من رجالات الدين القيادية المهمة جدا في تاريخ حزب الدعوة الإسلامية، هو محمد مهدي الآصفي ذوي الأصول الفارسية المعروفة. انتمى إلي حزب الدعوة العام 1962 ثم بدأ يتدرج في سلّم القيادة. درس البحث الخارج في النجف على أستاذيه الخوئي والخميني، ولم يكن علي علاقة حسنة مع المرجعيات العربية مثل محمد باقر الصدر، وظل طيلة حياته يدعو للمرجعيات الفارسية لاسيما ولى الفقيه الإيرانى سواء الخمينى أو خامنئى، محذراً من المراجع العرب.
كان الآصفى من الأوائل المؤمنين بنهج الخميني ومبدأ ولاية الفقيه والمروجين له بحماس شديد، فهو يجعل الفقيه بولايته عن المهدي الغائب ممثلا للمهدي، ثم تبعاً لذلك ممثلا لله في الأرض.لذلك كان الآصفي من الرواد والفاعلين إلي تأسيس "المجلس الفقهي" لحزب الدعوة مع رفيق دربه كاظم الحائري ليكون للمجلس الولاية الشرعية& في كل عمل.
كما كان الآصفي من القلائل المؤيدين للخميني في النجف، حيث لم تكن للخمينى صلات قوية مع العرب ومراجعهم بل الكثير يعتبره غريبا فى فقهه وعرفانه وأفكاره. عاش الآصفي فترة السبعينيات في الكويت واتّهم هناك مع رفاقه بخلايا حزب الدعوة ونشاطاتها وملابسات التفجيرات ومحاولة اغتيال أمير الكويت وفي الخليج العربي مما أضرّ بالعراقيين المقيمين هناك. كان الآصفي من الأوئل الذي رفع راية الدعوة لتأييد الخميني في مختلف مراحله، وقاد مجموعة من حزب الدعوة إلي فرنسا لزيارة الخميني العام 1979 وإعلان تأييدهم الكامل للخميني أمام العالم
كما كان الآصفي من الأوائل الذين ذهبوا إلي إيران العام 1979 لكي يلاقي الخميني، ويعلن التأييد المطلق للخميني وثورته. العام 1980 بات الآصفي هو الناطق الرسمي للحزب (وهو أعلي منصب آنذاك) مواجها خط علي الكوراني الذي أعلن انشقاقه عن الآصفي في صراعات شخصية تنافسية مشهورة معروفة. وعندها باتت قيادات الحزب إيرانية فارسية بامتياز تتكون من عمائم إيرانية أمثال كاظم الحائري الشيرازي ومهدي الآصفي ومرتضي العسكري.
دخل الآصفي في المراحل الأولي لتأسيس المجلس الأعلي للثورة الإسلامية في العراق؛ وكان نائبا للرئيس محمود الهاشمي الشاهرودي (الذي بات رئيس القضاء الإيراني الأعلي لدورتين متلاحقتين) في بداية الثمانينيات ثم خرج من المجلس عندما تحول المجلس تبعا لباقر الحكيم وجماعته فخرجت أكثر التيارات الإسلامية الأخرى من المجلس كحزب الدعوة ومنظمة العمل الإسلامي وغيرها. ولازال المجلس حكيميا من باقر إلى أخيه عبد العزيز ثم ابنه المدلّل عمار الذى يشبهه الشعب العراقى بعدى صدام حسين لغروره وعنجهيته ونرجسيته
في العام 1999 أعلن الآصفي خروجه من حزب الدعوة نهائيا، لكنه بقي علي علاقة وطيدة بقياداته عملا بالتقية كما لاحظنا غيره كذلك، ثم انضمّ الآصفي إلي مؤسسات ولي الفقيه خامنئي الرسمية مثل مؤسسة "المجمع العالمي لأهل البيت"، وكذلك تمثيل ولي الفقيه في العديد من المؤسسات والمؤتمرات والجمعيات والوفود العالمية، كما كان مشرفا علي مدرسة دينية للنساء باسم مدرسة بنت الهدى، التي سلّمها لاحقا إلي المجمع العالمي لأهل البيت الإيراني كليا، رغم أن الأساس في المدرسة من العراقيات.
