أعلنت ادارة الرئيس أوباما أن اكثر من ثلاثين دولة قد وافقت لحد الان على قتال الدولة الاسلامية إبتداءً من السعودية كأغنى دولة عربية و انتهاءً بمصر الأقوى و الاكثر تسليحاً بين الدول العربية. و مع ذلك، قد تأتي المساعدة الاهم للتحالف الدولي من أصغر دولة شرق اوسطية و هي الاردن، ليس بسبب عدد جنودها في ساحة المعركة، و إنما بفضل شبكتها الواسعة من رجال المخابرات التي مكّنت الامريكان من إعتقال أشد أعدائها في المنطقة سابقاً، وتأمل واشنطن ان تقوم الاردن بنفس المهة في حربها ضد الدولة الاسلامية ثانيةً.&

لقد لعبت الاردن الدور الرئيسي في تصيّد و قتل ابو مصعب الزوقاوي، القائد السابق لتنظيم القاعدة في العراق حسب مصادر اردنية و امريكية سابقة.&

يُنظر الى المخابرات الاردنية، كواحدة من أكفأ الاجهزة الاستخبارية و الأقرب الى أمريكا بإستثناء الموساد الاسرائيلي.و العديد من كوادرها الرئيسين قد تم تدريبهم من قبل وكالة الاستخبارات الامريكية (CIA). و هذا الامر مكّن الاردن من إكتساب خبرة استخبارية جيدة، حققت لها انتصارات مثل تصيّد الزرقاوي و إنهاء التمرد السُنّي في العراق سنة 2006. و لكن في الوقت ذاته، كان لمخابراتها بعض الاخفاقات، و من اهمها، عندما أوصت ال (CIA)، بالعمل مع الطبيب الاردني، همام خليل البالاوي، و الذي إكتشف فيما بعد، بأنه عميل مزدوج، و يعمل لصالح القاعدة ايضاً.&

في 30 من ديسمبر،2009، فجّر بالاوي نفسه في قاعدة خوست الامريكية في افغانستان، وقتل 9 أشخاص، بضمنهم 7 من الامريكان من كبار مقاولي و ضباط ال (CIA)، مع ضابط مخابرات اردني. و شكّل هذا الهجوم الاكثر دمويةً على (CIA) منذ الهجوم الذي وقع على السفارة الامريكية في بيروت في عام 1983. كما تُتّهم الاردن، بتعذيبها للارهابيين و إستخدام اساليب تحقيق قاسية و صارمة جداً معهم، و التي تنصّل منها حتى الامريكان.&

و على الرغم من الفشل الذي منيت به المخابرات الاردنية في هجوم خوست، لا يزال التحالف المخابراتي الاردني الامريكي قوياً و منتجاً. ولقد تمكنت الاردن بفضل مخابراتها القوية من اختراق الدولة الاسلامية في الماضي، كما صرّح بذلك مروان معشر، الذي خدم في وزارة الخارجية الاردنية من 2002-2004 و من ثم كنائب لرئيس الوزراء حتى عام 2005.&

لقد أثنى أحد موظفي (CIA) السابقين على المخابرات الاردنية و كيف ان المديرية العامة لمخابراتها، أبقت على صلات قوية لها مع (CIA) منذ الهجمات الارهابية على امريكا في 9/11. من وجهة النظر المخابراتية، يمتلك الاردن مزايا مخابراتية جغرافية بحكم موقعها الوسطي المركزي و قربها من كل من العراق و سوريا، و الجزء الاكبر من الدور المناط بها، كجزء من التحالف الدولي ضد الدولة الاسلامية، هو جمع المعلومات الاستخبارية من خلال تحريكها لشبكة من الجواسيس و العملاء في العراق و سوريا، و التي ستساعد في تتبع افراد الدولة الاسلامية و التعرف على قياداتها التراتبية و هيكلها التنظيمي، لان أمريكا تريد ان تعرف كيف تعمل الدولة الاسلامية و خاصةً بعد ان تمكنت من السيطرة على و ادارة مدن عراقية كبيرة في الصيف الماضي.&

المخابرات الاردنية تشتهر بإمتلاكها شبكات عاملة في العراق منذ عام 2003، و لحد الان، مثلما صرّح بذلك السيد روبرت بليجر، مدير برنامج الشرق الاوسط و شمال افريقيا في "مجموعة الازمات الدولية"، و الذي أضاف بأن الاردنيين، لهم صلات قوية مع هؤلاء العملاء و قد اتصلت بهم مسبقاً للتهيؤ للعمل ثانيةً.&

و لكن ما تحتاجه أميركا ليس فقط المهارات الاستخبارية الذكية للاردنيين، و انما الاستفادة من الصلات و العلاقات القوية للاُردنيين مع العشائر السنية العراقية المتحالفة مع الدولة الاسلامية ايضاً. و خلال الحرب في العراق، تمكنت امريكا من تجنيد هذه القبائل للقتال مع الامريكان ضد القاعدة في العراق، و هذا الأمر، شكّل الركيزة الاساسية في الاستراتيجية الامريكية التي تمكنت بواسطتها من هزيمة القاعدة في العراق، على الاقل بشكل مؤقت. و بإمكان هذه الصلات للاُردنيين، ان تلعب دوراً مهماً جداً، في ابعاد هذه العشائر من الدولة الاسلامية. في تموز، إلتقى السيد كيري وزير الخارجية الامريكي مع بعض قادة هذه العشائر في عمان و طلب منهم، بل، و شجعهم على ان تنقلب على الدولة الاسلامية.&

