&بعد دمشق و بغداد و بيروت، يبدو أن صنعاء أيضا قد إنضمت الى أخواتها من العواصم العربيات في المنطقة لتصبح ورقة جديدة بيد النظام الديني في طهران يستخدمها في مساوماته و مناوراته التي لايبدو أنها تنتهي إلا بعد أن تصبح دولة ولاية الفقيه أمرا واقعا و تصبح دول المنطقة مجرد توابع و نجوم تدور في مداراتها.

سقوط صنعاء بيد الحوثيين، کانت مفاجأة أخرى من المفاجئات التي خرجت من تحت عباءات رجال الدين الحاکمين في طهران، بعد أن أحکموا قبضتهم على سوريا و نجحوا في ترتيب أخبث عملية خلط أوراق من نوعها بإقحام تنظيمات إسلامية متطرفة ضمن الثورة السورية، وبعد أن أوصلوا الامور في العراق الى دخول داعش و إستيلائه على مساحات شاسعة من الاراضي العراقية، وفي ضوء ذلك شروعهم بالمساومة على المساهمة الدولية للقضاء على داعش في مقابل إمتيازات خاصة ينتظرونها بفارغ الصبر، لکن إقتحام الحوثيين عنوة لصنعاء على الرغم من الاجواء السلمية، کانت بمثابة تطور جديد ذو مغزى لمن يعنيه الامر، خصوصا وان إطلالة النظام الايراني من صنعاء تعني انهم قد أصبحوا جيرانا لدول الخليج من أکثر من مکان!

وصول النفوذ الايراني الى صنعاء و فرض نفسه کطرف في صناعة القرار السياسي اليمني و إشتراکه في إدارة أمور البلاد و الاکثر من ذلك إمتلاکه لقوة عسکرية مدربة و جاهزة و ذات خبرة، لايجب على دول المنطقة وخصوصا السعودية أن تنظر الى هذا التغيير الاستثنائي نظرة سطحية ذلك أن الاحساء و القطيف قد صارا على مرمى حجر من النفوذ الايراني الذي يحلم منذ أمد بعيد بوصوله الى مناطق متاخمة للسعودية ليبدأ باللعب على طريقته من هناك، وبطبيعة الحال فإن موقف الدفاع السلبي ازاء تفاقم النفوذ الايراني في لبنان و تعاظم دور حزب الله اللبناني، وکذلك الاداء العربي المحبط و الملئ بالاخفاق حيال الملف السوري، و الفشل العربي في إيجاد دور مؤثر له على الساحة العراقية، کل ذلك کان بمثابة تراکمات کمية مهدت لتغيير نوعي بالوصول الى قلب الجزيرة و الخليج و من هناك سيبدأ قطعا فصل جديد لخطى"وليس خطوة"جديدة تتيح للنفوذ الايراني بالتوسع أکثر فأکثر.

إجادة و إتقان النظام الايراني في إستخدام ظاهرة التطرف الديني و توجيهها بالطريقة و الاسلوب الذي يتفق و يتماشى و يتناسب مع أهدافه و مطامحه في المنطقة، قد کان مثل الداينمو الذي منح قوة&الحرکة له لبسط نفوذه في لبنان و سوريا و العراق و اليمن، ومثلما هو يقوم بتغذية التطرف الموالي له، فإنه يقوم بالعکس أيضا، وهذا هو سر من أسرار قوة مناورة و التنوع في تحرك هذا النظام، وان عامل التطرف الديني الذي طالما قام هذا النظام بإستغلاله على أحسن مايرام، ليس من قبيل الصدف أن تصفه السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية بأن التطرف الديني أخطر مائة مرة من القنبلة النووية للنظام الايراني، ذلك ان هذا النظام ومن خلال هذا العامل نجح في إختراق أربع دول وهناك دول خليجية أخرى تنتظر دورها، والمثير للسخرية أن هذه الدول الخليجية لازالت تعتقد بأن واشنطن ستحميها في حين أنها"أي واشنطن"تتخبط في عهد الرئيس الاضعف في تأريخها باراك اوباما يسرة و يمنة و يتراجع دورها أکثر من أي وقت مضى، وان بقاء هذه الدول في موقف الدفاع السلبي، فسوف تصحو ذات يوم على تطورات تسحب منها زمام المبادرة و تجعلها تفقد حتى قدرة الدفاع السلبي کما هو الحال في الحکومة اليمنية التي إبتلعت طعم صنارة ولاية الفقيه عن طيب خاطر!