الفشل هو العنوان الأبرز لأي محاولة من جانب واشنطن تهدف إلى مشاركة مصر في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا، تنظيم داعش صنيعة أميركية، ويدخل ضمن استراتيجيتها لتتقسيم البلاد العربية، وإن أراد أوباما تصفية هذا التنظيم فليفعل منفردا، ولن يستغرق ذلك سوى أيام معدودات، وليس ثلاث سنوات، اذأ تحالف اميركي مبهم ضد داعش بلا جدول زمني ولا أهداف محددة،الإدارة الأميركية وعلى لسان أوباما تقول إن عدد المقاتلين في داعش يتراوح ما بين 20 إلى 30 الفا يمثلون نحو ثمانين جنسية، واشنطن تعي ما تفعل، هي أولا تريد أموالا طائلة، وبيع أسلحة لدول الشرق الاوسط، ترغب في ابتزاز دول الخليج، كي تدفع الفاتورة مليارات الدولارات، في نفس الوقت تتغاضى عن جماعات الإرهاب في مصر وليبيا.

أوباما تحدث صراحة للصحفى الأميركى الشهير (توماس فريدمان) فى صحيفة نيويورك تايمز، عن أن الحدود التي وضعت بعد الحرب العالمية الأولى فى الشرق الأوسط تنهار، وأن ثمة نظاما جديدا يتشكل، ومعروف أن بريطانيا وفرنسا هما من وضعتا إتفاقية سايكس ــ بيكو وبمقتضاها تم تقسيم الدول العربية، وترسيم حدودها، واشنطن تريد تقسيم المنطقة باتفاقية سايكس بيكو جديدة حسب مصالحها، فهي لا ترغب مثلا في عراق موحد، بل مقسم إلى دويلات: دولة سنية، ودولة شيعية، وثالثة كردية، أميركا لم تعد تؤمن ببقاء الزواج السني الشيعي، بل بضرورة الطلاق بالمعروف، كذلك تريد إعادة ترسيم حدود دول الخليج، وتقسيم مصر إلى دولة مسلمة، وأخرى مسيحية، ومن قبل نجحت في تقسيم السودان إلى دولتين واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب، والخطة الاميركية لتدمير جيش كلا من العراق وسوريا وليبيا نجحت بشكل واضح، وبدعم من دول إقليمية مثل قطر وتركيا.
&
إذا كانت واشنطن جادة في محاربة الإرهاب يجب أن تعلن أولا أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، ولدت من رحمها تنظيمات عديدة مثل القاعدة والنصرة وداعش وأنصار الشريعة
&
وفجر ليبيا وبوكو حرام وغيرها، وثانيا : أن تأمر خدامها في المنطقة وعلى رأسهم تميم قطر، وأروغان تركيا بوقف دعم الإرهاب، وتسليم المطلوبين لسلطات بلادهم، وثالثا : أن تعلن حربا شاملة على الإرهاب فى ليبيا وتونس والجزائر وسوريا والعراق، ولا يكفى أن تأمر واشنطن حاكم الدوحة بطرد سبعة من قيادات الإخوان، في حين يوجد أكثر من مائتي قيادة إخوانية في الدوحة تفتح المنابر الإعلامية لبعضهم لبث السموم والأكاذيب، ويسخرون الاعلام لبث الأكاذيب، والتحريض ليل نهار ضد مصر، هي مناورة تكتيكية ناجمة عن ضغوط خليجية.
&
واشنطن لن تغير من سياساتها تجاه القاهرة بين يوم وليلة، ودعك من تصريجات كيري الاخيرة في القاهرة حول تقدير الدور المصري، فالتوتر في العلاقات المصرية الاميركية لا يزال قائما،بعد ثورة 30 يونيو ونجاح مصر في وقف المشروع الأميركي الداعم للإخوان و كما هو معروف كان هذا جزءا من استراتيجيتها فى المنطقة لاحتواء الجماعات المتطرفة، وإبعادها عن استهداف المصالح الغربية، وإعادة تصدير الارهاب إلى بلاده الأصلية، وخلق صراع سني شيعي، ووجدت في الإخوان شريكا لحل مشكلة قطاع غزة، وتوطين جزء من الشعب الفلسطينى فى سيناء، وبعد فشل مشروعها جمدت واشنطن المساعدات العسكرية لمصر، وسخرت إعلامها لنقد الأوضاع الداخلية، ودفعت مراكز أبحاثها ومنظماتها غير الحكومية إلى نشر الأكاذيب، كما حدث في تقرير منظمة هيومان رايتس وتش الذى حمل كثيرا من المغالطات حول فض اعتصامى رابعة والنهضة.
&
الإدارة الأمريكية تدرك أن مصر تحارب الإرهاب في الداخل، وعلى حدودها الشرقية والغربية ومع ذلك لا تفرج عن صفقة طائرات الأباتشى إلى مصر التى كان قد تم تعليقها ضمن تجميد جزء من المساعدات العسكرية فى السابق.
&
ولكى تكون الصورة أوضح لابد من الإشارة إلى أن تغيير الموقف الأمريكى بالعودة إلى مصر مرتبط بالتحديات التى تواجهها واشنطن على صعيد استراتيجيتها فى الشرق الاوسط، ومواجهاتها الأخيرة لتنظيم داعش الإرهابي والسؤال هو: هل واشنطن بصدد مراجعة تلك الاستراتيجية التى اتبعتها منذ الحادى عشر من سبتمبر، والتي لم ينجم عنها أنظمة ديمقراطية في العراق أوليبيا او اليمن، بل تحولت هذه الدول الى ساحات لجماعات الإرهاب، في هذا السياق بدلت واشنطن تحالفاتها الاقليمية واعطت دورا أكبر لتركيا وقطر ثم انفتحت على إيران فزاد الإرهاب والعنف والاقتتال الداخلي بدعم من هذه الدول وبرز على الساحة تنظيم داعش الإرهابي.
&
أليس ذلك يدفع الإدارة الاميركية الى إعادة النظر في حساباتها خاصة مع تعالي الأصوات المنتقدة لدعم أوباما للإخوان والتنظيمات الإرهابية ومن بينها "ديك تشيني"، لماذا تغض واشنطن الطرف عما يحدث في مصر وليبيا، إن إعادة الدفء إلى العلاقات المصرية الأميركية، كما كان الحال في التسعينيات حين شاركت مصر الولايات المتحدة فى حرب الخليج الثانية، يظل مرهونا بمراجعة أمريكا لاستراتيجياتها ككل ولرؤيتها فى كيفية مواجهة الارهاب وإعادة الاعتبار للدور المصري.