كما أن، بإمكان الاردنيين ان يوفروا دعماً لوجستياً للحملات الجوية الامريكية ضد الدولة الاسلامية. و على الرغم من عدم اعتراف الاردنيين بذلك، لكن السيد بليجر، أكّد، ان الاردن سمحت يإستخدام قواعدها الجوية طيلة العقد الماضي من قبل الامريكان. و ذكر السيد معشر، بأن الاردن، من الممكن، ان توفر نفس الدعم اللوجستي و لكن دون ان تتدخل في العمليات عسكرية المباشرة ضد التنظيم.&

أل(CIA)، قامت فعلاً بتدريب مقاتلي المعارضة السورية في الاردن. و على الرغم من تخوف (CIA)، من تسليح المعارضة، مخافة ان تقع هذه الاسلحة في يد الدولة الاسلامية و خاصةً و ان العديد من افراد المعارضة السورية، باتوا يلتحقون بها في الآونة الاخيرة، إلاَ ان (CIA)، إستمرّت في التدقيق في مجاميع المعارضة السورية و بإشراف مباشر من مدير وكالة (CIA) و ان الوكالة الان لديها قناعة كبيرة بالذين تتعامل معهم. إدارة اوباما الان تريد ان تسرِّع مهمة تدريب و تسليح المعارضة السورية و السعودية قد سوف تتولّى استضافة و تهيئة مستلزمات نجاح البرنامج هذا.&

ان التعاون الاردني مع التحالف الدولي، ليس مدفوعاً بسبب تحالفها القديم مع الولايات المتحدة الامريكية فقط، و لكن بسبب ان الدولة الاسلامية تشكل تهديداً كبيراً و جدياً عليها ايضاً. المجموعات السنية المتطرفة، تستهدف التوسع الى ما وراء الحدود العراقية السورية ايضاً. و الخبراء يؤكّدون، بأن بإمكان مقاتلي الدولة الاسلامية الانخراط بين مجاميع الملايين من النازحين و اللاجئين الذين يعبرون الحدود مع سوريا.&

حسب احصائيات الاردن، فإنّ ما يقرب من 200-300 لاجئاً سورياً يعبرون الحدود مع الاردن يومياً و قد ناهز عدده الان حوالي 1.3مليون لاجئ. و هناك قلق حقيقي بان اعداد من داعش، تعمل حالياً مع هولاء اللاجئين و قد اخترقت صفوفهم بسهولة، كما ذكر بليز ميزتل، مدير برنامج مركز السياسات في واشنطن. و خوفاً من ينهار النظام الملكي الاردني تحت وطأة هذه الظروف، قامت دول الخليج بضخ المليارات من الدولارات مباشرةً الى الاردن.&

القادة الاردنيون و على أعلى المستويات، مرعوبون من التهديد التي تشكله الدولة الاسلامية. لقد صرّح ملك الاردن عبدالله الثاني، بعد سيطرة الدولة الاسلامية على مدينة الموصل، بأن الازمة في سوريا قد أظهرت بأن الارهابيين العالميين لا يعترفون بالحدود الدولية، إضافةً الى الخطرالذي يشكلونه بعد عودتهم من سوريا الى دولهم. يؤكد الخبراء ان اكثر من 700 اردني يقاتلون مع الدولة الاسلامية و الالاف منهم قد غادروا الاردن للقتال مع جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة. و منذ اشهر عدة، وواشنطن، تتلقّى من عمان، إشارات قوية حول التهديد المتنامي للدولة الاسلامية عليها و على السعوديين ايضاً، و أنهم باتوا على يقين بأن هذه الدولة، لا تنحصر طموحاتها بين حدود العراق و سوريا فقط بل سوف تمتد الى الدول المجاورة لها ايضاَ.&

ذكر السيد بليجر من مجموعة الازمات الدولية كيف ان الاردنيين، و خلال احدى زياراته لهم، أظهروا له خارطة الدولة الاسلامية التي يتوقعونها في حال استمرت الحرب الاهلية الحالية في سوريا و الحرب الطائفية في العراق: حيث تم بلقنة هاتين الدولتين الى مجموعة دول وكانتونات أمر واقع، مع دولة الخلافة الاسلامية في الوسط التي طالما إرتعب منها الاردنييون على حد قول السيد بليجر. و الان، أمريكا بصدد تشكيل تحالف دولي من عشرات الدول لمحاربة الدولة الاسلامية، و الاردن حسّ أخيراً بوقوف العالم معه، و لكن الملك عبدالله الثاني، عليه ان يقف على خيط رفيع يمكنه من الوقوف الى جانب حلفائه من جهة و إنقاذ اقتصاده المتهاوي تحت وطأة العدد المتزايد من اللاجئين من جهة أخرى.

&