مسعود بارزاني اسم مثير حد الدهشة بصراحته وواقعيته وتواضعه في فضاءات السياسة والاعلام، تميزه بواقعية شديدة لا تتلائم كثيرا مع نهج السياسة والاعلام الممارس اليوم، والفرق بينهما كبير فهو خريج مدرسة السياسة التي صقلها العمل الوطني والثوري المتواصل منذ نعومة اظفاره في ساحات الثورة وصراعاتها منذ سبعين عاما، وهو الذي لا يجيد الا لغة واحدة في الحديث، يقول عنها في تبريره لندرة تصريحاته انها لغة مباشرة وصريحة جدا وغير مجاملة وربما تسبب وجعا للراس لبعضهم، هي لغة خالية من الشوائب والفذلكات والاساليب المبطنة و الملتوية في التعبيرات اللغوية والمصطلحات المتميعة سياسيا، وبشهادة خصومه قبل اصدقائه.

مسعود بارزاني الذي يتشرف دائما بحمل صفة البيشمه ركه والتي يعتبرها ترتقي على كل المهن والرتب والمناصب، وهي بالتالي ليست بالمعنى المجرد للفرد العسكري، بقدر ما تعنيه اصلا من استباق الموت في تحقيق الهدف، البارزاني يريد دوما أن تكون هذه الصفة اعلى الصفات وارفعها، حيث لا يخلو له حديث او خطاب من اشارة رئيسية لهذه المسالة، وتذكيرا للشعب بانها تقف وراء كل ما جرى من تقدم في مشروع نهوض الكورد وكوردستانهم وبناء كيانهم وازدهار، ولقد قالها قبل سنوات حينما زار جامعة دهوك ردا على مقترح لمنحه شهادة الدكتوراه الفخرية التي رفضها بادب جم، وطلب من اساتذة وطلبة الجامعات احترام العلم وشهاداته قائلا: انا بيشمه ركه اولا واخيرا ووظيفتي حمايتكم ودعمكم لكي تكونوا الافضل دوما.

البارزاني الرئيس البعيد عن عقد الرئاسة والمثير للدهشة وربما القلق الكبير لدى اولئك الذين يعانون من مشكلاتها وكرسيها وما تحدثه من تغييرات حادة في سلوكهم وتصرفاتهم، بل تحولها الى هدف وغاية ربما تؤدي الى اندثارهم موتا بيولوجيا او وراء القضبان او هروبا مخزيا او لجوءءا ساترا، ولذلك تراه غير مكترث اطلاقا لموقعه الرئاسي وهو بالتالي يقرر اختيار موقعه الابدي كبيشمه ركه على كل المواقع والمناصب، ففي عالم هذا الرجل جملة ثوابت لم تغيرها حقب السنين الطوال بكل ما حملته من معاناة ومآسٍ منذ الطفولة، حينما فارق والده الذي اختار الاتحاد السوفييتي السابق منفىً اختياريا لاكمال مشروع النهضة، التي ابتدأها ثانية مع مطلع ستينيات القرن الماضي، ثوابت منحته القدرة على الصمود وبناء شخصية تستحق ان تقود واحدة من اهم واخطر مراحل شعبه وامته، ولأنه لا يرتضي أي صفة اعلى أو ارفع ممن يستبقون الموت لتحقيق اهدافهم، فقد صلى صلاة الفجر في اول ايام العيد وذهب ليكون&اول المهنئين لقوات البيشمه ركه على حدود كوردستان في كل من كركوك والموصل وغرب دجلة، ليقضي كل ايام العيد مع من يحبهم، يرافقه كبار العسكريين وفي مقدمتهم ثلاثة وزراء دفاع ( بيشمه ركه ) لثلاث كابينات متتالية، موزعا اقرباءه ومحبيه ومساعديه وبضمنهم اولاده على كل القطعات في جبهة طولها اكثر من الف كيلومتر، يحادد معظمها ما يسمى بالدولة الاسلامية او ما يسمى بداعش التي نتجت لاسباب عدة بضمنها سوء ادارة المالكي وقواته المهلهلة، التي اسقطت ما تبقى من سمعة ما كان يفترض أن يكون جيشا وطنيا، لكن المالكي وحزبه حولوه الى مجرد ميليشيات لم تنال احترام وتقدير الاهالي لا في الموصل ولا في غيرها من المدن العراقية، رغم انفاق عشرات المليارات من الدولارات على تشكيلاتها وتدريباتها وتسليحها الا انها تحت ادارته الفاشلة انهارت خلال ساعات، والانكى من كل ذلك ومن هذا الفشل الذريع والمريب فان المالكي وحزبه يصران على ولاية ثالثة في الحكم لاستكمال تدمير البلاد والقضاء على ما تبقى من ثرواتها وامالها في التقدم، ولاجل ذلك كان البارزاني اكثر شفافية وصراحة وشجاعة في تشخيص العلة ليس اليوم بل منذ سنوات موضحا ورافضا لهذه المنظومة من الادارة الفاشلة والعقلية المتخلفة لا للمالكي كشخص، وانما لكل أصحاب هذه الثقافة والسلوك التسلطي والعقلية الشمولية وتهميش واقصاء الشركاء لكي يكون فعلا خير من يمثل نبض كل العراقيين سنة وشيعة، مسيحيين وصابئة وايزيديين، وغيرهم من العرب والكورد والتركمان والمكونات الاخرى.

&

[email protected]

&