&قضية العرب المركزية وفي محيط العالم الاسلامي كانت ولازالت فلسطين وتتمركز حولها كل القوى السياسية الحكومية وأحزابها وتفرعاتها ومنطلقاتها ودعواتها الفكرية الصادقة والكاذبة للشعب الفلسطيني ومنظماته الشعبية ومناشدة قادة الضفة والقطاع (السلطة الفلسطينية ومنظمة حماس) للحكومات العربية والأسلامية لتقديم العون والمساعدة العينية والمادية للتقليل من آثار العدوان الاسرائيلي وجرائمه المتكررة ضد السكان العزل.

والظاهر للعيان " سياسياً وعسكرياً" أن نوايا الخطط الأسرائيلية ثابتة لن تتبدل في (الذريعة والهدف، ومبدأ الاستخبارات تسبق العمليات وتوقيت التصعيد أو التهدئة) على عكس النوايا العربية وبالأخص طبيعة علاقة مصر مع الأطراف المعنية ( موضوع حديثي) حيث تبادر مصر لجلب الطرف الفلسطيني والأسرائيلي وممثل أمريكا للحوار في القاهرة بعد أيام، ليتم بعد تحقيق أسرائيل أهدافها العسكرية. منذ اليوم الأول لأختطاف الأسرائيليين الثلاثة في الضفة الغربية وعيون القيادة السرائيلية ومخابراتها وأستطلاع طائراتها يتركز على قطاع غزة و قيادات حماس وليس بالقدر المساوي في التركيز على السلطة الفلسطينية وأحداث الضفة الغربية حيث تم أختطاف الأسرائيليين الثلاثة.&

شعرت القيادة الاسرائيلية بأن الوقت قد حان لكشف وضرب مخازن الأسلحة والوصول الى مخابئ وأنفاق في غزة بعد أمتلاك حماس صواريخ أرض – أرض مُحسنة تم نصبها شمال القطاع، الأمر الذي ألزم أسرائيل التأكد من فعالية صواريخها "القبة الحديدية" وأختبارها في أعتراض وصيد المجموعات الجديدة التي دخلت في حوزة مقاتلي حماس ومنصات أطلاقها ومخابئها ( كصاروخ م 302 س تصنيع سوري بمدى 150 كم، وصاروخ من طراز فجر 5 تصنيع أيراني ومداه 75 كم، وصواريخ القسام الفلسطينية الصنع ومداها 20 كم).&

أغتنمت القيادة الاسرائيلية فرصة مناسبة للاستفادة من حدث واستغلاله لتمرير حدث بطريقتها المعهودة في التصعيد العسكري أو التهدئة( Escalation or de-escalation ).&

الذريعة اختطاف 3 شبان متطرفين يهود في الضفة الغربية، والهدف حماس وصواريخها المستحدثة في قطاع غزة. ظلت القيادات العربية السياسية والعسكرية قليلة الفهم والخبرة العسكرية بالنسبة لسياسة أسرائيل وتفضيلها وأختياراتها لمصطلحات متعارف عليها دولياً : أعلان الحرب، الهدنة. وقف أطلاق النار، أتفاقية صلح، أتفاقية سلام، أتفاقية أستسلام فلهذا العبارات والمصطلحات مجلدات وقواميس تدخل في حقل القانون الدولي وتنتظم بموجبه دول في مجالس وهيئات المنظمة الدولية للأمم المتحدة ومجلس الأمن.

أما الملاحظة الثالثة فهي تتلخص في وضع مصر الذي يتوجب علينها فهمه قبل أن نلجأ الى المعامرة بأيات قرآنية حماسية " ونُلقي في قلوبهم الرعبَ" و تليل الموقف العربي الغير مُهيئ التهيأة المطلوبة للحرب الحديثة والخبرة في فهم عوامل النصر والتي تنتهي عادةً بفاجعة على أهلنا في قطاع غزة بأنزال الرعب الهمجي الاسرائيلي عليهم.&

مصر في مرحلة خصصها لها قادة المنطقة عربياً وأمريكياً، وقبلَ بها قادتها حيث ألزمتهم أتفاقيات لاتستطع فيها حكومة السيسي وفقها غير أعلان، شجب العدوان الأسرائيلي وتقديم النصح والمشورة الى الفلسطينين، والتشدد معهم في منع عمليات التسلل وتهريب الأسلحة من سيناء الى قطاع غزة، وقواتها المسلحة تمتثل لذلك حرفياً. ودور مصر في الصراع العربي الأسرائيلي هو كقول الشاعر ( لوكنتَ تعرف ماأقول عذرتني ). فمصر من أفقر الدول الأفريقية أذا أخدنا في الحسبان مواردها الأقتصادية الشحيحة والدخل الشهري للفرد يقدر 25 دولاراً وكثافة السكان 90 مليون نسمة. وتعتمد مصر في تسيّر عجلتها الحياتية على المساعدات المالية والغذائية من دول الخليج والولايات المتحدة. ودخولها كطرف في اي نزاع مع أسرائيل يكلفها ضرراً لاقدرة لها على تحمله. وهو أمر يدركه الطرف الفلسطيني محمود عباس في السلطة وخالد مشعل في حماس. فما هو دور مصر الحقيقي في نزاع عربي اسرائليلي على المستوى الحالي؟

حكومة مصرُ ملزمة بأربع عوامل رئيسية لاتستطيع أن تُحيد عنها : التقييد وأحترام معاهدة السلام مع أسرائيل، تأمين المساعدات المالية التي يقرها الكونغرس الأمريكي لمصر سنوياً، التنسيق مع مخابرات دول أجنبية بشأن مكافحة الأرهاب " وفق تعريف الأرهاب المتفق عليه"، ثم تسهيلات مرور السفن التجارية وحاملات الطائرات الأمريكية وعدم التعرض لسفن الحلفاء وسلامة مرورها في قناة السويس.&

&في مبادرة منها، دعت مصر ( كوسيط ) الى وقف أطلاق النار وأستئناف الحوار بين الاطراف المعنية في القاهرة. ويدرك المسؤولون المصريون بأن القيادة الأسرائيلية وحدها تقرر ساعة وقف العمليات العسكرية وتحدد موعد أجتماعات الأطراف في القاهرة بعد حساب نتائج القتال الميدانية وماتحقق منه. أما في الجانب الفلسطيني وبحساب نتائج القتال ميدانياً، فلا أجد أنها تنتهي بنهاية موفقة، سببها سوء التقدير في قراءة تفكير القيادة الأسرائلية وسياسة الخنق التي تتبعها حكومات عربية لأجراء المفاوضات المشروطة عادةً والتي يبتلعها الأخوة الفلسطينيون على كونها مفاوضات مثمرة ونوايا سليمة، مع معرفة الجميع أنها تُمرّر بأكراه على الجانب الفلسطيني وعلى مايملى عليهم من جانب ألأعلام العربي التقليدي الهزيل الذي لايتجاوز حدود التنديد والشجب لأسرائيل.&

&

باحث وكاتب سياسي

&