جمعتنا الغربة وقسوتها.. والحنين إلى دفء العلاقات في مجتمعاتنا البعيدة.. كنت خلالها كالتائهة لا أعرف شيئا عن التربية الصحيحة.. وأصولها وكيفية التعامل مع أطفالي.. الأول كان جاري.. وحين سألته كيف تتعامل مع أبناؤك لتربيتهم تربية صحيحه.. كان رده وبلا تردد كما عاملني والدي.. بالحزام... الثانية كانت مع جارة أخرى من أصول عربية أيضا. كان إبنها في السابعة في نفس صف إبني في المدرسة.. وفي أحد الأيام وحين أخذته من المدرسة لم يستطع الإنتظار للوصول للبيت ولم يستطع تمالك نفسه.. فقام بتوسيخ نفسه في السيارة في طريق العودة.. وكان عقابها أن تركته تحت المطر وفي البرد القارس لمدة ساعه!!

&ونسيت كلا الحادثتين.. إلى أن شاهدت فيلما مغربيا أبطاله طفلين حقيقيين لم يتعديا العاشرة من العمر قبل سنتين.. ’يبين خلاله كيف يتعامل المجتمع المغربي مع الأطفال عموما.. أحدهما فقد والدته قبل سنوات ويحاول البحث عمن يعرفها ليجد صورة لها.. والآخر لديه أبوين يعيشوا في فقر مدقع. وبالتالي فهو يعمل لإعالة نفسه ومساعدتهما في إعالة بقية إخوته. قسوة والديه عليه لم تكن لتقل عن قسوة المجتمع حوله...&

والآن أشاهد فضيحة أخرى.. لرجل يعمل في دار أيتام مكة المكرّمه لرعاية الأطفال.. تخلى عن آدميته وتلبّس شيطانية يرفضها الحيوان لأنه الحيوان لا يتخلى عن طفله... في الفيديو يقوم هذا المشرف بضربهم بوحشية.. الفرق هنا أن زوجته هي التي بلّغت السلطات عنه وباتأكيد إنتقاما منه...&

قبل دقائق شاهدت برنامج حوار قام بتقديمه الأستاذ محمد عبد الحميد... راعني في البرنامج أنه وبرغم تعليقات العديد من المسئولين في الدول العربية عن الواقعه... وكيفية معالجتها. لم يتطرق أحد منهم إلى فكرة المسئولية المجتمعية المفروض أن ’تنمى في مجتمعاتنا العربية لتفعيل منظمات العمل المدني...وترسيخ المواطنة المسؤوله في المجتمع ؟؟؟؟؟&

فمثلا في المجتمع الذي أعيش فيه.. وجدت بأن العديد من الأفراد وبعد تقاعدهم من العمل.. يتطوعوا للقيام باعمال مجتمعية بدون أجر.. فترى حارسة المرور في اوقات خروج الأطفال من المدارس.. وترى حتى من يقوم بتعبئة طلبات في أظرف للحزب الذي يؤيده.. والإنضمام لجمعيات ’تعنى بحراسة الشارع.. وغيرها من الأعمال التي تحمي المجتمع وتؤكد تطوره ومسؤوليته.. بحيث ينمو هذا المجتمع المدني. وكل هذه الأعمال يقومون بها بدون مقابل.. و’تسمى ب&pay back to society&

في مجتمعاتنا.. ’يفضّل الشخص ( الرجل والمرأه) الجلوس لساعات في إجترار لحديث لا ينفع.. بل كثيرا ما يضر لأن الكثير منه يكون نميمة على الآخرين بدلآ من القيام بأي عمل مفيد..... حين يبلغ الشخص الرجل والمرأة عام التقاعد.. يخرج من المجتمع كليا.. ليركز على أبنائه (المشغولون باستمرار ).. وأحفاده إذا إحتاجه الأبوين للعناية بهم للخروج والسهر.. انا لا أنكر هذا الحق للأبوين وللأحفاد ولكني أود التأكيد بأن التبرع بساعتين أو ثلاثه خلال اليوم.. أو يوم أو يومين في الأسبوع للمساعده في اعمال مجتمعيه لحماية المجتمع.. تعيد الإحساس بالحياة والمشاركة للمتقاعدين.

عزيزي القارىء..&

إضطرت الظروف إحدى صديقاتي للعودة إلى بلدها الأم لبنان. بعد أن عاشت اكثر من عشرين سنة في الغرب.. صديقتي تنتمي للطبقة الراقية المخملية في مجتمعها.. وبإستطاعتها أن تقضي كل اوقاتها ما بين دعوات للغذاء أو العشاء.. ولكنها وبمحض إرادتها إختارت أن تقوم بعمل تطوعي للمساعدة في رعاية الأطفال المصابين بالسرطان.. وبرغم الصعوبة النفسية التي تواجهها من هذا العمل ومع الأطفال بالتحديد.. إلا أنها إستطاعت أن تجعل من العمل التطوعي موضه بين نساء مجتمعها.. وبنت كادرا من المتطوعات فاق 700 إمرأة يتناوبن العمل. ويعملن بكل ما يستطعن لتمويل دار الرعاية والمساعدة في إدارتها...&

الحل في مثل هذه المشكلة لا يقع على الحكومة فقط.. خاصة ونحن نعرف بمحدودية إمكانياتها.. وأننا في طور التنمية.. والتنمية الإجتماعية بالذات.. الحل إضافة إلى السياسات الموحدة لدور الرعاية.. وتدريب العاملين وتأهيلهم نفسيا.. في نظري هو إحياء الإحساس بالمسؤولية... وإحياء الضمير الأخلاقي في كل فرد... وتنمية كوادر من المتطوعين والمتطوعات للمساعده والرقابة في مثل هذه المؤسسات.. والإعلام هو المسؤول الأول في إيصال هذه الرسالة لكل بيت.. من خلال برامج توعوية مكثفة عن ضرورة وأهمية التنمية الأخلاقية في مجتمعاتنا.. وحث المشاهدين على التبني على إعتبار انه أرقى وأعلى القيم الإنسانية... وإعلاء قيمة العمل التطوعي..

في الدول المتحضّره.. تدفع الحكومة مبالغ مالية مناسبة للأسر ذا الدخل المحدود التي تتطوع لإنضمام هؤلاء الأطفال إلى أبنائها.. تحت تسمية&Foster Parents&

حمايتهم من العنف حماية لبقية أطفالنا من ما يولدة العنف من جرائم للإنتقام من المجتمع الذي يهملهم كبشر.

&

منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية&

&