إنطلقت ثورة الجياع..إنتفض شعب كردستان أخيرا ضد الظلم والإضطهاد والقمع وكبت الأصوات.. قام الشعب ضد سياسة التجويع الذي مارسه حزب بارزاني بهدف إركاع الشعب والدوس على كرامته الإنسانية..

فالتظاهرات التي إنطلقت الخميس إمتدت كالنار في الهشيم من السليمانية الى قلعة دزة ثم الى سيد صادق وكلار وجمجمال ورانية وكويسنجق والعديد من المناطق الخاضعة لسيطرة الإتحاد الوطني وكأن الناس كانوا في إنتظار شرارة اللهيب ليثأروا لكرامتهم المهدورة.

داهم المواطنون الغاضبون مقرات حزب بارزاني الذي إعتبروه مسؤولا عن مآسيهم وعن تدهور أحوالهم المعيشية والإنسانية، وأحرقوا عشرات المقرات التابعة لهذا الحزب تعبيرا عن الغضب والجوع والفاقة والحرمان..

قبل أيام كشفت بعض المصادر السياسية "أن خبراء ومستشارين لقيادة حزب بارزاني شكلوا لجنة مصغرة لأدارة الأزمة السياسية الحالية حول رئاسة كردستان والسعي لإعادة تنصيب مسعود بارزاني رئيسا لمدى الحياة، وكان أول قرار أو توصية تم إتخاذها من قبل تلك اللجنة وتنفيذها من قبل الحزب هي خلق حالة من الفوضى الخلاقة من خلال إعلان إخلاء خزائن الحكومة وتأخير متعمد لرواتب الموظفين ووقف تمويل المشاريع الخدمية وخلق أزمة في الوقود وتجهيز الكهرباء بما يجعل المواطن الكردي يتحسر على أيام ماقبل الأزمة الرئاسية، لكي يضغط على بقية الأحزاب الكردستانية من أجل التمديد لبارزاني بأي ثمن كان تخلصا من تلك الحالة الفوضوية".

&ولكن السحر إنقلب على الساحر هذه المرة وإنتصرت إرادة الخير على إرادة الشر والدمار.

فبعد أن دس حزب بارزاني العشرات من أعضاء جهازه الإستخباري (الباراستن) الذي يوازي جهاز المخابرات الصدامي بصفوف المتظاهرين الذين تجمعوا يوم الخميس أمام فندق غراند ميلينيوم للضغط على الإحزاب الخمسة الرئيسية المجتمعة هناك بهدف إنهاء الإجتماعات العقيمة والتوافق على حل ينهي الصراع، وحاول هؤلاء المندسين خلق حالة من التصادم بين المتظاهرين هناك والقوات الأمنية وإستخدام ذلك كورقة ضغط على الأطراف الأربعة الأخرى بهدف تقديم تنازلات أكبر فيما يتعلق بإعادة تنصيب بارزاني لسنتين أخريين، لكن السحر إنقلب عليهم، حيث أنهى الشباب تظاهراتهم بشكل سلمي وفوتوا على هؤلاء المندسين فرصة التخريب، ولكن لهيب التظاهرات إنتقلت في اليوم التالي الى بقية مناطق كردستان وتم خلالها حرق عشرات المقرات التابعة لهذا الحزب.وسقط العديد من الشهداء والجرحى على أيدي أعضاء هذا الحزب المحتمين داخل مقراتهم والذين أطلقوا النار بإتجاه المتظاهرين بعد أن خرج مكتبهم السياسي ببيان أكد فيه" أن مقرات الحزب تعتبر من الأماكن المقدسة التي يفترض عدم التهاون في الدفاع عنها من قبل أعضاء الحزب".

هذا كان رد مجلس حكماء ( المكتب السياسي) لحزب بارزاني الذين إعتبروا شبابيك وجدران مقراتهم أثمن وأٌقدس من دماء الشباب التي هدرت هناك، وكما إدعى أعضاء هذا الحزب سابقا بأن مسعود بارزاني هو بقداسة الأنبياء عندهم يفترض بالشخص الوضوء قبل التلفظ بإسمهم، فإن كل شيء يمت بصلة لهذه العائلة الفاسدة بحق الوطن والشعب أصبحت بمرتبة القداسة حتى لوكان زجاجا أو بلوكا يجب الدفاع عنها بإراقة دماء الشباب الكردي.

لقد حاول هذا الحزب الدكتاتوري كعادة بقية الأحزاب الدكتاتورية تبرير تلك الهجمات بوجود مخططات مشبوهة ضدهم.. فكما كان صدام حسين يدعي بأنه يحارب حلفا ثلاثينيا صهيونيا إستعماريا في حرب الخليج الثانية، إدعى بشار الأسد في بداية ثورة الشعب السوري بأنه يتعرض لمؤامرة كونية، وحزب بارزاني يدعي في بياناته أنه يتعرض لمؤامرة من الإتحاد الوطني وحركة التغيير والجماعة الإسلامية وهي أحزاب معارضة لنهجه الدكتاتوري وتشاركه في إدارة الحكومة والبرلمان..فبيانات الحزب وتصريحات قادتهم تركز بالهجوم على حركة التغيير وزعيمه نوشيروان مصطفى وتتهمه بأنه وراء تحريك الشارع الكردي والهجوم على مقراتهم، في حين أن نوشيروان غير متواجد داخل كردستان وهو في جولة أوروبية حاليا، كما أن حركة التغيير هي بالأساس حركة مدنية غير مسلحة ولا تؤمن بالعنف الثوري بل تدعو الى التظاهر السلمي، وهذا ما أكده أحد أبرز قيادات الحركة جلال جوهر فور إعلان التظاهرات حيث دعا الى ضبط النفس والتظاهر سلما دون أي عنف، ولكن حزب بارزاني إتهم الحركة وهددها بإلغاء إتفاق إشراكه بالحكومة وتسليمه رئاسة البرلمان كرد فعل على تظاهرات السليمانية.

تطور مثير ولافت حدث يوم أمس بالتظاهرات حيث رفع المتظاهرون شعار( إرحل) ضد رئيس الإقليم مسعود بارزاني المنتهي ولايتيه الأصلية والممددة، وهذا بحد ذاته يعتبر تطورا مهما جدا يؤكد بأن الإحتجاجات ستتواصل الى حين إسقاط نظام بارزاني وحزبه في كردستان.

أتوقع أن تستمر الثورة حتى النصر، وأعتقد أيضا بأنه سوف يأتي يوم سيصدر برلمان كردستان قانونا لإجتثاث هذا الحزب الفاشي لكي يتخلص الشعب الكردي الى الأبد من ارتكابات مسعود بارزاني بحق كردستان وشعبه.