&منذ أن اعلن بوتين لحرب العلنية على الشعب السوري، وبدأت تنتشر التحليلات لدى الناشطين التي تتناول هذه الحرب، التي اسمتها الكنيسة الروسية الارثوذكسية، بأنها حربا مقدسة. ما اريد التعرض له هنا هو انعكاس هذا الحرب على الجانب التركي. حدث تصعيد طفيف من قبل الطائرات البوتينية حيث اخترقت الأجواء التركية مرتين، مما حدا بالحلف الأطلسي، لأن يعطي حق الرد على أي اختراق للطائرات البوتينية للجانب التركي. صلت بعض التحليلات إلى ان الهدف من حرب بوتين المقدسة، هو تركيا. خاصة من نشطاء سوريين قريبين من جماعة الاخوان المسلمين التركية. من جهة أخرى هنالك بعض الناشطين من المعارضة أيضا تشعر من تعليقاتهم، أنهم يتمنون أن يكون الهجوم البوتيني على تركيا أيضا. لن ادخل في الحسابات الذاتية للتعليقات. ربما من باب صلبنة الموضوع أكثر حاول بوتين التحرش بتركيا، علها تحدث مواجهة طيران محدودة بين الطرفين، تتوقف بعدها بفضل الناتو. لكنها تفيد بوتين داخليا بأنه يخوض حربا مقدسة. مفرقعات بوتينية في ظل ازمة اقتصادية في روسية. لو كان بوتين يتجرأ على فعل ذلك باوكرانيا، تصبح حربه هناك غير مقدسة. القداسة دوما يقابلها وضاعة وازمات في الواقع. إذا كانت روسيا مختصرة الآن في بوتين، فتركيا ليست كذلك. قرار الحرب والسلم في تركيا اكبر من اردوغان وحزبه. على عكس روسيا هو قرار بوتين ومجموعته المالية. تركيا عضو في الحلف الأطلسي أيضا. تركيا لا تعيش ازمة اقتصادية. هذه فوارق تجعل بوتين يلجأ اكثر فأكثر لإسرائيل أيضا كجزء من القداسة الغربية. مستفيدا من خلاف عابر تركي إسرائيلي. بغض النظر عن رؤية الكثيرين فإن تركيا لم تسع جديا لاسقاط الأسد. حتى لو كانت الرغبة قائمة لدى أكثرية نخبها السياسية، إلا انها محكومة بسياق دولي وداخلي لا تستطيع الخروج منه. لسؤال ما الذي تخسره تركيا من هذه الحرب البوتينية؟ هذه الحرب ستقوي علاقتها بالغرب أكثر. ستصبح طرفا أكثر فاعلية في الحراك الدولي حول سورية، باعتبارها جارة لساحة الحرب البوتينية هذه. السياسة الامريكية في هذه المنطقة ومناطق الكومنولث الروسي تحتاج لتركيا كحليف. الطرف الوحيد الذي يمكنه التأثير على تركيا لو أراد هو الطرف الأمريكي. تماما كما يؤثر على غيرها من دول الناتو. أما حركة بوتين واستجدائه لإسرائيل فهي مزيدا من الحلقة المفرغة للعنف، التي تريدها أمريكا أوباما في المنطقة إلى حين. كما أن اعلان موسكو الآن أنها قبلت بالمقترحات الامريكية بشأن قتال داعش.

وأنه سيتم مناقشتها مع البنتاغون هذه الأيام. طرح سؤالا آخر، إلى أين يريد الوصول السيد بوتين في حربه هذه؟ ربما من مصلحة بعض دول في المنطقة قيام حرب روسية تركية. إيران الملالي إسرائيل والسيسي مصر. لكن هل هي من مصلحة روسيا؟ هذه افتراضات تحدث عندما لا تكون تركيا عضوا في الناتو. لكن على فرض انها كذلك فهل من مصلحة بوتين الدخول في مثل هذه المغامرة؟ بقاء الأسد هكذا لسنوات - كفأر في جحر-- أو رحيله هو سيان بالنسبة لتركيا. لأنها رابحة في كلتا الحالتين. النقطة الرخوة في الخاصرة التركية هي المسألة الكردية. لكن لكون من يتصدر مشهدها حاليا محمول على حلف إيراني اسدي، فإنها تتحول إلى نقطة قوة لاردوغان وحزبه. عكس ما يتوهم أعداء اردوغان. لأن سقف تحركاتها ستكون محكومة بالمصلحة الملالية الاسدية. هذه سقفها مثقوب ومنخفض. الروس يعرفون من هي داعش، كما يعرفون ماذا تعني بالنسبة لتركيا. المعركة بين داعش والبي كي كي هي معركة تخدم تركيا والأسد وإيران، وهذا سقف حركة البي كي كي في جبال قنديل. قيادة جميل بايق لم تستطع فصل المطالب الكردية المحقة في تركيا، عن هذه الحمولة الملالية الاسدية. من يدري ربما يواجه جميل بايق في لحظة ما، مصير عبد الله اوجلان نفسه. ويسلمه الملالي والأسد لتركيا.

فأي مصلحة تتضرر فيها تركيا من هذا العدوان الروسي على الشعب السوري. واهم من يعتقد إن بقاء الأسد لسنوات في جحره هو ضد مصلحة تركيا. لو كان ضد مصلحة تركيا لقامت تركيا بكثير من الخطوات وتستطيع القيام فيها والتأثير النسبي على مجريات الحدث السوري. لهذا من له عداء مع تركيا أو اردوغان فليخيط بغير هذه المسلة. العدوان البوتيني هو على الشعب السوري فقط. والخسارة هي من دماء شعبنا فقط. فهل يستطيع بوتين اجتياح سورية بريا؟ لأنه لا يستطيع فإنه خاسر بالضرورة. لأن داعش ليست ضد روسيا بوتين، لم يصدر أي موقف حتى اللحظة ضد بوتين. لن تخسر تركيا من حركة بوتين، بل ستربح لأنها حركة في حلقة مفرغة على حساب الدم السوري. كما أن بوتين لا يستطيع فرض حل نهائي في سورية، بدون تركيا وامريكا. فأين هي الخسارة التركية اشيروا لنا عليها. كما أن تركيا ليست هدفا لبوتين، فهو حريص على الاستثمارات الروسية في تركيا.