لقد تم تهجير المسيحيين العراقيين من الموصل بعد البيان الذي صدر من تنظيم " داعش " الارهابي، الذي اعطاهم فترة يومين او ثلاثة وخيرهم بين اعتناق الاسلام او الجزية او المغادرة وترك ممتلكاتهم ومصادرتها باعتبارها غنائم.&

وتقول مصادر صحفية عراقية إن عدد المسيحيين في الموصل بدأ بالنقصان منذ ان اندلع العنف الطائفي في المدينة قبل عدة سنوات وهولايزال مستمرا بالنقصان.&

وقد غادرت العوائل المسيحية مدينة الموصل قبل انتهاء المهلة التي حددها التنظيم لهم تاركين وراءهم ممتلكاتهم متوجهين الى بعض القرى المسيحية الآمنة في محافظة نينوى، والتي تخضع لسيطرة قوات البيشمركة، وأيضاً إلى إقليم كردستان العراق, ان المسيحيين هم سكان العراق الاصليين ويمثلون شريحة كبيرة ومهمة في المجتمع وساهموا في خدمة وبناء الدولة وقدموا الكثير من التضحيات، وان تهجيرهم من مناطق سكناهم لامر مؤسف ومخزي.

ولقد ادان مجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء (22 تموز 2014)، الاضطهاد الذي يمارسه تنظيم "داعش" ضد الأقليات في العراق وخصوصا مسيحيي الموصل، وفيما حذر من أن هذه الأعمال يمكن أن تشكل "جريمة ضد الإنسانية"، دعا الحكومة والأمم المتحدة إلى تكثيف الجهود للتصدي للتهديدات الإرهابية.&

التهجير هو كل مايتعلق بعمليات التغيير الديموغرافي على الارض والتي من شأنها ان تغيير هوية السكان المدنيين في مدينة ما، وسوف تعقبها قرار او قرارات سياسية تضع اللمسات الاخيرة في التقسيم او على اقل تقدير زعزعة الامن والاستقرار والاستحواذ على ثروات الشعوب، انها ارادة الشر.

ومن الجدير بالذكر فان بعص الفصائل الاسلامية المتشددة المسلحة كجيش الطريقة النقشبندية والجيش الاسلامي وحزب البعث جميعها اصدرت بيانات تؤكد موقفها الرافض لعمليات التهجير تلك وتدينها, مما يضع علامات استفهام عدديدة مهمة، واهمها ان تلك الفصائل المسلحة كانت قد تحالفت جميعها وساهمت بعمليات عسكرية مشتركة في الموصل وغيرها ضد القوات الحكومية العراقية، اذا هل يمكن لنا ان نقول بان تنظيم داعش التكفيري الارهابي هو وحده المسؤول عن التهجير في الموصل، واية مدن اخرى بعد الموصل سوف يشملها مسلسل التهجير؟! من الواضح جدا انها صفحة ضمن برنامج يعد للتقسيم او الاستمرار في استراتيجية زعزعة امن واستقرار شعوب المنطقة.

النموذج الديني الشيعي والسني :

ثمة قضية ميدانية مهمة اخرى وهي انه لاحظنا بان التركمان والشبك بأعتبارهم شيعة يتم تهجيرهم قسريا الى المناطق الوسطى والجنوبية الشيعية.وفي المقابل نجد ان تهجير السنة مستمر منذ سنوات من المناطق والمدن الشيعية كالبصرة والناصرية وغيرها، وهذا يؤكد بان برنامج التهجير على الهوية مستمر وقد تزداد وتيرته بين الحين والحين مما يؤكد بان هذين النموذجين يؤسسا الى اقاليم او دول تحمل صفة دينية او طائفية اوعرقية واحدة، والمؤسف هو ان نجد البعض يؤيد هذه الفكرة لاسباب عديدة منها سياسية ومنها هو ضعف الانتماء الوطني وعدم قدرتهم على التعايش مع الاخرين، انه يثير الالم في وقت نشاهد فيه الشعوب والامم تتفاخر بتنوعها وتعددها وتعتبرها عوامل قوة وتؤهلها لادوار انسانية ودولية وحضارية اكبر وتساهم في استمر ار وتطور دولهم، نجد ان بعض السياسيين والزعماء الدينيين لا يدخروا جهدا من اجل الفصل بين الناس ويختاروا ان يعيشوا منعزلين عن سواهم من بني البشر.

النموذج القومي الكردي:

والقضية الاخرى المهمة هي ان الكثير من المسيحيين رحلوا الى اقليم كردستان وكذلك قسم من الشبك والتركمان والعرب، ونشاهد ان النموذج يختلف هنا فبسبب الاقليم الكردي القومي الذي يؤسس الى دولة قومية يتمكن الاخرين من الاعراق والطوائف الدينية والمذهبية من التعايش فيه لان قوانينهم تختلف ولايؤمنون بالتشدد الديني مما يؤكد ان مستقبل دولة كردية قوية قد تكون اكثر انسانية وحضارة و قوة من مثيلاتها الدينية الشيعية والسنية.

في تلك الظروف العصيبة التي يمر بها العراق ووقوف البلد على مفترق الطرق واحتمالات وقوعه ونهايته كفريسة للارهاب والتظيمات والمليشيات المسلحة على اختلاف مسمياتها, لابد للقوى الوطنية وماتبقى منها ان توحد موقفها في العمل على رفض كل محاولات التهجير ونشر الرعب والارهاب،والتي تبدأ من اصلاح الاوضاع السياسية و لايزال هنالك وقت لانقاذ العراق واهله وان المسؤولية تقع على الوطنيين واصحاب الارادة الوطنية، المؤمنين بالعراق وبمستقبل شعبه الامن المستقل.

&