" لا تسأل الطغاة لماذا طغوا بل اسأل العباد لماذا ركعوا". حكمة رومانية
&
منذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق في العراق أبتلي هذا البلد بفساد عظيم إمتد الى كردستان عبر الحزبين الحاكمين(حزبا بارزاني وطالباني) ووصلت من قمة الهرم الى قاعدته.. فتنكر الثائرون من الحزبين لكل مبادئهم الوطنية والإنسانية، وحادت قياداتهم عن نضالهم في سبيل نيل شعبهم للحرية التي حالما تذوقوها حتى باتوا يستهينون بها من أجل حفنة من الدولارات المسروقة من أفواه الشعب.
&
تحولت كردستان بفضل فساد حكامها من الحزبين الرئيسيين الى مستنقع آسن ومنطقة موبوءة لم يشهد تاريخ كردستان مثيلا لها من قبل. فآثر الحزبان أن ينتهجا سياسات منحرفة تتعارض مع كل القيم الوطنية والقومية التي ناضلوا من أجلها، وإستغلوا فرصة حصولهم على كعكة السلطة ليعقدا إتفاقا إستراتيجيا هدفه الاساس هو إحتكار السلطة وتقاسمهما بينهما مناصفة، وأوديا بالتجربة الديمقراطية الفتية التي ظهرت بوادرها بكردستان منذ نجاح الإنتفاضة الشعبية عام 1991 والتي تعززت بسقوط النظام الفاشي في بغداد عام 2003، لكنهما وبغية تقاسم الموارد المرسلة الى كردستان كحصة لها بميزانية الدولة إتفقا على تكريس تلك الموارد من أجل تثبيت سلطتيهما الحزبيتين، وإنصرفت جهودهما الى بناء كيانين مستقلين الواحد عن الآخر لكنهما يلتقيان في قمة الفساد والإستحواذ على حصة مواطني كردستان من موارد الدولة.
&
وبتلك الموارد حاولا تثبيت أركان حكمهما من خلال إستخدام موارد الدولة لشراء الذمم وبناء جيوش وهمية من المرتزقة والإعلاميين ومجموعات دعم من المثقفين الساقطين الذين آثروا دولارات السلطة على دعم حاجات المواطنين وتبني قضاياهم المشروعة في تحقيق العدالة الإجتماعية والمساواة وتوفير العيش الكريم لأفراد المجتمع.
&
تكشفت في الآونة الأخيرة فضيحة كبرى من فضائح نظام الحزبين الحاكمين في كردستان حين نشر أحد البرلمانيين من حركة التغيير الكردية التي قادت المعارضة في السنوات السابقة، قائمة تضم أسماء 404 من نساء في كردستان يقبضن رواتب تقاعدية من حكومة الحزبين دون وجه حق. ومن بين الأسماء تجد بعض مذيعات التلفزيون اللاتي أصبحن يحملن رتبا عسكرية مثل الرائد والمقدم والعميد. وتلتها قائمة أخرى بأسماء أعضاء موالين لحزبي السلطة وكوادر حزبية من الطرفين أحيلوا أيضا على التقاعد بدرجة وزير ومستشارين وهم لم يخدموا يوما واحدا بأي وظيفة حكومية، ناهيك عن مايقرب من 80 ألفا من الكوادر الحزبية الصغرى الأخرى الذين أحيلوا على التقاعد دون شغلهم لأية وظيفة حكومية.
&
&وفي تطور آخر كشفت مصادر" أن عدد موظفي حكومة الإقليم يبلغ أكثر من مليون ونصف المليون يقبضون رواتبهم من الحكومة بينهم ما يقرب من 800 ألف لا يداومون في أية دائرة حكومية ويعرفون محليا بإسم موظفي" بنديوار" أي موظفي خلف الجدار الذين يستلمون رواتب من الحكومة وهم في بيوتهم.
&
وفي مقال كتبته باللغة الكردية ونشر في إحدى المواقع المحلية تطرقت الى هذا الجانب وتوصلت الى حقيقة مرة مفادها"أن إحالة أكثر من مائتي ألف من الكوادر الحزبية على التقاعد وكذلك صرف الرواتب لثمانمائة ألف من أنصار الحزبين إنما الهدف منه هو شراء اصواتهم الإنتخابية فحسب، وبذلك إستنتجت أخيرا أسباب فوز الحزبين الحاكمين بكل الإنتخابات البرلمانية والمحلية التي تجري بكردستان، فوجود مليون شخص يقبضون رواتبهم من الحزبين إذا أضفنا إليهم فردين فقط من عائلاتهم، زوجات أو أبناء، فإن العدد يفوق ثلاثة ملايين صوت إنتخابي يشتريه الحزبان بأموال الشعب من حصة كردستان البالغة 17% من ميزانية الدولة العراقية.
