لا يمكن لأي شاب أو أكبر من شاب أو إمرأة في مقتبل العمر أو من تلكم التي فاتها قطار العاطفة، سواء كان هؤلاء من تونس، من ليبيا، من الصومال، من جيبوتي، من بلدان الخليج، وحتى من أمريكا وبريطانيا والبلدان الأوربية أن لا يطمح بسفرة عبر مطارات العالم والمكوث في فنادق خمس نجوم وبعدها يصعد في سيارة "تويوتا" رمادية اللون مكيفة الهواء تنطلق به من مروج إسطنبول وأنقره بعد إستراحة في "تقسيم جاده سي" ثم يسير طابور من السيارات، مئات من سيارات التويوتا موديل عام 2014 فيرى السائح بلدانا جديدة لم يرها من قبل والنسوة يحلمن بدفق العاطفة الجنسية من قبل شباب متلهفين يمتلئون حيوية ونشاطاً في بيوت يبيحها القانون الجديد، قانون الخلافة للدولة الإسلامية الجديدة "داعش" ذلك ما دفع بالمواطن الأسلامي في أمريكا أن يمسك بجواز سفره الأمريكي الذي طالما حلم به وحلم بالبطاقة الخضراء الأمريكية منتظرا سنوات من التلهف للحصول عليها، يمسك المواطن الإسلامي جواز سفره هذا ويمزقه أمام كاميرا التلفاز ويعلن إنتماءه لدولة الخلافة الإسلامية. سفر ومخصصات سفر وطعام تعده نسوة جميلات من كل الجنسيات للحصول على مطبخ متنوع الثقافات الغذائية.

ما عليك سوى أن تذبح الخراف. أنت مسلم، أليس كذلك؟ ألا تقوم إسلاميا أيام الأعياد بذبح الضحية؟ نفس الشيء تفعله مع بشر هم مثل الخراف أو هم يشبهونها لكن لحم أجسادهم غير قابل للأكل لأنه لحم مر. ما عليك سوى أن تذبحه وترميه في غياهب السد.

مرة واحدة.. المرة الأولى تمر فيها بالتجربة ثم يصبح السلوك عادة. أو ربما كنت مررت بالتجربة حيث تقيم. هذا هو قانون الحياة المادي. الإعتياد والتعود.

سوف ترفع العلم الأسود وعليه ختم الرسول محمد "الله رسول محمد". تصعد السطوح وترفعه فوق أعلى بناية في المدينة، ولو مت فأنت ميت بالأساس. ميت يمشي على رجليه، فلماذا لا تعيش تأكل وتشرب ولا تلاحقك مديرية الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية ولا مديريات الضرائب الأوربية. أنت حر بالمرتب الذي تأخذه. سوف تأخذه من خزائن الدولة الإسلامية. ولا تدري أين تنفقه فأنت تنام في بيوت حجزت إليك بالمجان ومع زوجة من جنسية أنت تختارها وهي توفر لك أشهى الأكلات. ولو مت كما خبروك فأنت سوف ترحل محلقا في الأعالي توفر لك مخيلة التحليق هذه كبسول داعشي، فتدخل الجنة وترى رسولك الذي فديته بحياتك وتتناول معه فطور الصباح. ويطوف عليك ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا.

أنت لست وحدك بل أنت ضمن ألاف وعشرات الآلاف يتكاثرون كل يوم. كلهم مسلمون ليس بينهم مسيحي واحد ولا يهودي واحد ولا واحد من أهل الكتاب. وهم رفاقك وأخوتك في السلاح من الكورد والعرب والصوماليين وأبناء الخيلج. سوف يخلع الجميع أثوابهم ويلبسون السراويل الشبيهة بالسراويل اللبنانية والأفغانية والباكستانية والكوردية وكل سراويل الجبليين ويحملون البنادق ويقتلون من لا يؤمن بدولتهم الحرة الخاوية من كل أشكال المؤسسات الرأسمالية وغير الرأسمالية.

كم يبلغ عدد هؤلاء الدواعش الذين يتكاثرون بلمح البصر ويتكاثرون ويتكاثرون. إغراءات كثيرة تقدم لهم ولعل في مقدمتها الإنتقام. الإنتقام من عدو هو أكثر من عدو إضطهدهم ونكل بهم وحرمهم المساواة وأفرغ رؤوسهم من نعمة التفكير وأوغل في عقولهم الجهل والتخلف والإنتقام والموت.

كل هؤلاء الآلاف المؤلفة التي جاءت من أنحاء الدنيا لتشكل دولة الخلافة الإسلامية بعد أن أنتظمت الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأوجدت أنظمة الحياة الإنسانية فيصحو العالم على دولة جديدة ليست عضوا في الأمم المتحدة وليس لها دستور ولا برلمان بل دستورها هو الموت والتدمير ليعلن شكل دولة كانت قبل ألف وأربعمائة عام أو لم تكن، فينتبه العالم فجأة إلى الخطر الذي تشكله هذه الدولة على المجتمع الإنساني ويجند الجنود المؤلفة ويطلق الطائرات من حاملات الطائرات للقضاء على هذه الدولة الوليدة وليعلن رئيس أقوى دولة عسكرية في العالم وهي أمريكا أن المعركة مع هذه الدولة ستطول، وهذه الدولة ليس لديها طيران ولا أسلحة ثقيلة بل هي تستلبها من البلدان التي تحتلها وتتسع وتعلن تحرير المدن والقرى والقصبات فتعلن عن ولاية الفرات والرقة ونينوى ويبدأ الخطر يهدد بلدان العالم وأمريكا بالذات وبلدان أوربا بأنه سوف ينقل المعركة إلى عقر دورهم، لتصبح المطارات مهددة والطائرات مهددة ومحطات القطارات مهددة والوزرات مهددة في كل أنحاء العالم.

