حرب عالمية ثالثة، تجري على أرض سوريا.. فبعد أن تضاربت المصالح بين أميركا والدب الروسي، هرولت الطائرات الحربية من الجانبين لتدك أرض دولة سوريا، فالتحالف بقيادة أميركا يقصف تنظيم داعش الإرهابي، أما الطائرات الروسية فتقصف الجميع، داعش وقوات المعارضة والجيش الحر والتنظيمات الإرهابية الأخرى، التي انقسمت نتيجة الاختلاف في وجهات النظر، والرغبة في تحقيق مكاسب أكثر بمفردها مثل جبهة النصرة وجماعات أخرى يقودها أشخاص طامعين في ثروات النفط وسبايا النساء والمتاجرة بالأطفال، حتى تحولت سوريا إلى مرتع للإرهاب، بعد أن ساهمت دول مثل تركيا في تسهيل عمليات التسلل للإرهابيين عبر حدودها والذين أتوا من كل حدب وصوب للانضمام إلى تنظيم داعش الذي يوفر لأعضائه كل ما تشتهيه الأنفس من المال والجنس.

الرئيس السوري بشار الأسد لم يجد أمامه سوى طلب النجدة من الدب الروسي، فلم يتردد بوتين في إغاثته، خاصة وأنه وجدها فرصة ثمينة، ليثبت للعالم أن الدب الروسي استيقظ من مرقده، وخرج من قمقه ليتحدى غطرسة أميركا التي جعلت من أرض العرب أفغانستان جديدة، في محاولة لتقسيم الوطن العربي إلى دويلات صغيرة متناحرة، ليصب كل هذا في صالح أمن إسرائيل..!

لا شك أن تدخل روسيا في هذه الحرب، أربك العالم، وليس أميركا فقط، لأن خيوط اللعبة لم تعد في يد بلاد العم سام بمفردها، بل تشابكت الخيوط، بعد فقدان السيطرة على مجريات الأمور من الجانب الأميركي، الذي يسعى، بمباركة دول عربية، لإسقاط الأسد وتقسيم سوريا، في حين تسعى روسيا لحمايته وتثبيت أقدامه في الحكم، بمساعدة الصين وإيران، حتى بدا الأمر وكأنها حرب عالمية ثالثة تلوح في أفق العالم العربي، والذي يجلس، كعادته، في مقاعد المتفرجين، في انتظار ما تسفر عنه الأيام!

ما يحدث الآن، يمثل فرصة لتوازن القوى في العالم، فالتدخل الروسي الصيني في سوريا، كان رسالة لأميركا مفادها أنها لم تعد وحدها التي تملك زمام الأمور في العالم، ولم تعد وحدها التي تقرر مصير دول وكراسي الحكم على مستوى البسيطة، بل هناك قوى مماثلة طفت على السطح بعد أن تخلت عن سياستها الناعمة في مواجهة الغطرسة الأميركية..!

ورغم أن الشعب السوري، هو من يدفع الثمن الآن، وهو من يتعرض للقتل والتهجير خارج وطنه، إلا أن ما يحدث أهون كثيراً من تحول سوريا إلى مرتع للإرهاب، وساحة لتناحر جماعات وطوائف على أرضها، وتصبح نموذجاً آخر لا يقل دموية ومأساة عن العراق، هذا البلد الذي تحول إلى مقبرة كبيرة تستقبل العشرات من ضحايا التفجيرات يومياً، ليعيش الشعب العراقي أسوأ فترات تاريخه، نتيجة إيمانه للديمقراطية الزائفة التي وعدته بها الإدارة الأميركية، والتي لم يجن من ورائها سوى الدم والخراب..!

بعض الخبراء يرون أن روسيا أخطأت بالتدخل في سوريا، في حين يرى البعض الآخر أنها تحاول فضح الإدارة الأميركية التي تتاجر بدماء الشعوب باسم الحرية، وأنها ذهبت لسوريا من أجل استعادة الاستقرار لهذا البلد المنكوب الذي فقد مئات الآلاف من مواطنيه الذين راحوا ضحية الإرهاب والتكالب على السلطة، كما أن روسيا تستهدف إفساد المخطط الأميركي بتقسيم سوريا وتحويلها إلى ملعب للحروب الأهلية والطائفية، بعد أن يتم تسريح الجيش السوري، وتفكيكه نهائياً،،!

بالأخير، استيقاظ الدب الروسي والتنين الصيني في هذا التوقيت، قد يدفع أميركا للتعامل بجدية مع داعش، حتى لا تعطي الفرصة للروس لضرب تنظيم داعش والقضاء عليه، وتحوز روسيا هذا الشرف، خاصة وأن أميركا منذ قيادتها للتحالف، وهي تخوض حرباً من الفضاء، وتخطئ الهدف، والدليل أن شهوراً مضت والتنظيم الداعشي يزداد قوة تحت غطاء أمريكي يوفر الحماية له، بل وأحياناً يمده بالسلاح ليزداد توحشاً وجبروتاً وطغياناً في بلاد الشام برمتها..

إضافة إلى أن تدخل روسيا سيحدث نوعاً من التوازن العالمي، ما يعيد للأذهان فترات الحرب الباردة التي استمرت لعشرات السنين بين الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفييتي، والكتلة الغربية بقيادة الولايات لمتحدة الأميركية، حتى لا تنفرد أميركا بقيادة العالم وتجعل منه ساحة للحروب والتناحر، لتملأ خزائنها بأموال تجارة السلاح والمقاتلين المرتزقة الذين تؤجرهم لمن يدفع خارج أراضيها..!

قد يكون الأسد أضر شعبه وقتله، وأخطأ في حق وطنه، بإصراره على الجلوس فوق رأس السلطة، لكنه في نفس الوقت أحبط مخطط تقسيم وطنه ووفر له الحماية من الفوضى الخلاقة التي تضرب دولاً مثل ليبيا واليمن والعراق، حتى وإن كان الشعب السوري هو من يدفع ثمن الفاتورة كاملاً.

&

** كلمة ونص:

- علينا أن نحمد الله ونشكره،، فبعد حوالي 65 سنة من المفاوضات والمقاومة لنصرة القضية الفلسطينية، الأمم المتحدة منحتنا "علم" فوق سطحها!،، علينا انتظار 100 سنة أخرى لنتفاوض على عودة الأرض!

- في مصر،، أطماع كرسي البرلمان دفعت "المسيحي" للترشح على قائمة حزب إسلامي،،، ودفعت "الإخواني" للترشح ضمن حزب شيوعي،،، ودفعت المواطن لعرض صوته "للبيع"!

- حياتنا كتاب مغلق، يمكننا أن نتوقع ما تحتويه سطوره، لكننا لا نتمكن من قراءته كاملاً، أو فهم كل فصوله!

&

[email protected]