يقولون هذا الشبل من ذاك الاسد اذا فاق الابن والده في الاخلاق والمعرفة والشجاعة، لكنهم حينما يشهدون نتائج تربية سيئة او سلوك منحرف ومشين فانهم يقولون ان هذا المطر من ذاك الغيم، حينذاك ندرك ان غيوما سوداء انتجت كتلا من الليل المدلهم الذي يلف عالمنا الشرق اوسطي المليئ حتى اذنيه بالازدواجية الرهيبة المطعمة بالكذب والشعارات الرنانة والروح العدوانية، وخاصية النهب والسلب المنتجة من ثقافة الغزو عبر التاريخ.

اقول قولي هذا وانا ادرك تماما بأن عنصرية الانظمة الحاكمة وفاشية قياداتها ولا شرعية وجودها ادت الى تدمير البلاد والعباد، طيلة ما يقرب من قرن من حكمهم الاسود في العراق وسوريا والعديد من بلدان الشرق الاوسط، من خلال الغاء الاخر وتهميش المكونات واضطهادها وفرض ثقافة ونمط احادي في التفكير، واباحة القتل والسحل والتعذيب حتى الموت وتشريع الاعدام لمجرد انتقاد الرئيس او حزبه، بل شهدت ساحات العواصم والمدن ظاهرة القتل المنظم اغتيالا منذ صبيحة الثامن من شباط 1963م حيث تمت تصفية اكثر من عشرة الاف معارض لحكم البعث وحرسهم القومي خلال ايام معدودة، وقبلها ايضا بعدة سنوات شهدت الموصل وكركوك وبغداد تصفية اخرين وبنفس الاساليب لمجرد انهم من حزب اخر في دورتين للتصفية والاغتيال.

ونتذكر جميعا ولسنوات طويلة مشاهد وبرامج الاذاعة والتلفزيون التي تظهر عمليات القتل والعنف والدماء واشاعة الانتقام والحقد والكراهية، بل ان معظم مواد وفصول كثير من المناهج الدراسية خاصة في ما كان يسمى بالتربية الوطنية والقومية والتربية الدينية والتاريخ، كانت تضم مختارات عنفية تشجع على الانتقام والقتل وتركز على عداوات مفترضة ووجوب ان نكون دوما الاقوى والمنتصر وصاحب الحق، والآخرون هم الاعداء والكفرة والعملاء والرجعيون والشعوبيون، بل ان اجيالا عديدة فتحت عيونها على مشاهد الجثث المعلقة على اعمدة الكهرباء، او عمليات الاعدام في الساحات&العامة وامام الاهالي صغارا وكبارا منذ مطلع ستينات القرن الماضي، حتى اصبحت من المشاهد العادية جدا والتي لم تعد تثير العواطف او الاحاسيس الا عند اولئك الذين بدأوا الان يتدربون على مشاهدة ما تنتجه مؤسسة داعش والميليشيات للجريمة والبربرية!

إن نتاج تلك الحقبة السوداء بدأ يظهر منذ سنوات، سواء في اعمال ما يسمى بالقاعدة او في بناتها داعش والنصرة وغيرهما من الميليشيات ممن يستخدمون السيوف والبنادق وكواتم الصوت في حواراتهم مع الاخرين، انه فعلا موسم حصاد ماكينة الدعاية والاعلام والتربية التي سادت وهيمنت مع مطلع القرن الماضي وحتى يومنا هذا، خاصة وأن حقبة جديدة من ذات الافكار العنصرية والشمولية المقيتة التي بدأت تتضح ملامحها مع تولي نوري المالكي وحزبه الحكم وهيمنته على معظم مفاصل القوة والتأثير في مؤسسات الدولة العسكرية والامنية والحكومية، وتوجهها بشكل شوفيني لشحن السذج من الناس وحقنهم بالاحقاد والكراهية ضد الكورد وكوردستان في واحدة من ابشع عمليات اشاعة التفرقة والبغضاء في كل تاريخ العراق من كل وسائلهم الاعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة، حيث تستخدم سياسة كراهية الكورد في معظم برامجهم على غرار ما كان يسمى بمعاداة السامية كسلاح اسرائيلي اعلامي، بل استخدم ايضا لاستحواذ الاصوات في انتخابات الدورتين الاخيرتين في العراق سواء في الموصل او غيرها من المحافظات التي تلعب بذات الاوراق.

إن كل ما يحصل اليوم هو صدى لتلك الاصوات النكراء والمنكرة، وهو بالضبط المطر الاحمر الذي انتجته تلك الغيوم السوداء الداكنة التي سادت سماوات العراق وغيره من البلدان المنكوبة بثقافة ولاية الدماء وقانون الدم بالدم والسبعة بسبعة وما ننطيها الا حفنة تراب التي سادت مؤخرا في عراقنا الجديد جدا!

&

[email protected]

&