ألّف الآصفي كتابا باسم "علاقة الحركة الإسلامية بولي الأمر" مبينا ضرورة الانقياد لولي الفقيه الخامنئي، وطاعته طاعة مطلقة شرعية في كل شيء. وهو ينظّر إلي سيادة خامنئي على عقول الناس بشكل غير حضاري تماما.
من أشهر مواقفه أنه كان ضد المرجعيات العربية، كما ذكرنا دوره ضد محمد باقر الصدر كذلك ضد مرجعية محمد حسين فضل الله في لبنان، ويتهكّم بها علناً في المجالس، والمعروف أيضا أن الآصفى قاد حملة شعواء كبيرة ضد فضل الله لتسقيطه لكونها مرجعية إصلاحية عربية، كما تحاملت المرجعيات الفارسية المختلفة في قم خصوصا وإيران عموماً بالفتاوى الكثيرة ضد فضل الله حتي قالوا بأنه "ضال مضلّ" في فتاوى قم وغيرها. وهي حملة واسعة جدا ومقصودة ومدروسة لتسقيطه إلي أبعد الحدود فقد صدرت أكثر من مائة فتوى ضد فضل الله جاء في بعضها إجابة عن سؤال "هل يجوز شراء اللحم من شخص يقلد محمد حسين فضل الله"الجواب: "لايجوز شراء اللحم من الشخص المزبور"، وفي سؤال آخر: "هل يجوز الصلاة حول عالم توجد في مكتبته بعض كتب فضل الله"، كان الجواب: "لايجوز الصلاة وراء الإمام المذكور لأن كتب فضل الله هي كتب ضلال". إن الكثير من الخطباء وقراء المجالس الحسينية البذين شتموا فضل الله من علي منابرهم كانوا يصلون وراءه ويستلمون مساعداته ويقدسونه في مجالسهم الخاصة والعامة إلي فترة قريبة جداً.
من أهم كتب الآصفي أيضاً "ولاية الأمر" وكذلك كتاب "نظرية الإمام الخميني" وكلاهما تمجيديان لولاية الفقيه الإيرانية يشابهان كتابه السابق "علاقة الحركة الإسلامية بولاية الفقيه" في التنظير لولاية خامنئي على المسلمين جميعا وخصوصا العراق والخليج العربي.
يعتبر الآصفي من أهم رجالات إيران في العراق، فهو يمثل حاليا ولي الفقيه في العراق والرابط بينه وبين السيستاني وينزل عنده قاسم سليمانى لتنفيذ أوامر ولى الفقيه إلى الأحزاب الطائفية الحاكمة وهكذا تكون التحالف الشيعى الحاكم فى العراق
إن الآصفي هو الرجل المدافع عن المالكي أيام حكومته للتلاحم بين ولاية الفقيه وحزب الدعوة الحاكم؛ لذلك أصدر الفتاوى أيام الانتخابات في ضرورة انتخاب المالكي وحزب الدعوة، وكذلك حرّم خروج المظاهرات ضد المالكي في ساحة التحرير وغيرها كما حرّم إضعاف الحكومة والمالكي بأي وجه كان وأصدر بيانات في ذلك معتبرا أي إضعاف لها هو جريمة كبرى لن يغفرها الله؟! ثم جاء بشخصية أخرى من حزب الدعوة عندما نفدت ورقة المالكى رغم تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية مما يعطيه حصانه عن العقاب عن فترة حكمه فضلا أنه يكون بعيدا عن الأضواء ليقوم بالدور الإيرانى الخلفى وهكذا كانت زيارة المالكى الأخيرة لإيران وبيان دوره فى المرحلة القادمة .كما أصدر الآصفي فتاوى تمنع العفو العام .
وقد أصدر الآصفي البيانات والفتاوى للبحرين وإسقاط حكومتها، بينما لم ينبس ببنت شفة حول غيرها لاسيما معاناة الشعب السورى.هذا هو الإسلام السياسي الحاكم في العراق الذى انكشفت أوراقه& إن أهل مكة أدرى بشعابها والعراقي أعرف ببلده وعلي الآصفي كونه فارسيا ننصحه بالرجوع إلي إيران ومعالجة مشاكلها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية واستبداد ولي الفقيه هناك. وليس العراق فارسيا ولا يحتاج لوصاية الفرس وأطماعهم.

&