نظرية المٶامرة، کما هو معلوم،هي اداة لا نستغني عنها کلما حاولنا، نحن من اهل هذه المنطقة، ان نفك شفرات و طلاسم الاحداث والظواهر التي تعصف ببلدانا من حين لاخر،لاسيما هي احداث لا يمکن لنا تفسيرها بالادوات المعرفية والمنطقية المتعارف عليها لدى الشعوب التي تعيش حياة طبيعية تسير وفق انظمة لا تقبل الخطأ. فظاهرة ظهور داعش والزلزال الذي احدثته بصعوده الصاروخي والهول الذي احدثته، اينما اتت، هي ظاهرة کارثية اخرى تبتلي بها منطقتنا دون ان يکون لدى احد القدرة على اعطاء تفسيرا منطقيا السٶال المحير، الا وهو کيف حدثت ظاهرة داعش؟ وفي ظل غياب الجواب نرانا هائمين، ودائما حتي اشعار اخر، بين العديد من السيناريوهات المختلفة والمتناقضة والمتظاربة احيانا بامل الحصول على الجواب،والدي قد لا يأتي ابدا.
السيناريو الاکثر شيوعا حول ظهور داعش يحدثنا عن مۆامرة عربية(سنية) اسرائيلية للاجهاض على الهلال الشيعي کونه بات يشکل تهديدا مباشرا ومتزايدا لامن اسرائيل والدول العربية. ويرى اصحاب هذا السيناريو ان الدول العربية المشارکة في هذه المٶامرة هي الاردن و دولة قطر و دول خليجية اخرى اضافة الى اسرائيل.&
&
السيناريو الاخر يصف داعش بالمشروع الماسوني الصهيوني الدي يهدف الى اضعاف الاسلام والمد الاسلامي من خلال اظهاره للعالم وکانه دين اناس متوحشين لا يتفننون الا في القتل و قطع الرٶوس.
سيناريو اخر يذهب الى اتهام ايران و سوريا بصنع داعش وذلك لاجل فك عزلتهما الدولية من خلال ارغام الغرب على تقبل فکرة انهم يقفون معهم في خندق واحد ضد الارهاب.
و سيناريو يفسر الامر على انه مٶامرة ترکية کوردية لاضعاف المالکي من جهة دعم الاقليم السني ومحاصرة قوات حزب العمال الکوردستاني التي اصبحت قوة مزعجة في الکوردستان السوري.
وان سيناريو محاولـة امڕيکا والغرب للعودة من خلال داعش الى العراق والى نفط العراق هو السيناريو القديم المتجدد ابدا الدهر.
&
في حديث لي مع شخصية موصلية، عشية الغزو الداعشي للموصل، عن تصوره للقادم من الايام في ظل التحالف مع داعش، قال هذا هو تحالف تکتيکي وان القوة الاساسية وراء ذلك التحرك هو الحراك السني و ظباط الجيش العراقي السابق ولمح لي الى ان هناك تنسيق ما مع البيشمرگة الکوردية. وقال بثقة ايضا بانه سيتم ابعاد داعش من الصورة و نستغني عن خدماتهم. وهذا ايضا هو سيناريو اخر.
&
القاسم المشترك بين کل السيناريوهات الداعشية هو ان وراء هذه الظاهرة جهد مخابراتي عملاق منسق لدولة ما او اکثر من دولة. و التاريخ القريب يذکرنا بسابقة من هذا المثيڵ، الا وهي الزلزال الذي ضرب افغانستان عام ١٩٩٤ واعني الظهور المفاجيء لجحافل طالبان عبر الحدود الباکستانية وليحدث ما حدث بين ليلة و ضحاها، والهدف کان،على ما يبدو، وقف التغلغل الايراني المتزايد في العمق الافغاني.
&
في خضم الترکيز على السبب وراء ظاهرة داعش، ارى السيناريوهات المطروحة تغفل احتمالا مهما الا وهو ان داعش وذباحها الاکبر البغدادي قد خرج من السياق ومن السيطرة وبات يضع اجندته بنفسه ولنفسه.
&
لا ادري لمادا کلما تمعنت في شخصية ابو بکر البغدادي اتذکر شخصية کورتز، بطل رواية قلب الظلام لجوزيف کونراد، والذي مثله لاحقا مارلو براندو في فلم القيامة الان. فقد خرج کورتز عما کان متفقا عليه في مهمته في غياهب غابات الکونغو، ومضي مستعينا بجنون العظمة في بناء امبراطوريته الخاصة به من خلال بث روح الرعب والارهاب وارغام العامة من الابرياء للاختيار بين الاذعان او الذبح، وهذا هو ما يتفنن به البغدادي ودولته الشريرة.
&