تجلد الذات، حتى يدمى الفؤاد وتتجلد المشاعر.
وعليه وضعت نقطة أخرى في آخر السطر، أما الفراغ بين النقطتين فهو الملخص الأبلغ للحالة التي نعيشها كأمة.
محمد جرّار – أتلانتا 2014

……
ومن المغرب العربي، يكتب& لي الأخ الكريم العربي محمد من طنجة رسالته التالية:
الاستاذ سالم اليامي
تحية وبعد
أشكرك على مقالتك المعنونة ب ( هل العرب صناع حضارة ) وأود أن أخبرك أن ما يسميه العرب حضارة لهم في الأندلس هي بالفعل حضارة لكنها لم تكن كذلك لولا أنهم تأثروا بأجواء الواقع الذي عاشوا فيه في أسبانيا وآمنوا بفكر التعايش وهم القادمون من الصحراء التي لاتعترف بغير اللون الواحد. فتشاركوا مع اليهود والمسيحيين وغيرهم من الأجناس والأعراق لبناء حضارة ليست من صنع العرب وحدهم وإنما بفضل إيمانهم بالتعايش مع الآخرين. وعندما بدأ العقل العربي ينكص مرة اخرى ويعود إلى زمن طفولته البائسة، إنحرف بقيم الحضارة التي بناها والآخرون المختلفون معه في الدين والعرق، ليجعل من تلك الحضارة بعد بناء دام مايقارب الثمانمئة عام عرسا دائما لشهواته ونزواته مما حدا بالذين استقبلوه كمشارك في بناء حضارة متنوعة أن يطردوه شر طرده ويجردوه من تلك المميزات التي لولا تفاعل وإحتضان أهل الأرض الأصليين مع ذلك العربي القادم من الصحراء لما أستطاع أن يشارك في بناء تلك الحضارة التي جيرها العربي بإسمه وهي من صنع التعايش بين مكونات عدة وليس المكون العربي وحدة.
دمت بود وتقبل تحياتي.
العربي محمد، طنجة،المغرب.&

..............
أما الأخ سامر أحمد من بغداد الذي عنون رسالته قائلا: نعم العرب صناع حضارة ولكن !
كتب يقول:
الاستاذ سالم اليامي
السلام عليكم
كل شعب قادر أن يكون صانع حضارة عندما يستطيع أن يحتوي كل المكونات الدينية والعرقية والمذهبية. والعرب يملكون من القدرات الذكية ما يجعلهم قادرين على صنع حضارتهم، لكن مشكلتهم الخطيرة أنهم يقعون دائما ضحية الطغاة الذين تصنعهم تلك الشعوب العربية فيستغلون نعرة العربي القبلية والطائفية لإثارة الفتن بينهم وإشغال العقل عن التفكير السليم المنتج.
كان العراق على مر التاريخ بلد يتعايش فيه العراقيون بمختلف أطيافهم، لكن الاستبداد وما أنتجه في العراق وفي محيطه الشرقي لم يدع هذا العراقي يستغل قدراته المالية والزراعية والبشرية كي يبني حضارته.
كل الشعوب قادرة يا سيدي على صنع حضارة إذا تسلحت بقيم الحرية والديموقراطية واحترام التنوع.
لك تحياتي
سامر احمد
&بغداد، العراق


[email protected]