في البداية لا أحد يشكك في وطنية كل من رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس ولا الكاتب الإعلامي عبد الرحيم علي فكل منهما يعبر عن حبه لمصر بطريقته وطبقا لثقافته. ولذلك انزعجت كثيرا عندما قرأت مقالا للسيد عبد الرحيم علي بعنوان " عبد الرحيم على يفتحه لأول مرة.. الصندوق الأسود لنجيب ساويرس". خوفا من أن يفتح الباب على مصراعيه ليفتح الكل للكل الصندوق الأسود على نهج أبو نواس عندما كتب " دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ, ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ".

وسبب انزعاجي الرئيسي من هذا المقال يكمن في قناعتي أن هذا العمل لا يخدم مصر ولا يصب في مصلحة مصر بل يضر بسمعتها في الداخل والخارج ولا يعبر عن دولة القانون والتي يجب أن تكون الكلمة العليا فيها للقضاء وليس شاشات التلفاز ولا صفحات الجرائد.

يقول السيد عبد الرحيم "رجل الأعمال قال لي في باريس لا أثق في الجيش المصري السيسي بتاعكم ده إخوان" ويظن السيد عبد الرحيم أن هذا الكلام يدين السيد ساويرس.. لا يا سيدي هذا الكلام لا يدينه مطلقا لأنه كان منتشرا كثيرا بين المصريين في هذا الوقت ومعظم المصريين كانوا يعتقدون أن السيسي وقتها إخوان ولأسباب بسيطة فمرسي هو الذي اختاره!! ولم يكن أحد يعلم مدى ذكاء السيسي وحبه لمصر حتى نجح في تحرير مصر من الاحتلال الإخواني. وبعدين أنت عارف لما حد بيقول أنا لا أثق في الجيش فهذا لا يعني المؤسسة العسكرية ولكن المجلس العسكري وقتها والذي كان يتحمل مسئولية سياسية.. ومن يعمل بالسياسة عليه أن يحتمل النقد وعدم الثقة أحيانا وخصوصا أن المعلومات التي كانت تتناقلها الصحف والتقارير عن الأوضاع إبان حكم المجلس العسكري كانت قادرة أن تربك الكثيرين ممن في المطبخ السياسي نفسه فماذا تقول عمن هم خارجه.

يقول السيد عبد الرحيم "وافق (يقصد ساويرس) على دفع 7 مليارات لمرسى اشترى بها سلاحًا لقتل المصريين ويرفض دفع مليم لـ"تحيا مصر".

وهنا أقول أولا ساويرس لم يدفع لمرسي يا سيد عبد الرحيم وإنما دفع لخزينة الدولة وبأحكام قضائية وهذا يدل انه رجل محترم يحترم أحكام القضاء. ثانيا هو لم يتفق مع مرسي على شراء أسلحة لقتل المصريين ولا توجد بينهم عقود أو اتفاقيات وأيضا كان

باستطاعة مرسي أن يشتري ليس فقط بأموال ساويرس ولكن كان يمكنه أن يشتري بأموالك أنت وباقي المصريين فقد كان رئيسا منتخبا أليس كذلك!!

يقول السيد عبد الرحيم "في 2008 قال لي: "حبيب العادلى هددني إنه هيعبطنى لو اشتغلت ضد الإخوان"

وأنا شخصيا اصدق مثل هذا الكلام ولكنه لا يدين ساويرس ولكن يدين النظام آنذاك والذي قوى شوكة الإخوان ومنع عنهم معارضيهم ودخل معهم في تحالفات.. فلماذا تدين الرجل بدلا من أن تدين النظام.

يقول أيضا "طلب منى ألّا أذيع مكالمات نشطاء السبوبة لعلاقته بهم ولأن المكالمات كانت تفضح علاقته بالأمريكان ودوره في تركيع مصر.

يا سيد عبد الرحيم..الأمريكان كانوا يتحدثون مع الكل ويستمعون إلى الكل فهل الكل كان يرد تركيع مصر؟؟ لماذا تركت كل محاولات الرجل لفضح سياسات الأخوان في الإعلام الغربي ودوره في إقناع العالم بثورة 30 يونيو؟؟ وهل نسيت ما كان يقال أن الدكتور البرادعي هو أيقونة الثورة بل ومفجرها؟ وهل لم تسمع ما قاله المفكر الرائع طارق حجي مع الإعلامي محمد شردي في أن السيد عمر سليمان كان رأيه إيجابي عن البرادعي في ظل ما تيسر له من معلومات؟؟

يجب ألا نسمح بأن تنحدر الدولة المصرية إلى مستنقع التسجيلات والعبث في الخصوصيات بعيداً عن أحكام القضاء فتدمر الأخضر واليابس وخصوصا أن كثيرا مما يقال لا يعني قناعات أو مفاهيم ثابتة لدى الأشخاص و إنما من الممكن استخدامات لكلمات ومؤثرات نفسية من اجل المواءمات أو سياسات من اجل استنباط واستنتاج واستقراء المعلومات طبقا لضوابط المكان والزمان ليس إلا فهذا هو عالم الطبيعة البشرية.

[email protected]
&