كتبة النظام الحالي ومذيعو فضائياته،يتحدثون كل يوم ، أن داعش باسم السنة لو حكمت العراق فإنها ستمنع المسرح والسينما والغناء والموسيقى والباليه والشطرنج، والفن التشكيلي والخمور، وستقتل الفنانين والحلاقين إلخ.. وتشيع السواد والكآبة في حياتنا! هذا صحيح، ولا ريب فيه!

&

ولكن ماذا في عراق اليوم غير تحريم هذه الضرورات والتي حللتها بل أوجبتها كل حياة مادية أو روحية صحيحة؟ بعد أحد عشر عاما من الحكم الحالي ما تزال السينمات والمسارح مغلقة، وما يزال المسرحيون والسينمائيون رغما عنهم مشردين محالين على التقاعد دون نشاط إبداعي بل حتى دون رواتب تقاعدية!

&

طيلة الأحد عشر عما ، لم تخرج أغنية عراقية جديدة تذكرنا بالأغاني الجميلة التي عرف بها العراقيون! كل الأغاني والألحان اختزلت بالنواح والبكاء واللطم،وكاسيتات صراخ خطباء المنابر، يفرض على الناس سماعها في التاكسيات وحتى في السيارات الخاصة والسيارات الحكومية، والطائرات العراقية!

&

الباليه أصبح في عداد العرى المحرم، والتماثيل هي نصب وأوثان، وقد حطم بعضها، ومن يذهب لشراء زجاجة كحول يسكت بها أشباح ليله ونهاره؛ لا يأمن أن يهاجمه متعصب بزخات من الرصاص! وقبل أشهر وجدوا بسيارة شخص في السماوة علبتي بيرة؛ فاعتقلوه وأحالوه للمحكمة!

&

.وشواطئ مدينة الناصرية التي كانت تتلألأ بأنوار مقاهي الإبداع والشراب والطرب؛ استحالت مستنقعات آسنة، وفي بغداد والبصرة والموصل أطفأت ومنذ سنوات أنوار النوادي وبيوت الأنس واللهو البريء التي يحتاجها قلب الإنسان وحل مكانها النكد الأسود والمماحكات السياسية وابتداع المقدسات المزيفة.

&

لم يسلم حتى نادي اتحاد الأدباء في بغداد من مداهمات الشرطة بين فترة وأخرى،بل صارت لدى الشرطة الفاسدة مصادر للرزق في مداهمة المطاعم الفخمة التي تقدم الشراب أو الغناء والرقص سرا وخفية ليأخذوا منهم الأتاوات ثم يغضون الطرف عنهم مع تركهم خائفين على الدوام!

&

صار ما يشبه التشريع قتل الفنانين والحلاقين والخياطين والفتيات الفقيرات المعوزات بحجة ممارستهن الدعارة وقد ذهب الكثير منهم ضحايا بريئة في بغداد والبصرة والناصرية وغيرهم ،ولاحقوا شبانا أغرارا بسبب ارتدائهم ملابس غريبة أو مختلفة وقتلوا الكثيرين منهم! أليست هي الحياة نفسها في ظل أعلام داعش السوداء؟

&

لماذا يريدون من الناس أن يتجرعوا هذا الجحيم فقط لأنه برأيهم حكم أتباع أهل البيت؟ ومن قال أن هذه الأجواء المرعبة هي من أخلاق أهل البيت؟ ثم لم لا يحددوا للناس ما هو مفهوم أتباع أهل البيت؟ ومن هو الذي يحق له أن يكون من الأتباع ليمتلك هذا التميز والأفضلية في التعامل دون الآخرين من المواطنين العراقيين؟ لقد صار الكثيرون يفتون بهذا المفهوم ، ويحكمون وينفذون أحكامهم على هواهم بدءا من رأس السلطة إلى الشرطي إلى رجل يخطب على المنبر، إلى الشاب الذي بيده كاتم الصوت ليقتل متذرعا أنه من أتباع أهل البيت!

