&
تتسارع الخطى مع إقتراب موعد أول إنتخابات برلمانية في تونس بعد مرور ما يقارب أربع سنوات على سقوط نظام بن علي، وتتعاظم الأمال بقرب الوصول لشكل ونظام الحكم القادم، وترتفع المخاوف من تصاعد وتيرة الإرهاب بعد صيف دموي ألقى بظلاله على مكونات المشهد السياسي بلا إستثناء.
الجميع ينتظرون في تونس وخارجها نهاية المرحلة الإنتقالية، التي طال ليلها وثقلت أيامها وصعب سداد فواتيرها بحساب ما وصلت إليه الأوضاع الأمنية والإقتصادية والإجتماعية.
تزامن موعد الإنتخابات مع تصاعد التهديدات الإرهابية بإغتيال عدد من قيادات الأحزاب السياسية الأكبر، يطرح جدلية علاقة الإنتخابات بملفي الإرهاب والإغتيالات وما يحمله من تهديد جدي وإنتكاسة خطيرة لمسار ديمقراطي تعددي هش يخطو أولى مراحله نحو التأسيس والثبات.
علاقة الجماعات الإرهابية ( القاعدة ـ أنصار الشريعة ) بالإنتخابات واضحة ولاتملك تفسيرات أو تأويل خارج إطار النص الرافض أساساً لكل أفكار وأشكال الديمقراطية المكفرة بالبيان والتبين، وإعتبار هذه الجماعات تلجأ للعنف مخافة فشلها بالوصول للسلطة عبر الصناديق أمراً خارج الموضوع.
بدون مقدمات ترتفع وتيرة الحديث عن محاولات الإغتيال وإعتبارها خطراُ يهدد بإفشال الإنتخابات وتعطيلها، متزامناً مع تزايد مخاوف الكثير من الأطراف& بإمكانية عودتها للساحة السياسية بنفس الحجم والتأثير الذي ترافق مع إنتخابات المجلس التأسيسي.
المتغيرات القادمة في المشهد السياسي بعد الإنتخابات قادمة، والغياب سيكون حتمياً على الكثير من الجماعات الهامشية التي نجحت بإيجاد موطئ لها بعد سقوط نظام بن علي، وحالة الفراغ الذي أنتجته تلك المرحلة، والإنتخابات ستكون ساعة حساب لكل من لعب دوراً رئيسياُ أو ثانوياً في الحكم والمعارضة، والسنوات الماضية كانت صعبة وقاسية، تركت نتائج واضحة المعالم على واقع تونس.
المخاوف من الإنتخابات تعكس رؤية عديد الأطراف للقادم المجهول، وإنتفاء صورة البهرج الثوري التي ركبوها بعد سقوط نظام بن علي، جعلت منهم فكرا وصورة فاقدة للمعنى، وسقوط الحلم التي عاشوه بشكل مهزوز وفاشل للمشاركة السلبية والغبية في الحكم دون معنى أو تأثير إيجابي.
المخاوف من الإرهاب مؤكدة بالمطلق، والسعي لنشر حالة الفوضى جزء من خطط عمل وتفكير الجماعات الإسلامية المتطرفة، ومحاولة إستعمال أساليب الترهيب من قدرة هذه الجماعات على إفشال الإنتخابات والوصل لبعض قيادات كبيرة في القوى السياسية، يوضح أن محاولات ربط الإغتيالات بالإنتخابات متلازمة جديدة في عقول من يستشعرون نهاية دورهم السياسي، ويخشون نتائج الإنتخابات.
بين اللعب على ورقة الرعب من الإرهاب والإنتخابات القادمة، تتناقص المساحة الزمنية كل يوم، وتزداد طموحات الكثيرين ومخاوف البعض، لكن الأهم بالتأكيد يكمن بكيفية إنجاح المرحلة القادمة ولجم هذا الترهيب الذي ستسعى أطراف متعددة لتصعيده لخلق حالة من التوتر تشكل مساحة مناسبة لعديد الأطراف للإستفادة من مناخ الفوضى.
الفترة القادمة ستوضح غموض الروابط الخفية بين الإرهاب والجماعات الهامشية وتجعل من ترابط وتقاطع فوائد الفوضى عنوان العلاقة بين هذه الأطراف ومخاوف إنعكاسها على تعكير الحراك الديمقراطي في تونس، والتلويح بالأعمال الإرهابية والإغتيالات سيبقى مطروحا بقوة في إنتظار الوصول لنهاية العملية الإنتخابية.

&