طار نوري المالكي فجأة من على سدة الحكم في العراق فدّب الرعب في أوصال الحكومة الاردنية.

كان هناك مشروع يتم تنفيذه بهدوء شديد وبعيد عن الاضواء الساطعة بين حكومة المالكي وحكومة الاردن ويخشى الاردن ان يقوم رئيس الوزراء العراقي الجديد بنسفه رأساً على عقب.

انه مشروع انبوب النفط العراقي عبر الاردن.

رئيس الوزراء الاردني عبر عن الرعب الاردني صراحة حين قال قبل يومين ( ان المالكي التزم بالقول. ولا اتصور ابدا ان يكون منهج حيدر العبادي قطع الصلات مع اشقائه ) ويضيف النسور واثقا جدا ان حيدر العبادي ( سيقوم على تعظيمها وزيادتها ).

مشروع الحلم.. مشروع العمر بالنسبة للأردن قد يصطدم اذن بتوجهات ونوايا رئيس الوزراء العراقي الجديد الذي لا يعلم الاردن لحد هذه اللحظة نواياه ومشاريعه وإذا ما سيكون مثل سابقه المالكي يلتزم القول كما صرّح النسور.

الاردن اذن، الذي كان وسيستمر في استضافة ألد اعداء المالكي ( الوفي بقوله ) من عائلة المقبور صدام حسين وأركان نظامه من عسكريين ومدنيين كان يأمل ان لا يترك المالكي كرسي الوزارة قبل ان يوقع رسميا على مشروع انبوب النفط العراقي ويتحول هذا الانبوب الى اتفاقية دولية ملزمة للعراق ولأي رئيس وزراء عراقي اخر في المستقبل ولفترة تمتد الى ربع قرن.

تتلخص تفاصيل اتفاقية مشروع الانبوب العراقي عبر الاردن وببساطة شديدة بان يقوم العراق بالتعاقد مع شركة عالمية عملاقة تتولى مد الانبوب عبر اراضي البلدين على ان يقوم العراق (لوحده) فقط بالتوقيع على محضر الاتفاقية مع الشركة الاجنبية بصفته الجهة المتعاقدة وفي نفس الوقت يتقاسم العراق والأردن ملكية الانبوب كل حسب اراضية!! وان يقوم العراق ايضا وفق التزام قانوني موقّع بسد احتياجات الاردن من البترول من خلال هذا الانبوب نفسه مع تزويد الاردن بكمية من الغاز العراقي قدرها 100 مليون متر مكعب في اليوم الواحد بعقود وأسعار لا يحددها العراق لوحده فقط بل يتم التباحث بشأنها بين الطرفين وعلى قاعدة الاسعار التفضيلية للبترول العراقي المباع للأردن والتي تبلغ اكثر من نصف سعر البرميل في السوق العالمية لحظة ابرام الاتفاق تبعاً للسنة الحسنه التي سنها صدام حسين منذ الثمانينات والتي يضاف اليها منحة بترولية شهرية مجانية بالكامل!!

&وحين اكتمال المشروع وبدا الضخ من خلال الانبوب يقوم العراق ايضا بدفع رسوم يوميا بالدولار الامريكي على كل قطرة بترول تمر في جوف هذا الانبوب عبر اراضي الاردن مع توقيع الطرفين على سيادة كل بلد من البلدين على اجزاء الانبوب المارة من خلال اراضية واللجوء الى المحاكم الدولية للبت في اي نزاع ينشب بين الطرفين ويفشلان في حلّه وديا كما تنص بنود الاتفاقية!

ولأننا لا نفهم شيئا ونعاني من جهل مطبق في بتفاصيل العقود النفطية بين الدول، فتعالوا نستفيد من قول الامام علي عليه السلام ( ما اضمر احدكم شيئا إلا وبان في فلتات لسانه ) لنبحث في تصريح رئيس الوزراء الاردني قبل ايام قليلة لعلنا نجد فلته نداري بها جهلنا بحيثيات الامور.

&اذ صرح النسور قائلا بالحرف الواحد : ان هذا المشروع يخدم الاردن ((حقاً)) وأيضا العراق بشكل كبير. ومن هذا التصريح الصريح جدا والواضح تعالوا نسال انفسنا ببراءة متناهية :

ما هي الغاية الاقتصادية من انشاء انبوب نفطي يكلف خزينة الشعب العراقي عشرات المليارات من الدولارات ويمتد عبر ارضي دولتين اغلبها تعتبر مرتعا للإرهاب ومتخصصة في زرع العبوات الناسفة تحت انابين النفط الإستراتيجية خصوصا مع قدرة العراق الحالية والفعلية على تصدير نفطه بانسيابية كبيرة وبأرقام تصدير قياسية مقارنه بالماضي وعبر منافذ التصدير الموجودة فعليا في موانئ البصرة التي لا تبعد سوى امتار قليلة عن ابار النفط العراقي وأيضا عبر الانبوب العراقي التركي والذي يصب في ميناء جيهان التركي ومع امكانية اعمار انبوبين نفطيين يمتدان من اراضي العراق الى كل من السعودية وسوريا؟

ما هي الفكرة من وراء تكبيل العراق باتفاقية دولية ملزمة تحتم عليه تصدير نفطه عبر انبوب سيدفع تكاليف الى اخر فلس فيه في حين لا يملك إلا نصفه؟ ولماذا القفز على مشروع ميناء الفاو الكبير الذي يضمن للعراق الاستقلال الوطني في تصدير النفط ومضاعفة الانتاج؟

اين المنفعة والمردود السياسي في مد انبوب نفط يدفع العراق تكاليف مرور نفطه فيه عبر اراضي دولة لا تحترم الحكومة العراقية ولا ارادة شعبه وتستضيف جهاراً نهاراً الد اعداء الدولة العراقية وشعبها من قبيل افراد عائلة الطاغية المقبور وأعضاء نظامه العسكريين والمدنيين وتوفر لهم السكن الرغيد والحماية الامنية وتقوم بالتغطية على انشطتهم السياسية المجاهرة بالعداء للعراق وتنظيم الفعاليات والمؤتمرات التي تدعو لإسقاط العملية السياسية في العراق وإعادة العراق الى الوراء بالضد من ارادة الشعب العراق التي عبر عنها بصناديق الاقتراع؟

اين الكرامة الانسانية للمواطن العراقي من اتمام هذا المشروع في بلد يهان فيه المسافر العراقي في الحدود والمطارات الاردنية ويسأل قبل ان يسمح له الدخول ان كان شيعا وان كان يكره صدام ويداس على كرامته في شوارع ومراكز الشرطة الاردنية في حين يعامل المسافر الكويتي مثلا وكأنه مواطن من الدرجة الاولى ودون ان يقدم للأردن اعشار ما سيقدمه العراق للأردن في هذا المشروع؟ بل حتى المواطن السريلانكي القادم للأردن للعمل كخادم يعامل بطريقة انسانية وقانونية اكثر الف مرة مما يعامل بها المواطن العراقي العادي في الاردن.

وختاما نسأل هل حقا ان دولة مثل الاردن بمواردها المحدودة واقتصادها القائم على المساعدات الخارجية والهبات مستعدة لدفع دولار واحد في مثل هكذا مشروع فضلاً عن مشاطرتها العراق الدفع؟

&

[email protected]

&