&أكيد جلس السيد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية مع أفراد أسرته يشاهدون الفيلم الكوميدي الأسود في"خطبة الجمعة" للنبي الجديد أبو بكر البغدادي في مدينة الموصل، وكذا فعل أعضاء الكونغرس ومنتسبو البنتاغون وعائلاتهم في مشاهدة هذا الفيلم الجديد. الكل يعرفون الكاتب والمخرج من مدينة السينما "هوليوود" وهو إنتاج مشترك مع أهم حليف للولايات المتحدة الأمريكية! لكن موقع التصوير لم يكن في بلاتوهات مدينة السينما الأمريكية في لوس أنجيلوس، بل في بلاتوهات مدينة السينما العراقية في الموصل.

تبدأ سيناريوهات الأفلام عادة بصيغة تقليدية أكاديمية أي أننا نرى الفيلم بتسلسله المنطقي وتصاعد أحداثه حتى يبلغ الذروة وترتسم على الشاشة كلمة النهاية. بعض كتاب السيناريو والمخرجين في حال أن موضوع الفيلم تراجيديا كبرى أو فاجعة مهول، فإنهم يبدأون السيناريو من نهاية القصة ثم يروون لنا الأحداث من بدايتها لنرى كيف وصلت إلى هذه الذروة المأساوية، لأن قوة الفاجعة تحتم المفاجأة بقوة الحدث حتى يشدون المشاهد ومن ثم يقدمون له الحكاية.

يبدو لي أن فيلم "النبي" البغدادي هو مفردة في سيناريو فاجعة العراق وقد بدأ الفيلم من النهاية. فنحن نرى أمامنا فاجعة عراقية كبيرة تتمثل بتفجيرات في أسواق شعبية وحارات للفقراء ومزارات للمتقين مهددة بالفناء ومصارف مفتوحة الأبواب للسرقة يدخلها ويخرج منها لصوص صغار ولصوص كبار فيدخل اللصوص الصغار السجون واللصوص الكبار يدخلون أمريكا والأردن ودبي. بلد يتشظى وقوى تهيمن على مدن وعشائر يردح رؤوساها في الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط ومدراء وموظفون يردحون على الشاشات الفضائية. يعرض أمامنا الفيلم ووسط هذا الركام يخرج نبي المسلمين وخليفتهم "أبو بكر البغدادي" فيصعد المنبر هادئا بالملابس السوداء ليروي لهم العلاقة بينه وبين السماء واضعاً الساعة في يده "اليمين" تنعكس عليها الأضواء ويظل المشاهد ينظر إليها كي يعرف أحب الساعات إلى رسول الله الجديد وهو يردد "أطيعوني ما أطعت الله فيكم"

يلبس البردة السوداء التي تم فصالها وخياطها في قسم الملابس والأكسسوار في مدينة السينما الأمريكية على مقاسه الرشيق وقد لف العمامة السوداء فوق رأسه تتدلى ذبالتها على كتفه، يتحدث كلاما حفظه عن ظهر قلب وهو يؤدي الأمتحان أمام مريديه وشهود عصره يبايعونه ما أطاع الله فيهم.

في أدائك لدورك أيها النبي البغدادي المشبوه والمزيف، فإن الأداء يبدو للوهلة الأولى محكم البناء، الخطأ في رسم شخصيتك أنك لم تكن أمياً ولا صادقاً، بل كنت تعرف القراءة والكتابة بل وتعرف الأداء المسرحي والسينمائي، وكنت كاذبا في رسالتك وفي الكشف عن مآربك، ولم تخبرنا ما أحب الساعات إليك يا رسول الله. أهي ساعة أوميغا أم ساعة رولفلكس. من أهداك هذه الساعة ومن ألبسك أياها باليد اليمنى، وما دلالة ذلك على خلاف ما يفعل الناس. وحتى شعار رايتك فإنه جاء بالمقلوب فبدلا من قولك محمد رسول الله فلقد كتبت بأن الله رسول محمد وهي إشارة إليك لأنك تبدو أمام الناس في صورة محمد والله وحده هو رسولك في مهمتك الدموية "حاشى لله". من إقترح عليك فكرة قلب الشعار؟! من أختار لك زاوية الكاميرا التي تظهرك بالمظهر الحسن؟! ومن سلط عليك لمسة الإضاءة؟! ومن علمك الصعود الهادئ على السلالم؟! ومن علمك أن تقف بالمسافة الصح أمام الميكرفون؟! كان أداؤك على مونو تون واحد، كان عليك التلوين في الأداء بشكل أفضل، إذ أنك اديت الدور على وتيرة واحدة وكنت اظن أنها هفوة المدرب، ثم أكتشفت بأن المدرب كان على صواب كي يحافظ على توازنك وهدوئك النبوي. هو فيلم لم يكن مونو دراما وإن بدا كذلك بل كان فيلما ملحميا لأنه يتحدث عن شعب ضائع، شعب ضاع أو تاه أو ضيعوه في خضم ربيع هائج مائج.

لو كنت تريد العودة بالدنيا لأيام الخلافة فما كان عليك أن تلبس الساعة ولا الحذاء الإيطالي وما كان عليك أن تضع المسدس في صفحتك بل كان عليك أن تضع السيف متدليا من كتفك. في هذا الجانب، جانب الإكسسوار فإن مدير الإنتاج قد أخفق في رسمه. بعد أن تنفض صلاة الجمعة، سوف تذهب لتستقبل الآباء وهم يقدمون لك القرابين، بناتهم ليكتسبن صفات نساء النبي وأمهات للمؤمنين إذ لا تترك عذراء لحبيبها فيأتينك صغيرات صاغرات خائفات في أعمار الورود كي تطفئ فيهن جذوة الحنان لتستبدلها بالموت في أرواح وحيوات صبايا دولتك الإسلامية.

