لايمكن وصف التشكيلة الحكومية التي أقرها البرلمان العراقي برئاسة الدعوي حيدر العبادي سوى بعبارة (حكومة إعادة إنتاج الفشل)! فالتحاصص الطائفي و العرقي المريض قد طبع الصورة العامة لتلكم الحكومة الناقصة و التي غاب عنها أبرز وزيرين يحتاجهم العراق في ظرفه الراهن وهما وزيري الداخلية و الدفاع فالإنهيار ألأمني و العسكري في العراق لم يدفع النخب السياسية الطائفية الفاشلة على الإسراع بتشكيل القوى الأمنية و العسكرية، بل ظل الإعتماد على الخارج وعلى حلف الناتو وعلى الولايات المتحدة تحديدا لضمان خروج العراق من ورطاته و أزماته التي تتناسل بصورة أميبية مزعجة!، فكل الأمور في العراق تجري بالتواكل و الإعتماد على الغير.

و النخب السياسية الفاشلة لم تزل تعيش زمن (سقيفة بني ساعدة)! و تفكر بعقلية بناء الدولة وفقا لنظرية (منا أمير و منكم أمير)، فيما يفكر بعض المتأزمين و الفاشلين وفق نظرية أن ( السواد بستان قريش )! ولكن قريشا هذه المرة ليست قريش التي نعرفها، بل تلك القبائل الطائفية القادمة من طهران و نظامها و التي جعلت الوزارة العراقية الأولى بعد زمن المالكي التعيس تترنح تحت ضغوط هوية المرشح لوزارة الدفاع و التي يتدافع و يتطاحن عليها القوم بالمناكب و الأكف! فمن يسيطر على وزارة الدفاع ستتيح له تلك السيطرة الإشراف على صناعة القرار الستراتيجي في بلد هو اليوم سيكون ميدانا لمعارك ساخنة لقوات الناتو ضد التنظيمات الإرهابية المتطرفة و التي هي طبعا ليست داعش فقط! بل أنها أيضا تضم تلك التنظيمات المنضوية تحت غطاء ما يسمى ب ( الحشد الشعبي )! و التي إرتكبت من الفظائع و قطع الرؤوس و حرق الجثث ثم التصوير معها ما يندى له جبين الإنسانية، فالدواعش في العراق قد تفرقوا بين الملل و النحل و العصابات و الأقوام العراقية المتناحرة، فهنالك داعش البغدادي، وهنالك داعش الخزعلي! و وهناك داعش البطاط.. و بقية الجمع الطالح من الذين نعرف و تعرفون، و النظام الإيراني قد بلغ من القوة شأنا و مكانة في العراق بحيث أنه يستطيع تعطيل الحياة السياسية أو جعلها على كف عفريت مما جعل حكومة العبادي ورغم العين الأمريكية الحمراء و فرمانات ( البيت الأبيض ) بالإسراع بتشكيل الحكومة، حكومة ناقصة عرجاء و عوراء تحمل بذور فشلها معها خصوصا مع أعتذار حسين الشهرستاني عن تولي منصبه الوزاري في التعليم العالي، و المتغيرات في حقيبة وزارة الخارجية التي نقلتها من الحضن الكردي لحضن حزب الدعوة ولرعاية رئيس الحكومة الفاشلة السابق إبراهيم الجعفري الذي لا علاقة له بعوالم الدبلوماسية و العلاقات العامة لكونه شخصية متأزمة و متعصب طائفيا و ليس هو الشخص المناسب أبدا لقيادة دبلوماسية الإنفتاح العراقية التي تتطلب مرونة ومهارة و مقبولية و حيادية و إنفتاح، وجميعها صفات لاعلاقة للسيد الجعفري بها من قريب أو بعيد، فقيادة حملات الحج و القيام بدور ( الحملدار ) سنوات اللجوء الطويلة السابقة لا توفر للمرء مهارات دبلوماسية!!

لقد كانت تشكيلة حكومية بائسة طابعها اللصق و الترقيع و محاولة إرضاء الجميع بالمناصب الجزافية، فنواب الرئيس العراقي وكان أولهم رئيس الحكومة السابق نوري المالكي و ثانيهم إياد علاوي و ثالثهم النجيفي كانت مناصبهم بمثابة ترضية لهم، وفي حالة المالكي فإن المنصب قد وفر حصانة سياسية كاملة له ضد أي مساءلة قانونية عما إقترفت يداه من مآسي دمرت العراق و أحالته لهشيم وحولته اليوم لملعب من ملاعب الناتو، ولحديقة خلفية للحرس الثوري الإيراني؟ ثم لا أدري لماذا الإنتظار أسبوعا آخر قبل إعلان اسماء وزراء الداخلية و الدفاع؟ فهل يتعلق الأمر بإسترضاء النظام الإيراني رغم الضغوط الأميركية المعروفة بعدم إسناد حقيبة الدفاع لقائد فيلق بدر هادي العامري!! وإصرار طهران على توليه لهذا المنصب؟ وهل سيحصل توافق أمريكي أو زواج متعة مصلحي سيغير قواعد اللعبة و الصورة العامة لإدارة الصراع في العراق؟

وبعيدا عن القيل و القال و كثر السؤال، فإن الفاشلين لايمكنهم الخروج من شرنقة فشلهم التاريخي، أيام العراق القادمة ستكون مؤلمة لأنه ببساطة لاشيء تغير بالمرة، بل أن بوم الخراب القريب قد سمعت أصواته من بعيد، و بصراحة قاتلة نقول و نؤكد بأنه ( مفيش فايدة )!

&

[email protected]