&
سوف نعقب في مقال تال على& نتائج قمة الأطلسي حول مواجهة خطر داعش والخطر الروسي، وما يتصل بالقمة من تطورات في العراق والمنطقة.
ما نقتصر عليه هنا فيما يخص هذه الموضوعات هو أنه يجب انتظار الترجمة العملية لما سماه أوباما بالتحالف الدولي ضد داعش، وهل سيشمل التصدي له سوريا، والإشارة للموقف الاستسلامي أمام بوتين فيما يخص أوكرانيا، مما يذكر بصفقة ميونيخ مع هتلر عام 1938 . وأما العراق، فجب انتظار الحكومة الجديدة التي يظهر لن تخرج عن نظام المحاصصة. وثمة المناورات الجديدة لشلة المالكي وتشكيله لكتلة المليشيات الطائفية باسم كتلة " الوفاء للمقاومة"،على نموذج حسن نصر الله، وإصرار زعيم مليشيا بدر- الإيرانية الصنع والولاء- على تبوء منصب وزارة الدفاع!!!
في هذا المقال نريد العودة لمقالنا السابق عن ثقافتنا التي تنتج الداعشية، وترجمتها في السلوك والممارسة، وشواهدها من التاريخين العربي والإسلامي...
خالد بن الوليد رأي زوجة مالك بن نويرة الجميلة، فأعجبته، فقام وقطع رأس الزوج وطبخه، ثم اغتصب الزوجة.هذا " بطل" تتغنى به كتب التاريخ المدرسية، والذي قتل من مسيحيي العراق ما لا يقل عن السبعين ألفا... ترى أليس هذا إماما من أئمة الداعشية الذي يقتدي به& داعش العراق وسوريا؟ وما الفرق بين قطع راس الزوج وبين قطع رأس الصحفي الأميركي ستيفن سوتلوف؟ وهل ليست العقلية نفس عقلية تهجير مسيحيي الموصل وسبي الأيزيديات؟ وما الفرق بين أبطال الغزوات العربية، ومنهم طارق بن زياد، حين كانوا يرجعون بآلاف الجواري للتمتع الجنسي وللبيع، وبين سبي النساء الأيزيديات واغتصابهن وبيعهن على أيدي عصابات البغدادي الهمجية؟ وهل التغني بأمجادنا " التاريخية" هذه لا تغذي عند الناشئة العربية والمسلمة نزعات العنف وكراهية الآخر؟ وترى ما الفرق بين جرائم داعش وبين جرائم النظام الإيراني حين ينفذ في أسبوعين أكثر من 40 حالة إعدام منها اثنتان لامرأتين، أو بين رجم النساء حتى الموت؟ وما الفرق- من حيث الجوهر- بين التعذيب بالمخرز الكهربائي [ الدربل] حتى الموت وبين قطع الرأس، سوى أن الجريمة الأولى اقترفها داعشي شيعي والثانية لمتطرف همجي سني.؟ ولذة ممارسة القسوة السادية، التي تميز مجرمي داهش والقاعدة الظواهرية، نجد شواهدها المثيرة في التعامل مع الأقباط في مصر، وفي براميل بشار الأسد، وفي غازاته وغازات حلبجة وفي الأنفال، وفي جرائم النظام السوداني في& دارفور، وفي إلقاء الفتحاويين من السطوح في غزة ، وفي إلقاء المثليين من الجبال في إيران ، ألخ.... ونذكر ما جرى في بلدة كفرمايا اللبنانية قبل سنوات مع مصري اتهم بالقتل... اختطفه الرعاع الهائجون من الشرطة وأشبعوه طعنا وضربا حتى الموت، ثم سحلوا الجثة وعلقوها على اعمدة الكهرباء. نماذج من هذه الهمجية رأيناها في عراق 14 تموز في الأيام الأولى من الثورة.
إن الأمثلة كثيرة عن البيئة الثقافية والعائلية والتعليمية التي تشجع النزعات الداعشية بدرجات مختلفة، تبلغ اليوم أقصى درجات الهمجية والوحشية مع ما يسمى بالدولة الإسلامية... وأجازف، فوق هذا وذاك، بالقول بأن القسوة المفرطة مع حيوانات أليفة هي البذرة التي يمكن أن تنمو منها الرغبة والاستعداد لاقتراف قسوة مماثلة مع إنسان آخر. ويروى أن القاضي الإيراني خلخالي، الذي كان يصدر أحكام الإعدام بالجملة في أعقاب انتصار الخمينية وقد يعدم المتهم بنفسه، كان قد قتل خنقا أكثر من مائة قطيطة، وأن ناظم كزار، جلاد التعذيب في قصر النهاية في العراق في أواخر االستينات وبداية السبعينات، كان يخنق الكلاب السائبة حين كان في معسكر الاعتقال..وفي العقد الأخير من عهد صدام كان أعضاء "فدائيي صدام" يلزمون بقتل كلب أو قط أمام عدسة التلفزيون وقضم& لحمه، وذلك لتعويدهم على القسوة مع المعارضين. وتأتي اليوم المجزرة المرعية لخمسين قطة في نادي الجزيرة بالقاهرة لتدل مرة أخرى على مدى ارتفاع درجة الغرائزية السادية عند شرائح من المصريين. ولعل بين من شاركوا في المجزرة وبين من يهونون من شأنها& بحجة ان حياة الإنسان أعلى، من شاركوا في عمليات عدوان واغتصاب خلال أحداث السنوات المصرية الأخيرة. إن المشاعر الإنسانية لا تتجزأ، وكذلك& نزعات القسوة السادية والكراهية واحتقار الحياة. ومن يقتل اليوم حيوانا مسكينا وديعا لا مانع لديه غدا من قتل إنسان، وربما الانخراط في مجموعات الإرهاب والقتل الجماعي. وكما أن قتل الإنسان يستحق العقاب، فكذلك& قاتل الحيوان البريء، وهو ما تأخذ به قوانين غالبية الديمقراطيات الغربية.
وهكذا، ومن وجهة نظرنا، فإن لداعش والداعشية حواضن وسوابق يجب الغوص فيها وتفكيكها وتحليلها لغرض إعادة النظر في مناهج التعليم وفي الثقافة والإعلام والخطب والمنابر الدينية. فلا يكفي التصدي الأمني والعسكري ولو كان دوليا وذلك برغم كل أهميته وطابعه الاستثنائي اليوم، ولاسيما وجوب بتر الخطر الداعشي في سوريا والعراق معا. فمن سوريا جرى تمدد داعش وفي العراق كانت نواتاته من بعد الزرقاوي...
&ولنا عودة قريبة...
&