Made in USA

نعم أنت صناعة أمريكية، صناعة أمريكية بإمتياز وبإنتاج مشترك! المنتجان يبدون ظاهرا الخوف منك ومن دولتك الإسلامية، فيما لم تكن صعبا عليهم لو أرادوا، فأنت مرئي من الأقمار الإصطناعية وبإمكانهم أن يمطروا الجامع الذي ظهرت فيه ومن فيه بالصواريخ الجحيمية الذكية بدلا من أن ينتظروا منك حادي عشر من سبتمبر آخر. قبلك كان بن لادن، وقبلك كان صدام حسين، وقبلك كان الزرقاوي، وقبلك كان الظواهري وقبلك كثيرون على مر التاريخ. أما أنت فحقيقة الأمر كنت متقنا في الشكل ولكنك غير متقن في المضمون. دولتك محض إفتراء وسيأتيها الواهمون والفاشلون والأميون والقتلة والمعقدون من غابات أفريقيا وجبال أفغانستان وكهوف المغرب العربي ويمرون عبر بلدان الجوار وعبر مدن العراق ذاتها، وما أكثر الحيوانات الآتية من تخوم الدنيا، كلهم سوف يأتون لبيعتك، وسوف يتم تصويرهم بأحدث الكاميرات فإن المنتجان الأمريكي وحليفه قد زودوك بالكاميرات كي تنتج فيلما عن تجربتك وبإتقان في التصوير وفي المونتاج وفي كافة العمليات الفنية اللاحقة. شباب من هواة الإثارة الصحفية يتقنون تقنية الميديا الجديدة أرسلوا إليك لدعم تجربتك الدموية.

ويتم تصعيد الأحداث! فأنت بطل تراجيدي وستكون نهايتك فاجعة أو مهزلة "سيان" وفي التراجيديا الإغريقية "البطل المأساوي يصعد الأحداث حتى تودي به إلى حتفه"

ما يثيرني في سيناريو هذا الفيلم إن هناك نقاد وهم كتاب السياسة في الصحف العربية الكبيرة التي إشتهرت وتلونت، عندما يتحدثون عنك فإنهم يراوغون لأن كل ناقد لهذا السيناريو وهذه المسرحية وهذا الفيلم من كتاب المقالات السياسية في تلك الصحف، فإنه يكتب كمن يمشي فوق الألغام إذ يخاف أن يختار مفردة تغضب سيده العربي أو سيده الأمريكي أو سيده الإسرائيلي! فيسقطون في اللاموضوعية وتسقط أقلامهم ثم يسقط الشرف فيه بعد أن يسقط الضمير، فهم يتحدثون عنك وفق منهج الولاءات ووفق رغبات سيد النعمة، فتأتي المقالات غامضة تلف وتدور وتحاول أن ترمي بالحيثيات بعيدا عن المرمى، فيما أنت صناعة أسيادهم وصناعة أرباب نعمتهم وهم لا يخافون منك بل هم يخافون عليك، يخافون أن تتهشم قبل الموعد المقرر وتنفضح المواهب وتنكشف الأسرار، ونحن نعيش عصرا ضيع أحلامنا، نعيش عصرا أمات أمانينا من أجل أن يتربع على كراسي العروش أصحاب الكروش ويقهقون فيما نحن نموت كل يوم كل ساعة كل دقيقة كل لحظة ونعي موتنا ونبكي موتنا حتى يعيش زمرة من أولاد الزنا من زيت أراضينا ومن زئبقها الأحمر ومن كبريتها الأصفر كي يهدى لأمريكا وأسياد أمريكا لتصنع لنا من موارده الأنبياء وتقتلهم بعد أن يؤدوا صلاة الجمعة البغيضة في نينوى أو غيرها من مدن العراق، فأرسلت لنا هذه الأيام نبيا جديدا أطلقوا عليه "أبو بكر البغدادي" صدقه الواهمون فيما السماء كانت قد أقفلت بوابة الأنبياء والرسل وأرسلت آخرهم وقالت للبشر لم يعد لدينا ما يكفي من الأنبياء .. دبروا حالكم!

سوف تتهشم أيها النبي البغدادي مثل أية دمية .. سوف تتهشم بالريموت كونترول بعد أن يقضوا وطرهم منك، وسترمى بقاياك في المزبلة غير مأسوف عليك مثل صدام حسين والزرقاوي وأمثالهم من الساقطين والسفلة ممثلي الأفلام الأمريكية ونتاجاتها المشتركة، ولكن ما يؤسف له أن ثمن إنتاج هذا الفيلم باهض، دفع ثمنه شعب طيب وناس أبرياء وصبايا غنج وجميلات وأطفال لا ذنب لهم من أجل سيادة التخلف والتجهيل في عالمنا الذي بات مهددا بالخوف من الموت المريع.

فلتسقط سينما هوليوود السياسية وإنتاجها السينمائي المشترك .. وليسقط صناع الأنبياء المزيفيين ومنتجي أفلام الرعب في التاريخ الإنساني. ولتسقط دول الجوار للوطن العراقي منفذي سيناريوهات هوليوود وإنتاجاتها المشتركة. والمجد للعراق صانع أول حضارة متألقة في التاريخ الإنساني.

&

&

&

&