حتى لا يتململ كثيرون عند الحديث عن القضية الفلسطينية سأختصر مقالتي بالعبارة التالية:
إن كان الشعب الفلسطيني في غزة يتعرض للقصف بسبب خطأ قيادته السياسية ممثلة في حماس، فعلى الشعوب العربية ان تقصف بالمثل بسبب أخطاء& قياداتها السياسية التي لا تنتهي.
لست أفهم كيف يرى بعض الكتاب العرب، أن ما يحدث في غزة هو خطأ الفلسطينيين الذين بادروا بقصف إسرائيل بالصورايخ. هل بلغ بنا الإنهزام حد ان ندين الضحية ونؤيد الجلاد؟
حماس قصفت إسرائيل. لكن هل قصفتها من باب التسلية، ام من باب الترف؟
هل عاش احدنا يوما كما يعيش أكثرية الفلسطينيين في غزة؟
لا ماء.. لا كهرباء.. ولا إنسانية.
إن استنكرنا لجوء حماس الى أي وسيلة لكسر هذا الحصار، فمن باب أولى ان نستنكر صمت الدول العربية التي تؤيد هذا الحصار بحجة خنق حماس. فقد أثبتت تجارب كثيرة، ان حصار الشعوب لا يضر بقيادتها. حدث ذلك في العراق وايران، وفي اكثر من بقعة من العالم.
إن كان من حق إسرائيل ان تدافع عن أمنها، فمن حق الفلسطينيين ان يدافعوا عن انسانيتهم التي سلبها الحصار والمجاعة.
&العالم العربي، من محيطه إلى خليجه عاجز عن تحمل انقطاع المياه فيه ليوم واحد. تخيلوا لو انقطعت كهرباء الصيف في الخليج؟ تخيلوا لو انقطع الماء عن كروم الشام والمغرب؟ تخيلوا لو انقطع الدواء عن مرضانا وأطفالنا؟ هذا كله يحدث في غزة. وهو لا يحدث مرة في العام،& بل يحدث كل يوم على مدار أعوام طويلة. ثم.. وبكل بساطة نقول: "حماس هي السبب". لتذهب حماس إلى الجحيم، فهي لا تعنيني، لكن ماذا عن الشعب الذي يقتل أمام أعيننا بلا ذنب سوى أن حماسا تحكمه؟
لو أنك مسجون في غرفة، يمنع فيها السجان الماء والطعام عنك، ما عليك ان تفعل..؟& تقبل قدميه؟
لنفترض انك قد فعلت وما يزال يمنع عنك كل شيء..& ستثور ولا شك. إن لم تفعل، فستكون إما فاقد الكرامة أو ميت. وقد اثبت الفلسطينيون أنهم لا يموتون.
&قتل المدنيين في إسرائيل هو عمل غير أخلاقي، ومثله تماما، قتل المدنيين في غزة، وقتل المدنيين في أي مكان في العالم.
مصر التي كانت دوما رمز العروبة، بات كثير من كتابها اليوم، أكثر سعادة بما تفعله إسرائيل من الشعب الإسرائيلي نفسه. هل هذا كله نكاية بجماعة الإخوان المسلمين؟ ثم هل أدمر شعبا أعزل لأن قيادته كانت على علاقة بالإخوان المسلمين؟ ليذهب الإخوان المسلمون الى الجحيم أيضا، لكن سنتذكر دوما أن هؤلاء الإخوان رغم عديد اخطائهم، ليسوا أخطر من إسرائيل التي استولت على وطن واستباحت دماء أطفاله وانساءه.
قد يرى البعض أني انطلق فيما اكتب مدفوعا بالعاطفة، والعاطفة وحدها. سأقول نعم.. والف نعم.. أنا مدفوع بالعاطفة لأني انسان احس بإنسانية الآخرين. أما لو تركت العقل وحده يكتب لا العاطفة، لقلت إن القتل ان كان لا مفر منه، فيجب أن يطال كل إسرائيلي كما هو اليوم يطال كل فلسطيني.
مسكين هو الفلسطيني. إن ترك وطنه اتهمناه بالخيانة والتخاذل. وان بقي في وطنه وقاوم قلنا عنه أخرق مجنون!
لم يبق أمامنا اليوم، سوى ان ننشئ مراكز نجمع فيها تبرعات من أجل ان تكمل إسرائيل مهمتها، فلعلها بذلك، تقضي على ما تبقى من فلسطين، ثم نطلق الزغاريد ونرفع رايات النصر، فقد حلت القضية الفسلطينية بفناء شعبها. هل هذا ما نريد؟
تعلمنا منذ الطفولة ان الوطن العربي واحد،& وفلسطين أرضنا. كله كذب. فهل سنكرر الكذبة لأجيالنا؟ أم سنقول إن الوطن العربي حقيقة لم تتحقق يوما واحدا، وان فلسطين انقرضت ولم يبق منها سوى بقايا عظام في المتاحف؟

[email protected]

&