لم أتعجب أبدا من سيل الصواريخ الكلامية الموجهة ضد الكيان الصهيوني بقادته المستهترين القتلة النازيين وهم ينفذون حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة والعالم يراقبهم فيما العالم العربي يغط بفضائحية عجيبة بنوم سعيد وهم يتلقون سكاكين الذبح الإسرائيلية، وطبعا لا ألوم الأنظمة ولا الجيوش التي لم تتحدث عن الجهاد ولم ترفع شعار تحرير فلسطين، فذلك من عزم الأمور، و الإناء في النهاية ينضح بما فيه، وقد أثبتت الأحداث بان الجيوش العربية مجرد جندرمة و حرس في خدمة الحكام الطغاة و لا خير أو فائدة يرجى أو يرتجى منها ومن جنرالاتها التعبانين إلا من النهب و اللصوصية و ( الفشخرة ) الكاذبة، فمواصفات الجنرال العربي لا تتحدد إلا عبر الثلاثية الشهيرة ( السيف و الكأس و الأنثى )! و ما عدا ذلك مجرد هرطقات.&

في عام 1982 وفي عز الغزو الصهيوني لبيروت ضمن عملية ( سلامة الجليل ) و التي كان هدفها الرئيس طرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، كان العالم العربي يراقب بوجوم ذلك الغزو والذي تزامن أيضا مع غزو قوات الجيش و الحرس الثوري الإيراني لشرق البصرة بهدف إقامة رأس جسر إيراني في جنوب العراق يمهد لإسقاط النظام العراقي وقتذاك و إقامة الجمهورية الإسلامية بمواصفاتها الإيرانية في العراق، ثم الهجوم التدريجي على الكويت ودول الخليج العربي!، وقد فشل الهجوم الإيراني وقتها وبتكلفة بشرية عالية جدا لطرفي النزاع، ولكن الهجوم الإسرائيلي على بيروت حقق أهدافه بالكامل بل و أضاف لمآثره تسجيل جرائم بشعة ضد الإنسانية كما حصل في مجزرة صبرا و شاتيلا التي نسيها القوم!، وقتذاك رفض الخميني إيقاف الهجوم الإيراني!! و لعلع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي بإقتراحه المثير للسخرية وهو دعوته للمقاومة الفلسطينية للإنتحار الجماعي!!

ولم يكلف العقيد الأخضر نفسه بإرسال لجانه الشعبية و لا كتائبه النسوانية و الخضراء لنجدة الشعب اللبناني!، اليوم يكرر المرشد الإيراني علي خامنئي المشهد بتراجيدية و كوميديا سوداء أيضا، عبر دعوته دول العالم لإرسال السلاح للشعب الفلسطيني الذي قال أنه يتعرض لحرب إبادة وهو ما يحصل فعلا؟ ولكن السؤال الذي ينتصب بكل عنفوان و صراحة يتلخص في الدور الميداني الإيراني الذي يرفع منذ ثلاثين عاما و نيف من السنين شعار تحربر بيت المقدس و لم يلمس من التطبيقات الميدانية شيئا؟ فهل يكتفي المرشد و القائد الأعلى للجيش و حرس الثورة الإيرانية بالبكاء و اللطم و العويل فيما صواريخ شهاب و سجيل و أبابيل و غيرها تستعرضها قواته في الإحتفالات الجماهيرية وفي إستعراضات القوة؟ ولماذا يصم المرشد أذنيه عن سماع نداء و رجاء قائد حرسه الثوري محمد علي جعفري بإصدار فتوى الجهاد الكفائي ضد إسرائيل و تكليف قوات الحرس والباسداران و ابو الفضل و العصائب و حزب الله و سيف الله و غضب الله و ثأر الله و قوات بدر و حزب الدعوة و فيلق عمار الحكيم العابر للقارات بالتنفيذ الفوري لشعار تحرير القدس و تحت شعار ( يا مهدي أدركني )! كما فعل مع العراق سابقا و يفعل حاليا وهو يرسل الطائرات و العناصر و الصواريخ و البراميل القذرة لنجدة السفاح بشار أسد في الشام و نوري المالكي في العراق؟ أليس تحرير القدس أولى بفتوى جهادية مستعجلة يتم فيها تطبيق و معرفة فاعلية السلاح الإيراني المصنع؟ أليس الحشود البشرية التي تنتصر للإنسانية و تنجد المسلمين هي الأولى من معارك بائسة وفائلة و طائفية في دول الجوار؟ لماذا لم يسمع الخامنئي نداء و رجاء قائد قوات حرسه؟ و كيف يرضى بإبادة الشعب الفلسطيني وهو الولي الفقيه المسؤول عن دماء المسلمين و أموالهم و أعراضهم؟ طبعا نحن لا نطلب من الشعب الإيراني الصديق أن يتكلف بمهمة تحرير فلسطين فتلك ليست مهمته، ولكنني أتحدث عن المسافة بين الشعارات الحماسية و الوهمية و التطبيقات الميدانية!!

لقد تحدث الإيرانيون كثيرا خلال صراعهم مع نظام صدام حسين بأن ( صدام رفتني أست ) أي ما معناه بالعربية بأن صدام زائل لا محالة!!

و لكن المفارقة تكمن في أن من أزاله ليست قواتهم و لا ضجيج عمائمهم بل قوات الشيطان الأمريكي الأكبر الذي صب في النهاية لصالحهم!!، ولكنهم أمام الحالة الإسرائيلية يعلمون علم اليقين و بدهاء الدهاقنة الفرس بأن معركتهم مع إسرائيل ليست كبقية المعارك، فقوات حرسهم الثوري ليست مصممة و لا مجهزة عقائديا و تسليحيا لمقارعة إسرائيل، بل لإسقاط أنظمة الجوار العربي و دعم جمهرة الطغاة فيهم كالأسد و المالكي و من لف لفهم من ( إخوان الصفا الإيراني )!... لقد خاب أملنا في نداءات المرشد الإيراني الحزينة و اللاطمة على الخدود و الصدور! و تصورنا في لحظات معينة بأن السيد علي خامنئي سيفعلها و يلبي نداء و رجاء قائد قواته جعفري الذي يبدو أنه سيطول إنتظاره للفتوى الجهادية الموعودة التي دخلت في سرداب الغيبة التاريخية... و طبعا صواريخ الحرس الثوري ستتساقط بكل تأكيد ليس على المستوطنات الصهيونية بل على رؤوس شعبي العراق و سوريا في معركة المصير الإيراني الواحد..!... عجيب أمور.. غريب قضية.

&

[email protected]