موقف بريطاني حاسم أكثر وضوحا من الموقف الأميركي:

بينما يتأرجح الموقف الأمريكي المهين ازاء الوضع في سوريا وكيفية التعامل مع داعش وبينما يعيش الرئيس الأمريكي حالة من التخبط والتردد، داعش تسرح وتمرح وتعزز سيطرتها على منطقة واسعة من الحدود مع تركيا، بما في ذلك السيطرة على اكثر من 60 قرية في منطقة كوباني الكردية ونزوح أكثر من 70 ألف كردي سوري إلى تركيا خلال 24 ساعة حسب تقارير الأمم المتحدة. ومن جهة اخرى يواصل النظام السوري قصف المدنيين وقتل الأطفال والتجويع واستخدام الكلورين والبراميل المتفجرة ضد الابرياء في ادلب وحماة وسراقب وغيرها.

لحظة نسمع أن اوباما يقرر التحدث مع طهران لهزيمة داعش وبعد ساعات يخرج جون كيري لينفي اي نوايا للتعاون مع طهران او دمشق. يتحدث اوباما عن استئصال داعش ثم يغير رأيه ويتحدث عن احتوائها. هذا بعكس الموقف البريطاني الواضح والصريح.

هذه الحالة المربكة في واشنطن تختلف تماما عن الحالة في لندن التي حسمت موقفها.

لقاء مع مسؤولين في الخارجية البريطانية:

قبل عدة ايام ذهبت مع بعض البريطانيين العرب من الذين يتابعون ما يجري في العراق وسوريا لتبادل الاراء مع مسؤولين عن رسم السياسة البريطانية الخارجية للشرق الأوسط والذين يقدمون مقترحاتهم للحكومة بما يتعلق بالمنطقة. للتوضيح تعقد وزارة الخارجية البريطانية لقاءات دورية 4 او 5 مرات في العام مع عدد من العرب المقيمين في بريطانيا من ذوي الاهتمام في التطورات على الساحة العربية لجس النبض العربي وسماع الاراء والمقترحات في اطار ما يسمى التشاور مع من لديهم معرفة واهتمام بملفات المنطقة.

وفي اللقاء الأخير قبل عدة ايام مع مسؤولين متخصصين في ملفات المنطقة تم مناقشة الاستراتيجية لمكافحة داعش في العراق وسوريا. اتضح لنا ان بريطانيا حسمت امرها ازاء التعامل مع داعش ونظام بشار الأسد.

الموقف البريطاني باختصار يتلخص بما يلي:

تعتبر بريطانيا سلوك النظام السوري على الأرض مسؤولا عن تشجيع التطرف والارهاب وساهم في خلق داعش. وأكدوا انه لن يكون لبشار الأسد دورا في الحرب ضد داعش. بريطانيا تدرك تماما علاقة النظام السوري العضوية بالارهاب. ساعد النظام السوري القاعدة في دخول العراق للمشاركة في قتل العراقيين والأميركيين والبريطانيين في الفترة 2004 – 2010.

يدرك البريطانيون ان النظام متواطيء مع داعش ولديهم الأدلة وعلى سبيل المثال تسليم حقول النفط لداعش ثم موافقة النظام على شراء النفط من داعش. وفضحت الصحف البريطانية تفاصيل هذه الصفقات المشبوهة.

ولاسباب عديدة معروفة تم استثناء دمشق من المشاركة بأي حرب قد يشنها التحالف الذي يتم تشكيله حاليا ضد داعش.

وبما يتعلق بمصير النظام قال المسؤولون انه يتم بلورة استراتيجة لتخليص الشعب السوري من نظام بشار الأسد واستبداله بنظام معتدل يمثل كافة الشعب. الجملة الهامة كانت "لا مستقبل للأسد في سوريا".

وطرح الحضور العديد من التساؤلات المتعلقة بتواطؤ النظام مع داعش حيث سأل أحدهم وهو اعلامي سوري ذو خلفية أكاديمية: لماذا ايران وسوريا تعارضان اي تحرك عسكري ضد داعش؟

وسأل آخر: هل يمكن الاستعانة بحارق المباني ان يساهم في اطفاء الحرائق؟

وأكد المسؤول البريطاني أن الحكومة البريطانية ترفض سياسة ما يسمى باحتواء داعش بل تؤكد الحاجة للقضاء عليها. لأن سياسة احتواء القاعدة لم تنجح تماما لذا ايقن الغرب ان سياسة الاحتواء لم تعد خيارا.

كما أكد طاقم وزارة الخارجية انه لا دور لطهران أيضا في الحملة ضد داعش حيث ايقنت لندن وواشنطن ان دمشق اشتمت رائحة فرصة جدية للنجاة والبقاء اذا تم التوصل الى صفقة مع النظام في الحرب ضد داعش. قبل عام استخدم النظام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري وتم التوصل الى صفقة أنقذت نظام بشار الأسد من ضربة عسكرية كانت مؤكدة. والأن يأمل النظام في تمديد وجوده من خلال الحرب المرتقبة ضد داعش.

من الواضح ان الأجندة السورية هي استمرار النظام وليس محاربة داعش والأجندة الايرانية هي الدفاع عن النظام السوري وبقاءه وليست الحرب ضد داعش.

كما أن تسليح المعارضة المعتدلة قد بدأ فعلا وأن واشنطن ولندن تدرسان استراتيجية موازية لاستبدال النظام السوري.

ويجب القول ان جريمة ذبح البريطاني دافيد هينز بتاريخ!3 ايلول الحالي شدّدت تصميم بريطانيا على أخذ موقف صارم تجاه داعش.

الموقف البريطاني حاسم وواضح ويختلف عن الموقف الأميركي المتردد والمتقلب.

&

&

&

لندن