&اثناء العدوان الاخير على غزة توحد الموقف الفلسطيني تجاه دولة الاحتلال، وتمثل ذلك من خلال توجه وفد موحد الى القاهرة يمثل جميع القوى الفلسطينية من اجل التفاوض على هدنة لوقف اطلاق النار، بعد ان تبنب السلطة الفلسطينية كل مطالب المقاومة، وهذه المطالب لا يختلف عليها الفلسطينيون لانها حقهم الطبيعي، وممكن القول ان القوى الفلسطينية بمواقفها الموحدة اثناء العدوان افشلت اهداف دولة الاحتلال التي كانت تراهن على امكانية اتخاذ مواقف معادية لحماس من قبل السلطة الفلسطينية، وفصل موقف السلطة الفلسطينية في الضفة عن غزة والهدف الاهم كان افشال حكومة الوفاق الوطني، وحاولت اسرائيل من خلال قصفها لبعض الاماكن كالابراج والبيوت باحداث شرخ بين المقاومة وسكان قطاع غزة.

ولكن ما ان انتهى العدوان حتى بدأت المناكفات والتصريحات المختلفة من جميع القوى الفلسطينية المتناقضة والناقدة لبعضها البعض، ومن الملاحظ ان القوى االرئيسية التي احتفلت بالنصر هي حركة حماس وحركة الجهاد ولم يلحظ أي مشاركة ا من قبل السلطة او مشاركة أي من مسؤوليها في هذه الاحتفالات، وهذا ان دل على شيء انما يدل على ان هناك قوى تعتبر نفسها انتصرت، وهناك قوى اخر تفكر على عكس ذلك وتعتبر ما حصل مغامرة غير محسوبة كما يسميها البعض، ولكن يجب بأخذ بعين الاعتبار بأن حماس ليست هي من بدأ هذه الحرب.

&حتى فصائل المقاومة اختلفت لمن تقدم الشكر وكل طرف قدم الشكر الى دولة اخرى، فحماس وعلى لسان خالد مشعل قدم الشكر بشكل رئيسي الى قطر وتركيا وبعض الدول وسرايا القدس الجناح العسكر لحركة الجهاد قدمت شكرها بشكل رئيسي الى ايران وحزب الله، وأما السلطة الفلسطينية فشكرت مصر بشكل رئيسي على الوساطة من اجل وقف اطلاق النار، ومن هنا يتضح ان القوى الفلسطينسية ما زالت مرتهنة للدول التي ترتاح اليها والداعمة لها، وهذا يدل على ان المواقف الفلسطينية التي توحدت اثناء العدوان الاسرائيلي من الممكن ان يصيبها الشرخ والانقسام مجدداً ان استمر هذا الارتهان لهذه الدول، ومن المعروف ان لكل من هذه الدول اجندتها الخاصة بها.&

ان وضع المقاومة الفلسطينية بعد العدوان على غزة لا يختلف عن وضع حزب الله بعد الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان فى عام 2006 حيث طالبت القوى اللبنانية الاخرى بوضع سلاح هذا الحزب بيد الدولة اللبنانية، وان قرار الحرب لا يمكن ان يقرره حزب الله لوحده، والان نرى نفس المواقف تطرح على الساحة الفلسطينية وفي ظل حكومة الوفاق الفلسطينية، حيث بدأت تُسمع اصوات ومواقف حول سلاح المقاومة الفلسطينية الذي يجب ان يكون تحت امرة الشرعية الفلسطينية ممثلة بالسلطة الفلسطينية، وقد جاء كلام عباس كدليل على هذا التوجه من خلال تصريحاته الاخيرة، والذي قال فيها ان قرار الحرب والسلام لا يجب ان يكون في يد فصيل فلسطيني بعينه، وان السلطة وجميع القوى على الساحة الفلسطسنية مجتمعة يجب ان تقرر هذه المسألة.&

امام الفلسطينيين تحديات كبيرة على الصعيد الداخلي، ولن يكون من السهل لئم الجراح بعد سنوات الانقسام والشرخ الذي افرزه هذا الانقسام على الساحة الفلسطيبنية، وهنا يطرح سؤال، ما هي التوجهات التي ستعتمد عليه القيادة الفلسطينية بعد العدوان، وخاصة ان هناك برنامجين، برنامج الكفاح المسلح وبرنامج المفاوضات، ومن غير المعروف هل ستوافق حماس والفصائل المقاومة الاخرى استمرار السلطة الفلسطينية على نهح المفاوضات والتنسيق الامني مع العدو الصهيوني، ام ستبقى على مواقفها المعارضة لهذه المفاوضات الغير مجدية حتى الان، ومن غير المستبعد ان تزداد حركة حماس ومعها حركات المقاومة الاخرى عنادا وتصلبا في مواقفها بعد هذه الحرب التي تعتبر انها انتصرت فيها، ولذلك هي غير مضطرة للتنازل عن مواقفها وعن مقاومتها.

الوضع الفلسطيني معقد جداً ولاسباب متعددة واولها الخلاف الداخلي حول اتفاقية اوسلو وتبعاتها، وهنا يظهر العامل الاسرائيلي الذي يضغط باتجاه عدم تحقيق اي وحدة فلسطينية وما زالت اسرائيل تخير االرئيس محمود عباس الاختيار بين حماس وبينها، وتسعى اسرائيل الى ان تتسلم السلطة الفلسطينية المعابر وقطاع غزة، لان اسرائيل تعتقد ان السلطة قادرة على تحقيق الامن لها ان هي تسلمت قطاع غزة، وهذا الامر سيلاقي معارضة من قبل حركات المقاومة ان استمرت السلطة بالتنسيق الامني مع الاحتلال، لان هذه المسألة تمس بسلاح المقاومة وامنها. ولكن هل ستبقى السلطة الفلسطينية تنفذ اتفاقات اوسلو وخاصة الشق الامني، وخاصة ان السلطة تعمل على خطة للتوجه الى الامم المتحدة من اجل انهاء الاحتلال ومحاسبة مجرمي الحرب الصهاينة.

بدون شك ان اسرائيل سترفض كل قرار يلزمها بالانسحاب من الاراضي المحتلة، وستضع المسائل الامنية على رأس اولوياتها غير عابئة بانهاء الصراع، ومن هنا يجب على القوى الفلسطينية وضع استراتيجية مستقبلية لمواجهة دولة الاحتلال من خلال وحدة حقيقية لمجابهة مشاريعها ومخططاتها التي تهدف الى شطب الحق الفلسطيني.&

&