&
لطالما تعجبت كيف أنَّ لبلد يحكم الدنيا كالولايات المتحدة والتي تبلغ مساحتها 675,826,9 كلم2 ويبلغ عدد سكانها قريب 314 مليون نسمة، أن يكون التنافس على زعاماتها ما بين حزبين يحوز كلاهما على غالبية الشعب الأمريكي في معركة هائلة ومشوقة تجعلك مُتَسَمِراً على التلفاز حتى ساعات الصباح الأولى وفي يدك علبة الفوشار وكأنك تشاهد فيلم أمريكي لطالما انتظرت عرضه في الصالات!!! وكيف أيضاً للمملكة المتحدة أو المسماة بريطانيا العظمى التي لا تحتفل بيوم استقلالها لأنها لم تَذُق طعم الاستعمار قط، أنْ يتنافس على زعامة حكومتها ثلاثة أحزاب غالباً، لدرجة قد تُنسيك الباقين!!!
&
وعلى الرغم من أني لا أريد للأمر أن يبدو وكأننا نقرأ من كتاب جغرافيا إلا أنني قارَبْت بيت القصيد، فمن العجيب ومن المحزن معرفة أن قارة أستراليا وتحت كلمة "قارة" أكثر من خط، عدد الأحزاب فيها قد لا يتجاوز أصابع اليدين، بينما في "شبه القارة اللبنانية!!!" البالغة مساحتها 10452 كلم2 فقط لا غير يوجد ما يقارب الـ 75 حزباً!!!
&
قد يقول قائل إنه رقم مبالغ فيه (مع أنَّ الإحصائيات تشير إلى أكثر من ذلك) ولكني سأسلِّم جدلاً في هذه النقطة وأخَفِّض الرقم إلى ثلث المُعطى أعلاه، وبالتالي سيصبح العدد 25 وهو شيئ مُخيف ومَهول أيضاً وأمر لا يُصدَق بالنسبة لبلد يُعتبر كمنطقة صغيرة في أستراليا يبلغ عدد سكانها قريب الـ 4 ملايين نسمة!!!
&
وما يزيد الطين بلة أن المشكلة لا تكمن في التعداد فقط وإنما في التوجه الحزبي كذلك، فأغلب هذه الأحزاب لا تملك رؤية ظاهرة ولا برامج انتخابية واضحة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وبيئية على غرار ما يجري في البلدان الأخرى. بل أغلبهم، حالهم كالضواري الكاسرة المُتَجمهِرة على غزال صغير يُطعِم ولا يَسُد الجوع العتيق لدى الكل.
&
إنه لواقع عجيب وشائك، يدعك واقفاً حائراً متسائلاً، أي طبخة مُتَفَقٌ على مقاديرها، ستُشْتهى وسيَأْكلها اللبنانيون هنيئاً مريئاً، من دون أن يخطر في بالنا أننا القائلون: "كترت الطباخين بتِنزع الطَبْخة"... وبدَوْري أُضيف: "وكِتْرِت الأحزاب بتعمل نَفْخَة".
&

&