لم يعد هناك مجالا للشك في ان قوات "الخليفة" ابو بکر البغدادي باتت تستميت لاجل للوصول الى الحدود الترکية بغرض الالتئام مع العمق الاردوغاني. فبعد ان تمکن التدخل الامريکي والمقاومة الکوردية من ايقاف زحفها صوب الحدود مع ترکيا من خلال غزو کوردستان، ها هي هذه القوات اليوم، وتحت وطأة الضربات التي تلقتها في الجانب العراقي، تعاود الکرة من خلال محور کوباني في الکوردستان السوري وکانها تلهث وراء حبل النجاة من خلال استحداث بوابة للتواصل مع دولة السلطان اردوغان.

ولم يعد هناك مجال للشك بان نظام السلطان اردوغان وامام ما اقترفته وتقترفه قوات البغدادي في بلاد الشام والعراق من أهوال تندى لها جبين لالنسانية الحقة، لم تتخذ موقفا لا مباليا تجاهها فحسب، لا بل ان هناك ان الکثير من الاشارات والدلائل وحتى البراهين التي باتت تتوالى بشکل متزايد على ان الادارة الاردوغانية متورطة بشکل او باخر في اللعبة الداعشية القذرة، وانها بالمطلق ليست في خندق المعارضين لداعش. وان شاءت الاقدار لترکيا اردوغان ان تختار هذا الخندق فسيکون ذلك على مضض کما هي الحال بالنسبة لدولة قطراليوم.

ففي ترکيا ترابط اليوم شبکة اخطبوطية مهمتها دعم واسناد وتسهيل امور دولة داعش. فهي تقوم بمهمات جسام عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر استقبال و استيعاب المتطوعين القادمين من مختلف اصقاع العالم، لصفوف داعش وتامين وصولهم الى سوريا. ومن المهمات الاخرى تامين وصول الجرحى من الدواعش الى المشافي الترکية لغرض العلاج والنقاهة،لاسيما القياديين منهم. وکذلك ارسال المساعدات المادية والعينة التي يتم جمعها من خلال تنظيم حملات التبرعات لاجل "المجاهدين". السٶال هنا هل يمکن للحکومة الترکية ان تکون غافلة من کل هذا وان لا تکون على علاقة به؟ ام انها تغافلت عنه بحجة ما ادعته من وجود رهائن لها لدى داعش؟

والان و بعد اطلاق داعش لسراح الرهائن الاتراك وبالشکل الذي شابها کل الغموض، لم نسمع عنها سوى ادعاء ترکيا بانها حررتهم على طريقة الجيمسبۆند من دون اعطاء اية تفاصيل. الان و بعد ان تم "تحرير" الرهائن، صرح اردوغان امس بانه جاهز للتدخل البري وذلك باقامة منطقة حظر جوي ومنطقة عازلة يتجمع فيها اللاجئون. ان مثل هکذا تدخل هو ليس موجها ضد داعش بالمطلق، بل هو موجه ضد اکراد سوريا الذين يقاتلون بکل اقتدار في هذه اللحظات لرد عدوان الدواعش عن اراضيهم. واجواء الشمال السوري ليست بحاجة اليوم الى حظر جوي، لان اجوائها اليوم هي بحماية طيران التحالف ضد الدولي. إن هدف اردوغان من اقامة منطقة عازلة هو فقط لنزع سلاح المقاومة الکوردية لا داعش. انها لعبة مکشوفة من السيد اردوغان لا يمکن ان تنطلي على احد.

لقد کانت في الحقيقة فرصة ذهبية لا تفوت للسيد اردوغان في ان يتصدر المشهد السياسي وان يعلن منذ الوهلة الاولى موقفا شجاعا سليما من داعش، وان يقول للعالم بملء حنجرته بان داعش يشوه صورة الاسلام وانا من سيقود الحملة للقضاء عليه. لکن يبدو ان فانتازيا السلطان اردوغان هي ابعد من الحسابات المنطقية، وانه يراهن على قدراته السوبرمانية في توظيف کل ما هو انفعالي اسلامي وعربي لصالح مشروعه في اعادة احياء المجد العثماني وسلطة الامبراطورية العثمانية.&

الاشارات التي ارسلها الشيخ يوسف القرضاوي من قطر، والذي توج فيها رجب الطيب اردوغان سلطانا على المسلمين واعلانە اسطنبول عاصمة للخلافة الاسلامية، لم تکن، على ما يبدو، سوى الارهاصات الاولى لما حدث و يحدث الان، وان ما وراء الاکمة ما ورائها.

&

[email protected]