&

داعش باسم السنة تختصر الثقافة بكراريس صفراء عششت بينها العناكب،ولاشيء سوى الظلام. هذا صحيح لا يحتاج لمراجعة فهو ماثل للعيان، وداعش باسم الشيعة اختصرت ثقافة العراق على لسان وكيل وزير الثقافة السابق بأنها "خلاصة المنبر الحسيني"! وأدارت ظهرها لكل الإرث الإبداعي الذي تألق من ينابيع ثرة متنوعة لا تحصى ولا تعد على أرض الرافدين، من ملحمة جلجامش حتى حركة الشعر الحديث!

&

حرية التعبير نحرت في ساحة التحرير، قتلوا كامل شياع، وهادي المهدي، وشهاب التميمي، والمئات من زملائهم فقط لأنهم تنويريون، غير ظلاميين! وأسكت آخرون بالترهيب وبالترغيب. من لم يقتل بكاتمات الصوت بأيدي رجال السلطة تقتله المنظمات السرية المتعصبة، ولا أحد يتجرأ على الإشارة إلى القاتل!

&

مبدعون ومثقفون كثيرون جدا،ومعظمهم من الشيعة، لا يستطيعون العودة إلى وطنهم لأنهم لا يسايرون ولا يقرون رجال السلطة والأحزاب الحاكمة، في حكمهم الدين الطائفي! عاد بعضهم ورجع خائبا، اسألوهم؛ ماذا لقوا من وزارات الهجرة والمهجرين، والتعليم العالي، والثقافة التي يفضل وزيرها العيش في ظلال الدبابات على العمل في ظلال الكتب والمثقفين! لم يبق سوى شارع المتنبي هايد بارك بغداد! أليس هذا ما تريده وتطبقه داعش باسم السنة في الموصل أيضا؟

&

داعش باسم السنة لا تقبل سوى بعلمها الأسود يغطي الساحات والشوارع! ولكننا الآن لا نرى في شوارع بغداد سوى الأعلام السود؛ ترفرف على الشوارع والساحات ومن أسطح البيوت، معها صور رجال دين منهم إيرانيون، حتى حجرات المستشفيات صارت تغص بهذه الوجوه الكئيبة، وكأنها تستبق عزرائيل في قطف أرواح المرضى المساكين! أليست هذه "داعش" برأسها وذيلها وكل مصائبها؟

&

داعش باسم السنة لا تعرف شيئا اسمه الديمقراطية،حتى آية(وأمرهم شورى بينهم) تركوها، وأخذوا بالتفويض الإلهي للأمير! وتفتخر داعش باسم الشيعة بديمقراطيتها والتي قامت ولثلاث دورات انتخابية على الفتاوى الدينية، وأموال الفساد،والتمويل

الخارجي والتزوير وشراء الأصوات بقطع أراضي الدولة و بالدولارات وبالبطانيات وقناني الزيت، وحين تظهر النتائج تكون الكلمة الأخيرة لإيران وأمريكا! وحتى اليوم لا يستطيع البرلمان أن يجتمع أو يقرر ما لم يتفق قاسمي سليماني والسفير الأمريكي على كل شيء!

&

عندما فاز إياد علاوي في الدورة السابقة رغم الفساد،والضغوط، لم يسمح له بتشكيل الحكومة، رغم إنه شيعي، فإيران لا تريده لأنه وطني،ولا يكره السنة! ولا يجد ضيرا بالعمل معهم، أليست هي ديمقراطية داعش أيضا؟

&

داعش ، لو حكمت ستفرض الحجاب والنقاب على النساء، هذا لا يقبل الشك، لندخل اليوم دوائر الدولة، وأروقة الجامعات والمدارس والشوارع سنجد معظم النساء محجبات أو منقبات،الكفن الأسود للنساء المسكينات قائم على قدم وساق في العراق، ولا يحتاج لداعش أخرى!