&
لم تقتصر تصرفات الحزبين بأموال الدولة وممتلكات الشعب على مجرد شراء الأصوات الإنتخابية بتلك الأموال، بل هناك معلومات تفيد بأن الحزبين إستغلا توزيع المناصب وفتح الشركات وتوزيع قطع الأراضي لنفس الغرض لشراء ذمم بعض الشخصيات والوجهاء، حتى أن هناك حديثا يدور في الأوساط الثقافية بقيام الحزبين بمنح إمتيازات هائلة وتخصيص قطع أراضي ثمينة بحدود محافظات كردستان لبعض الأقلام المأجورة العاملة في الصحف العربية والقنوات الفضائية العربية التي فتحت لها مكاتب بكردستان بهدف تجميل صورة الحكم الدكتاتوري للعوائل الحاكمة بكردستان في الخارج، بالإضافة الى إستضافة العديد من محرري الصحف العربية التي تصدر في لندن على حساب حكومة الاقليم وتوفير الإقامة المرفهة لهم بفنادق أربيل الفخمة والتي يقضون فيها شهورا على حساب حكومة الإقليم لمجرد إجراء مقابلات صحفية وكتابة تقارير مؤيدة للسلطة الحاكمة بكردستان.
&
بالإضافة الى هذا الأسلوب في الترغيب وشراء الذمم يمارس الحزبان أيضا أسلوب الترعيب والترهيب ضد المواطنين، فعلى رغم مئات الأزمات المزمنة التي تعاني منها كردستان لا أحد يجرؤ على تنظيم مظاهرة إحتجاجية، وسبق أن سقط العديد من الشهداء والجرحى في تظاهرات سلمية سابقة لم تتردد أجهزة قمع السلطة الأمنية في إطلاق النار عليهم.
بهذه الأساليب القمعية يسعى الحزبان الحاكمان إدامة سلطتهما بكردستان.
&
السؤال هو" هل يستطيع هذان الحزبان أن يواصلا حكمهما لكردستان بمثل هذه الأساليب القمعية خاصة بعد إفتضاح أمرهم والخزي الذي لحق بهم جراء هجمات داعش الأخيرة التي كشفت عورة الحزبين الأمنية والإستخبارية والعسكرية،وظهر للعالم بأن قول أعوان السلطة ومرتزقتهم بأن كردستان تحولت الى واحة للأمن والأمان، ما كانت إلا خديعة كبرى صورها إعلام مرتزق وأصحاب أقلام مأجورة مدفوعة الثمن".
&
منذ ثمانية أشهر يعاني موظفو كردستان من عدم إنتظام صرف رواتبهم الشهرية التي باتت الحكومة عاجزة عن تدبيرها في ظل إستمرار حصار الحكومة الإتحادية، ورغم كل تلك المليارات من الدولارات التي إنهالت على حكومة كردستان منذ سقوط النظام السابق والتي بلغت حسب بعض المصادر ما يقرب من 70 مليار دولار خلال السنوات العشر الأخيرة،لكن حكومة الإقليم الرشيدة لم تدخر دولارا واحدا لمثل هذا اليوم الأسود، ولذلك عندما قررت حكومة المالكي وقف صرف ميزانية الإقليم بدأت حكومتنا الرشيدة بالتسول من مواطنيها.
&
قبل يومين تسلمت قائمة أجور الكهرباء بنصف مليون دينار عراقي، مع أن لي ولدين موظفين بالحكومة لا يتسلمان سوية أكثر من 600 ألف دينار، وسمعت صديقا يتحدث عن مبلغ نصف مليون دينار ترتب عليه بسبب مخالفات المرور وأبلغ بأنه إذا لم يسدده خلال عشرة أيام فإن المبلغ سيتحول الى الضعف أي مليون دينار.بهذه الأساليب الملتوية تسعى حكومة الإقليم الى تدبير رواتب موظفيها غير المدفوعة منذ ثلاثة أشهر.
&
هذا هو حال حكومة الإقليم، ودك على الخشب.
&
&