مازلت مندهشا من الطريقة العنيفة التي انتهجتها حركة التغيير المعارضة"السابقة"بزعامة القيادي الراديكالي السابق المنشق عن حزب"طالباني"،"نوشيروان مصطفى"في قضية رئاسة اقليم كردستان وتجديد الولاية الثالثة لرئيس الاقليم"المنتهية ولايته"مسعودبارزاني زعيم حزب الديمقراطي الكردستاني الذي جاء في مقدمة الفائزين في انتخابات عام 2014 بحصوله على 38 مقعدا في البرلمان وكان من الممكن التوصل الى حل سياسي عبر التوافق والحوار بين الفرقاء السياسيين المشاركين في السلطة وعلى رأسها حركة"التغيير"التي تولت عدة مناصب وزارية مهمة في الحكومة الحالية، وطوال مدة مشاركتها في ادارة الاقليم"وهي تقارب السنةونصف"التزمت هذه الحركة الصمت المطبق ولم تبد اي معارضة من اي نوع لاداء الحكومة التي كانت تنتقدها سابقا بأستمرار وتعتبرها فاشلة على كل الصعد , ولكن فجاة ودون سابق انذار انتفضت وثارت ضد"بارزاني"وحزبه بصورة لم يسبق لها مثيل، وصلت الى حد التظاهر العنيف والقتل وحرق المقرات والمكاتب التابعة لحزب الديمقراطي الكردستاني , ووضعت استقرار الاقليم ومصيره على كف عفريت، وعادت الحركة من جديد لتتصدر القوى المعارضة للحكومة ولرئاسة"بارزاني"الثالثة، مع ان وزرائها مازالوا يمارسون وظائفهم بشكل طبيعي، والسؤال المطروح بقوة لماذا الان؟ والمنطقة تمر بمرحلة تاريخية خطيرة قد تنطلق منها حرب عالمية ثالثة وخاصة بعد اعلان روسيا تدخلها العسكري السافر في سوريا وتشكيلها التحالف الرباعي مع العراق وسوريا وايران، واي خطأ بسيط في الحسابات السياسية قد ينهي الحياة الآمنة والجميلة الموجودة في الاقليم ويعيدها ثانية الى عهود التبعية والعبودية للدول الاستعمارية الاقليمية..منذ نشوء ازمة رئاسة الاقليم قبل اكثر من شهرين والحزبين المعارضين لسلطة"بارزاني"حركة التغيير والاتحاد الوطني بزعامة"طالباني"، قد نحيا خلافاتهما السياسية العميقة جانبا وبدءا ينسقان موقفهما المعادي لحزب بارزاني وينظمان ضده حملة اعلامية شرسة بعد ان ظنا انهما وصلا الى طريق مسدود معه في قضية رئاسة الاقليم، ولم يبق امامهما الا ممارسة الضغط والقوة العنيفة؟ ولكن متى كان التخريب وقتل الناس سبيلا حكيما للوصول الى حكم رشيد وتكريس مباديءالديمقراطية؟ الا اللهم في المجتمعات الثورية الانقلابية المتخلفة التي كانت شائعة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي والتي مازالنا ندفع ثمن نتائجها المدمرة الى الان، برأي ان"نوشيروان مصطفى"بدرجة رئيسة وبعض قادة الاتحاد الوطني الكردستاني ينسبون الى هذا الجيل الثوري الراديكالي الذي يؤمن بالتغيير الفوري للواقع السياسي من خلال القسوة والتطرف والقوة المفرطة، والعجيب ان اقطاب حزب"طالباني"استطاعوا بدهاء ان يوظفوا قدرات حركة التغيير في تحشيد الجماهير والتأثير عليهم لصالح اهدافهم الاستراتيجية وتوجيهها ضد عدوهم التاريخي اللدود حزب"بارزاني"، بعد ان كانوا يخوضون صراعا مرير مع هذه الحركة لعدة سنوات، بعكس حزب"بارزاني"الذي عجز تماما عن استيعاب الحركة المعارضة الناشئة والعمل على ضمها لصالحه او لصالح استقرار المجتمع وعدم تعكير صفوه..والان ما العمل ؟ ماذا نفعل لتفادي الازمة الحالية ونعيد استقرار الاقليم الى سابق عهده؟ اولا وقبل اي شيء على الاحزاب الكردية الخمسة ان يوقفوا كل اشكال التصعيد وخاصة التصعيد الاعلامي وردع بعض الاعلاميين الفاسدين وكتاب السوء من الاصطياد في المياه العكرة وايقافهم عند حدهم، فالديمقراطية لاتعني ابدا ان يتلاعب هؤلاء الكتاب بمصير امة وهي في طور التكوين واعدائها يحيطون بها من كل مكان، ومن يتصفح بعض الجرائد والمجلات الكردية الصفراء يرى مدى الحقد والكراهية التي تبث فيها كل يوم من دون رقيب او حسيب باسم الديمقراطية وحرية الرأي حتى وصل الواقع الكردي الى الحالة المزرية التي عليها الان..على هذه الاحزاب الكردية الخمسة ان تجتمع فورا ودون قيد او شرط وتضع خلافاتها"الصبيانية"جانبا"ولو بشكل مؤقت"لوضع حل عملي للوضع الراهن الذي يبدو انه سينفلت شيئا فشيئا، ومن يرفض منها عن ابداء بعض المرونة ويخرج عن اجماع الاراء وثوابت الامة، فان تهمة الخيانة والعمالة لجهة اقليمية معادية ستلتصق به الى الأبد.

&