اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل و....و...

حديث شريف

-1-

قال الناس لجحا، النار اندلعت في القرية المجاورة، قال الحمد لله لم تصل لقريتي، بعد حين قالوا له، بلغت النار قريتك، قال الحمد لله لم تصل لبيتي، قالوا له ولكنها شبت في بيتك، قال ليس في حجرتي، قالوا لقد بلغت حجرتك، فسكت عن الكلام المباح...!

-2-

على الأقل موقف جحا اشرف من أولئك الذين لم يكتفوا بسكوت العاجزين بل شرعوا بالنفخ في النار بنذالة غير مسبوقة، متناسين أن الفلسطينيين لن يهلكوا جميعا، وإن هلكوا فأن جيل آخر سينهض من هذه البقعة المباركة أو من الداخل الإسرائيلي أو من فلسطينيو الضفة والمنافي، وسيتحالفون يومئذ حتى مع الشيطان من أجل إن ينتقموا من كل من شارك في هذه الجريمة، محرضا أو مدافعا أو ممولا للحرب.

مهما طال الزمن... مهما طال...!

-3-

ما هو العجز يا ترى؟

ما هو هذا العجز الذي استعاذ الرسول بربه منه؟

إنه العجز عن أداء الفرض والواجب بمنطق الإسلام، وهو العجز عن رد العدوان، عن حماية العرض.. الأرض... الدين... الكرامة الإنسانية.. الأهل والبيت والوطن...!

ليس من كائن عاقل أو غير عاقل، لا يجتهد في الدفاع عن نفسه عند الخطر.. ربما يختبئ حينا، ربما يناور... يداور.. لكن بالنتيجة.. لا مناص من أن يغرس أظفاره في المعتدي...!

-4-

حسنا لماذا العرب عاجزون؟

هل إسرائيل أغني من العرب، أو من بعضهم على الأقل؟

هل الشعب المستوطن في فلسطين اليوم، أكثر عددا أو عدة مما لدى العرب؟

هل العرب عاجزون عن أن يحققوا صداقات مؤثرة كالتي تمتلكها إسرائيل؟

هل العرب عاجزون عن أن يملكوا منطقا عصريا حضاريا يمكن أن يؤثر في الرأي العام الغربي، كما أثرت شعوب عديدة في الغربيين كالشعب الجزائري إبان حرب التحرير أو الشعب الفيتنامي أو العديد من الشعوب الأفريقية والأمريكية اللاتينية؟

هل الثقافة العربية عاجزة عن إبداع خٌلق وسلوك وأداء ثقافي مؤثر قادر على أن يجتذب ود العالم واهتمامه واحترامه؟

هل المال العربي الذي يبني ناطحات السحاب والجزر السياحية، ويحل أزمات أوروبا وأمريكا عند الطلب، وفيه ما هو مودع بالمليارات في مصارف الغرب، عاجز عن التأثير في الرأي العالم الغربي؟

أليس غزًة ارض عربية، أليس أهلها من الأهل وما يصيبهم يصيبنا، ولو انهزموا لا سمح الله لشملتنا الهزيمة مجتمعين، ولو انتصروا وهم لا شك منتصرين يوما، فماذا سنقول حينها؟

وكيف نضمهم مجددا إلى الأحضان، بعد أن خذل هذا الحضن أطفالهم الجياع المحروقين بنابالم إسرائيل...!

وهل تظنون أن رضا أمريكا وإسرائيل يمكن أن يتحقق لكم وقد خذلتم أهلكم وأبناء جلدتكم؟

هل تضنون أن أمريكا يمكن أن تحترمكم حقا بعد هذا الصمت والخذلان لأهلكم؟

-5-

أليس هؤلاء العرب هم ذاتهم من طرد الإفرنج من بيت المقدس من طرد الفرنسيين من مصر والجزائر، من طرد الأتراك من بلاد الشام، من حارب البرتغاليين والأسبان والإنجليز في الجزيرة واليمن وعمان، أليس بعض عرب العراق وفي مدينة أصغر من حجم غزّة قتلوا من الأمريكان جمعا كبيرا وعجلوا برحيلهم من العراق؟

-6-

مأساة العرب ليست في شعوبهم... مأساة العرب تكمن في زعمائهم...!

العجز ليس في الناس... العجز في الحاكم الذي يخاف من نفسه ومستشاريه وشعبه.

العجز في الأنظمة السياسية المشلولة عن الفعل بحكم الخوف.. الخوف من الناس، الخوف من الحداثة، الخوف من التجديد، الخوف من الانفتاح على الثقافات الإنسانية، الخوف من إغضاب الكبار، الخوف من موت الفجاءة إذا ما اغضب حليفا أو جارا..!

الحاكم العربي يعيش في عزلة...

عزلة عن الحراك العالمي الإنساني، إلا بالحدود الضيقة التي تحافظ على سلطانه لا أكثر...!

خوف الحاكم العربي هو من النوع المرضي... الفوبيا... فوبيا ضياع السلطة....!

وما أسهل هذا الضياع في عصرنا هذا... ما أسهله...!

-7-

يقال أن الفيت كونغ الفيتناميين... شقوا نحت الأرض شبكة أنفاق امتدت على كامل تراب بلدهم.. لا بل ومدن كاملة لا ينقصها حتى شاشات العرض السينمائي ومخازن مئونة وسلاح لا ينضب...!

وإلا كيف نجحوا بطرد الأمريكان...!

الكوريون الشماليون شقوا أنفاقا تتسع لآلاف المقاتلين وتمتد لمئات الكيلومترات وصولا إلى عمق كوريا الجنوبية...!

لا أشك في أن الغزاويين سيفعلونها يوما... لا اشك...!

فهم شعب حي مبدع ممتلك لإيمان صادق وثقة بالنفس عالية... وهذه المأساة التي عاشوا في سنوات الحصار العربي الإسرائيلي، وهذه الحرب الأخيرة القذرة، ستزيد من إصرارهم وتحفزهم أكثر للتشبث بهذا الذي لا بديل عنه للخلاص من مأساة ستون عاما من الغربة والذل والجوع والحرمان من ابسط مقومات الحياة الكريمة...!

سيفعلونها والله وسيشقون أنفاقا تصل حتى تل أبيب...!

وما بعد تل أبيب.