منذ ان اعلن الثائر الاميركي "مارتن لوثر كينغ " خطبته الشهيرة عام /1963 وأطلق صرخته المدوية للمساواة& بين البشر باعتبارهم جنساً واحداً وليسوا اجناسا مهما اختلفت سحناتهم وتعددت ألوانهم وتقاسيم وجوههم، وجمعَ اتباعه من المتنورين والمناهضين للتمييز العنصري مصرّحا بان& "لديه حلم" عليه ان يحققه، أخذ& يطلق صوته مصوّبا سهام كلماتهِ& نحو الكراهية ومنبتها القذر وقلبها الذي يقطر دماءً ويغلي حقدا.
لنا أن نتساءل، هل يأتينا مارتن لوثر من أطياننا يوقف نزاعات شعوبنا الدينية والمذهبية وينشر السلام والوئام ويبعث الطمأنينة في النفوس ونمشي في ارضنا هونا ومرَحا ولانتعثر بمطبّات تعيق مسيرتنا نحو التسامح والعفو والغفران ونردم العثرات التي كسرت أقدامنا بسبب المزالق التي صنعوها لنا ؟!
اما يكفينا اننا ذقنا الويلات تلو الويلات وغرقنا في اوحال العداوة والبغضاء وكأننا نسينا ان الكراهية تشلّ الحياة وتُربكها وتظلمها بينما الحبّ يطلقها ويجعلها سائغة ممتعة مثل بستان تشذّبه ايادي المحبة ليكون باهرا منسّق الملامح، واسعا رحبا يسهل المراح في ربوعه وقطف ثماره اليانعة.
ليتني كنت رجلَ دينٍ مسيحيا لفتحتُ كنيستي لجاري الجنب الشيعي والصاحب بالجنب السنيّ ورحّبت مهللا بصديقي الصابئي وزميلي في مقاعد الدراسة الأيزيديّ الذي مازال يراسلني ويتفقدني رغم مرور اكثر من ثلاثين سنة على عِشرتنا معا منذ زمن الفتوة حتى باغتتْنا الكهولة.&
ويحذو حذوي صهري الشيعيّ ويفتح حسينيته لشريكه المواطن أيا كانت عقيدته ومذهبه ويفعل السنيّ مثلما يفعل بقية اخوانه ويفتح مسجده لنصلِّي معا ونتراصف جدارا سميكا قويا مانعا، لانخشى معاول الحقد والكراهية مهما اكثروا الضرب وزاد عصف رياحهم الفاسدة
آن الأوان أن نقرّر التمسك بالحب؛ فالكراهية عبءٌ ثقيل يصعب جدا ان نحتملها ولتكن اماكن العبادة أولاً باحة واسعة لاستقبال نظرائنا في الخلق وشركائنا في الوطن وأخوتنا في الشدائد والمحن ولنغلق ابوابنا امام من يريد فصم عرى الوفاق والتآزر من عتاة المتطرفين من اية بقاعٍ& جاؤوا، سواء كانوا أعرابا ام اغرابا.
لاتجعلوا أدياننا المتسامحة تُختطف من قبل شلّة فاسدة ظاهرها الايمان وباطنها الشيطان وتشيع فينا الفساد والقتل والخوف وشيوع الخراب والتكفير من مجاميع داعشية ومن شذّاذ الآفاق امتهنت زراعة الفتاوى القذرة في عقول الجهّال وممتهني العنف وذوي المكائد؛ فآفة الدين هم علماء السوء كما يقول سيدنا علي بن ابي طالب / رض وممن يصنعون الازمات والفتن من غير الاسوياء ليعتاشوا عليها لانهم لايستطيعون التكيّف في مجتمعات صحيحة مسالمة سويّة مثلما العقارب التي تأنس العيش في الخرائب الوسخة.
فلْنطهّر أرضنا من مفاسد سياسيي المنافع الخاصة وعلماء السوء وأذنابهم من الدخلاء ولنكن قلبا واحدا جامعا وحضنا واسعا لكل ابناء الرافدين عربا وكردا وتركمانا وأقليّاتٍ متنوعة اخرى وننشر بساط المحبة لجاري السنيّ المحبّ لآل بيت رسول الله حبّا جمّا وصديقي الشيعيّ الذي يسعد بزيارة شيخنا الجليل عبد القادر الكيلاني ويتمثّل بأقوال فقيهنا الالمعي شهيد الاسلام ابي حنيفة النعمان وزميلي في العمل المسيحيّ& الذي كثيرا مايردد مقولة السيد المسيح /ع& وهو يضحك "احبّوا أعداءكم "؛ ومعالجي ذلك الطبيب الصابئي الذي يرعاني ولايرهق كاهلي ولايستنزف جيبي اقتداءً بحكمة معلمه الاول الطبيب الاغريقي " ابيقراط " كما يفتقدني صاحبي الايزيدي المهاجر البعيد عن انظاري ويسأل في الهاتف دائما عن احوالي ووضعي الصحيّ ويمنّي نفسه بزيارتي شوقا اليّ.
كما قرّبتنا أزمان الكوننة التي نعيشها الآن ووصلنا بعضنا بعضاً عبر الأيميل ووسائل الاتصال السريعة جدا... فما الضير من ان أحلم مثلما يحلم أهلي وقومي على اختلاف ألوانهم العقائدية والعِرقيّة بلقاءٍ يتّسع لجميع هؤلاء الذين أحبّهم ويحبونني كما كنّا من قبل نعيش معا في مرابع البلاد قبل ان تشتتنا الازمات وتباعدنا الويلات؛ أليست الارض كرويةً اذاً سنلتقي حتما في بغداد دار السلام يوما ما& لنصنع السلام والحبّ.
[email protected]
&