يتذكر العراقيون واحدا من أبشع شعارات الاستلاب الفكري والثقافي وفرض هويات وعناوين ممسوخة على كل العراقيين، بل وحصر الإخلاص والوطنية بثقافة وإيديولوجية حزب البعث، حيث يقول الشعار ما معناه إن كل المخلصين في واجباتهم بعثيون وان لم ينتموا، وبذلك يكون الآخرون خارج مفاهيم الوطنية والإخلاص أولا وثانيا اعداءً محتملون لعقيدة البعث أي أنهم ( كفار ) كما يفعل الداعشيون اليوم في تكفير كل من لا يتوافق وعقيدتهم، ومن خلال مقارنات أو مقاربات أولية لنهج البعث سواء الشباطي ( 8 شباط ) أو الصدامي ( 17 تموز ) يدرك المرء إن منطلقات داعش اليوم وأساسياتها في السلوك والعقيدة والمنهج والهدف يتطابق تماما مع مبادئ تلك المدرسة التي رفعت شعارا يؤكد تبعية داعش وأبويته لها، إلا وهو إن ( البعث مدرسة للأجيال ).
&
فقد أثبتت الأحداث الأخيرة بعد نجاح غزوة السلب والنهب والسبي وتجارة الرقيق ومقاطع اليوتيوب المليئة بمشاهد الذبح والقتل الجماعي، والتي قامت بها تنظيمات داعش في المناطق الكوردستانية، التي تعرضت للتعريب طيلة أكثر من نصف قرن على أيدي أسلاف داعشيي اليوم من بعثيين صداميين وقوميين شوفينيين واسلاميين منحرفين، والتي أدت إلى احتلال واستباحة مجموعة قرى وبلدات في منطقة شنكال وسهل نينوى، أثبتت إن جميع من استقدمهم البعث لكي يستوطنوا في قرى ومدن الكورد شاركوا بفعالية لا مثيل لها في تنفيذ برنامج النهب والسلب والقتل للسكان الذين قبلوهم وعفوا عنهم بعد سقوط نظام الفاشية العراقية ومنظر شوفينيتها صدام حسين، حيث نفذت بقايا تنظيمات حزب البعث وخاصة وسائله الرخيصة وأدواته الغبية من تلك العشائر في تنفيذ سياسة التطهير العرقي وتعريب مدن شنكال وزمار والشيخان وسهل نينوى ومخمور وكركوك وخانقين، اكبر عملية نهب وسلب وسبي النساء والأطفال لم تشهده مدن الشرق إلا إبان هجمة هولاكو وبعدها الحرس القومي ومنفذي الأنفال في ثمانينيات القرن الماضي.
&
حقا إن الأب الروحي والمدرسة التي تخرجت منها داعش اليوم هي حزب البعث وكوادره في الأمن الخاص والمخابرات العامة والحرس الجمهوري وفدائيو صدام، التي تحولت فيما بعد إلى واجهات أخرى تحت مسميات عديدة جمعتها واختزلتها داعش في أقبح صورها وممارساتها، فقد أثبتت الأيام الماضية إن أكثر من ثمانين بالمائة من قيادات داعش هم قيادات بعثية سواء في الحزب أو المخابرات أو الأمن أو الحرس الجمهوري من خريجي تلك الحملة التي أطلق عليها صدام حين بالحملة الإيمانية التي هيأت البنى التحتية لتنظيمات داعش اليوم الذي جمع حوله كل المستفيدين من عمليات التعريب والتغيير الديموغرافي في كوردستان، وتحديدا في شنكال وزمار وسهل نينوى ومخمور وكركوك والسعدية وجلولاء، ومرور سريع على ما فعله اولئك الذين استقدمهم البعث للاستحواذ على قرى وأراضي الكورد في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي من الساكنين في قرى زمار وشنكال ومخمور وكركوك ووانة وديالى بعد دخول داعش إلى تلك المناطق، يدرك أين تكمن قوتها وما هي وسائلها وثقافتها وأهدافها، فهو كما عرفناه ميكافيلي المبدأ والعقيدة وفاشي السلوك والتصرف وشوفيني حتى العظم عرقا ومذهبا وعشيرا، وهي بالذات مواصفات كل من نهب وسلب وقتل وسبى النساء من الداعشيين، وان كان لم ينتم لهم تنظيميا، فقد أبدع وأسرف في الانتقام أكثر من المغاربة والشيشان والأفغان!؟
&