&

رجال داعش باسم السنة يتهالكون على الجنس، ويستطيع الأمير ومن معه أن ينتزع أية فتاة من أهلها ليتزوجها دون رضاها، ويعتبرون ممارستها الجنس القسري معهم ضربا من الجهاد. وفي ظل حكم داعش باسم الشيعة؛انتشرت مكاتب زواج المتعة وبيعها، في بغداد ومدن أخرى، وكثيرون ممن هطلت عليهم أموال الفساد تزوجوا على زوجاتهم أكثر من مرة، بشتى صنوف الابتزاز.

&

وزير العدل الذي في خلفيته الذهنية فتوى الخميني في جواز مفاخذة الرضيعة، لم يتورع عن تقديم قانون يبيح الزواج من الفتيات القاصرت واللواتي هن في التاسعة، من أعمارهن، وقد وافق عليه المالكي ووزراؤه وعرضوه على البرلمان، وما يزال بانتظار التشريع، بينما هم تظاهروا بالطهر وحرموا خلط الخيار مع الطماطم، أليس الجنس داعشيا هنا وهناك؟

&

تحرق أحشاء داعش باسم السنة فكرة الانتقام من الشيعة، لأنهم برأيها روافض مرتدون، حرفوا الإسلام وشوهوه، وحولوا النبوة إلى علي والحسين، وشتموا الصحابة، خاصة عائشة وحرفوا الأذان جعلوا الحسينيات بديلا للمساجد،إلخ،! وتحرق أحشاء داعش باسم الشيعة فكرة الانتقام من السنة، ويرونهم أحفاد يزيد، قتلة الحسين، أنكروا حق علي بالإمامة، وكسروا ضلع فاطمة، قالها المالكي ( المعركة اليوم بين اتباع يزيد وأتباع الحسين، وبيننا وبينهم بحر من الدماء) داعش باسم السنة قتلت الكثيرين بهذا الحقد الأعمى، وداعش باسم الشيعة قتلت الكثيرين بهذا الحقد الأعمى، مذابح داعشية هنا وهناك!

&

داعش باسم السنة إذا حكمت ستفرض على الناس طقوس العبادة السلفية، دون اكتراث لمشاعر الناس ومذاهبهم، هذا مؤكد، وداعش باسم الشيعة ومن أجل التعبئة

السياسية أطلقت مظاهرات البكاء الطويلة؛على مدار السنة، ينخرط فيها الملايين والملايين من الزوار، فتقطع الشوارع، وتعطل عمل دوائر الدولة، والإنتاج الاقتصادي وتصرف عليها مليارات الدنانير من الخزينة العامة والتي هي أموال الشعب من شيعة وسنة ومسيحيين ومندائيين ويزيدين ، وتشغل عشرات آلاف الشرطة والجيش وعمال النظافة المكلفين بحمايتها ورعايتها لأيام وأسابيع!

&

وهي ليست مناسبة واحدة بل مناسبات، ما أن تنتهي واحدة حتى تبدأ أخرى، ويقال أنهم سيتقدمون إلى البرلمان بمشروع يجعل أيام ( 52 ) مناسبة دينية كبيرة وصغيرة إجازات رسمية على الدولة، وعلى الشعب تحمل تكاليفها المادية الباهظة! هل تلك الطقوس داعشية؟ وهذه غير داعشية؟

&

لقد نقل بعضهم مظاهرات اللطم والنواح إلى دول أوربية حيث يعيشون هناك لاجئين، جاعلين الناس هناك يأخذون أسوأ الانطباعات عنهم ، مشوهين سمعة العراق وتاريخه في كونه مساهم أساسي في تأسيس الحضارة الإنسانية، لا مروج لنزعات الأحقاد، وخزعبلات التخلف والظلام!

&

لا يمكن لبغداد أن تدحر داعش وتحرر الموصل،وغيرها، وتبني عراقا موحدا جديدا؛ إذا لم تتحرر هي من الدواعش الإيرانية التي تعيث فيها فسادا! لا يمكن لمن تتحكم بمقدراته ذئاب التخلف والفساد والإرهاب أن يمنح غيره حضارة وعدلا وسلاما!

يتبع!