كل الأقمار الإصطناعية التي تسبح فوق المجال الجوي للكرة الأرضية وكل شبكات الإنترنت العملاقة التي تراقب حتى النمل وكل رقابة المصارف على حركة المال، وكل دقة التفتيش وبهذلة المسافرين الأبرياء في الدخول والخروج من بوابات المطارات وكل أجهزة مخابرات العام وإستخباراتها العسكرية وكل السفارات في كل بلدان العالم وكل المترجمين من وإلى كل لغات العالم وكل حراس وشرطة الحدود وكل مؤسسات إصدار جوازات السفر والبطاقات الشخصية المحكمة الطباعة وبأشعة اللايزر غير القابلة للتزوير، كل هذه المؤسسات العملاقة وأجهزة التنصت والإنصات لم تتمكن من مشاهدة هذه الآلاف المؤلفة من الناس واضحي السحنة علنا وقصدا باللحى وأغطية الرأس والسراويل والحفايات وحبل الملابس الداخلية المشدود شداً تاريخياً لم تكشفها أجهزة المطارات التي تمنع قنية ماء صغيرة أو مقص حلاقة الشوارب الصغير من الدخول للطائرة، فتدخل هذه الأقوام، ليس شخصا واحدا من مطار واحد فلت سهوا، بل الآلاف ثم يصلون إلى أنقره وأسطنبول وترسل لهم من جزيرة في الخليج هدية مكونة من مئات وألاف سيارات "التويوتا" لم تنتبه لها الشركة اليابانية صفقة واحدة من لون واحد وبطراز واحد. كل هذه الدولة وبأفرادها وبحكامها وقضاتها يقضون سهراتهم في أزقة أسطنبول ويتجمعون في معسكرات رجالا ونساء من كل الجنسيات رجالا ونساء ويتناكحون نكاحا جهاديا. ثم يمشي الموكب مخترقا جبال العراق وجبال سوريا. يصلون مدينة الموصل فينسحب الجيش الكامل منها والكامن فيها ويرفع علم الدولة الإسلامية وعليه ختم الرسول محم "الله رسول محمد" علم أسود سرعان ما بثته كل وكالات الأنباء ومواقع التواصل الإجتماعي وبدأ برنامج الدولة الإسلامية فورا بالتطبيق والمتمثل في عمليات النحر وتهديم البناء الإرثي والتاريخي للمكونات ولم يسلم من الذبح لا مسلم شيعي ولا آخر سني ولا كوردي ولا عربي ولا أمريكي ولا نصراني. هؤلاء الذين أستولوا مع خبرائهم النفطيين على مواقع النفط وصاروا يستخرجونه ويبيعونه وثمة من يشتريه من المافيات وبلدان النفط الأسود. ويتم ترتيب مخازن الأسلحة لهم وتعقيدات حفظ السلاح والذخيرة، ثم تصل الأموال بالمليارات لتشكل خزينة الدولة الدولة الإسلامية التي لم يتم قبولها بعد كعضو في الأمم المتحدة. حركة المال وأستثمار السيولة النقدية في المصارف يجري على قدمين وساقين وتنقل المبالغ من الحسابات وإلى الحسابات ومن مصارف الخليج لمصارف بريطانيا ومن مصارف أوربا إلى مصارف سويسرا، ومن مصارف سويسرا إلى مصارف أمريكا ومنها إلى مصارف إسطنبول، فيما لو طلب مواطن بسيط يعيش في أي بلد من تلك البلدان تحويل مبلغ إلى أهله أو لصديق فإن المصرف يطلب وثائق وأسباب التحويل خوفا من أستخدامها لغسيل الأموال وتغذية الإرهاب. وسرب سيارات التيوتا الإسلامية تقطع المسافات وتمر عبر الجبال والسهول والكهوف.

كل هذا والعالم نائم غاف يحلم أو يشخر وثمة الهواتف الحمراء للرؤساء لا ترن وهواتف أجهزة المخابرات الدولية عاطلة "حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" حينها سمع مراقب البث من مقر القمر الإصطناعي "الهوت بيرد" حديث النملة ودونه في رسالة سرية وعاجلة للبنتاغون.

فجأة يعلن العالم عن بزوغ دولة "التويوتا" الجديدة التي لا يعرفون هل جاءت من الأرض أو نزلت من الفضاء الخارجي. دولة تدميرية للحياة والإنسان بطرائق دموية لا يرتوي منتسبوها من أنهر الدم، فيقف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في حديقة البيت الأبيض ويعلن أن معركتنا مع هذه الدولة ألإسلامية سوف تكون طويلة الأمد وتبدأ الأسحلة الأمريكية والأوربية تتدفق متوجهة نحو نقطة تجمع أتفق أن تكون مدينة أربيل العراقية أو الكوردية خوفا على القنصلية الأمريكية في تلك المدينة.

دعونا نبحث نحن الفقراء لله وحده عن بصارة أو فتاحة فال تقرأ لنا بالودع والخرز ماذا حصل في هذه الدنيا ويعلمنا الودع كيف ومن أين جاء هؤلاء القوم دون أن يشعر بهم أحد في العالم ولم يكشفهم سوى النمل، وأن تقرأ لنا البصارة ما ينبغي علينا فعله وأن ترسم لنا ملامح المستقبل حتى نأخذ الحيطة ولا نفاجئ بغفلة من غفلات الزمن ونصبح على ما نحن فيه نادمين!

&

سينمائي وكاتب عراقي مقيم في هولندا

[email protected]

&